في مساعيها لنيل الدعم والمساندة السياسية والاقتصادية والعسكرية في حربها ضد روسيا، تولي أوكرانيا وجهها صوب الغرب وحلفائه في جميع أنحاء العالم، احتياج دفعها إلى أن تطلب بشكل مباشر من إسرائيل إمدادها بالأسلحة، لكن الرد الإسرائيلي جاء مخيبا لآمالها.
وفي حوار له مع مجلة فورين بوليسي الأمريكية، يوضح ألون ليل، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، أسباب الرفض ودلالاته، وفيما يلي نص الحوار.
فورين بوليسي: لماذا لا ترغب إسرائيل في إرسال أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا؟.
ألون ليل: منذ اليوم الأول لاندلاع هذه الحرب كان القرار الإسرائيلي تجاهها يتسم بالأنانية، فإسرائيل تنظر فقط من زاويتها الخاصة، وفي البداية كان هناك اعتبارات تتعلق بسوريا ثم اعتبارات أخرى تتعلق بالاتفاق النووي مع إيران.
وعندما تولى يائير لابيد رئاسة الوزراء في يوليو الماضي بعد نفتالي بينيت، قام ببعض التغييرات بإرسال الخوذات والمعدات الدفاعية الخفيفة إلى أوكرانيا، وهو ما أغضب الروس وسوف ننتظر لنرى ما سيفعله لابيد حال فوزه بانتخابات نوفمبر المقبل، فهذا موضوع مثير للجدل في إسرائيل، ففي حين يدعم معظم الشعب الإسرائيلي أوكرانيا، يتقيد السياسيون بموقف المؤسسة العسكرية، التي تأخذ في الاعتبار موقف روسيا باعتبارها الطرف المتفوق جويا في سوريا أكثر من أي شيء آخر.
فورين بوليسي: هل لدى المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ما تقوله في هذا الشأن؟
ألون ليل: نعم، فنحن نعتبر أنفسنا جزءا من الغرب، وسوف نظل كذلك ويجب أن يكون ولاؤنا للمعسكر الغربي، لكن العسكريين ينظرون إلى الأمور من زاوية ضيقة بينما يتعين على السياسيين الرؤية من منظور أوسع وأكثر مرونة.
فورين بوليسي: هل تعتقد أنه يجب أخذ الاعتبارات الأخلاقية في الحسبان عند اتخاذ مثل هذه القرارات مع العلم أننا نتحدث عن دولة تتعرض للغزو؟
ألون ليل: في السياسة الخارجية الإسرائيلية التي كنت جزءا منها على مدار عقود، لم تكن الاعتبارات الأخلاقية يوما ضمن الأولويات، بل كانت تأتي دوما في المرتبة الثانية، هذا إذا جاءت أصلا، ما يهم هو الاعتبارات السياسية الواقعية، ولا تمثل الحالة الروسية الأوكرانية استثناءً، فإسرائيل تضع مصالحها أولا، وإذا تحدثنا عن موقف المؤسسات العسكرية والأمنية، فهي تريد أن تعود الطائرات المشاركة في قصف سوريا سالمة، لكن عند النظر من زاوية أوسع إلى الاتجاه السائد في العالم، يتضح مدى تفاهة هذا الاعتبار، فإذا كان لا بد من المشاركة في قصف سوريا، فمن الممكن تنفيذ هذا الهدف بطرق أخرى وليس فقط بالطائرات، لذا فقد كان هذا خطأ إسرائيليا وأتمنى ألا يكلفنا ثمنا فادحا مستقبلا.
ففي حال انتهت الحرب بانتصار المعسكر الغربي، سيتذكر الجميع أن إسرائيل رفضت أن تساهم في جهود إحراز هذا النصر، وفي الواقع فنحن نخدع الغرب بهذه السياسة، لكن مؤسستنا العسكرية ترى الأمور على نحو مختلف.
وعلى المستوى الأصغر، إذا كان صانع القرار يهتم بعدد اليهود الذين سيغادرون روسيا وعدد الهجمات التي يمكن أن ينفذها في سوريا، فإن هذا قد يكون صحيحا على المدى القصير، لكن بنظرة بعيدة المدى سيكون هذا خطأ أخلاقيا وسياسيا إذا لم يتم تداركه.
فورين بوليسي: ما الآثار التي يمكن أن تترتب على تزويد إسرائيل لأوكرانيا بالأسلحة؟
ألون ليل: حتى لو لم تكن أسلحة دفاعية فقط، يمكن لإسرائيل أن تؤثر في هذه الحرب، فالسلاح الذي نمتلكه أكثر تطورا بما لا يقاس من السلاح الإيراني الذي تستخدمه روسيا، فنحن قوة عسكرية والجميع يعلم ذلك بمن فيهم الأوكرانيون والروس، يمكننا صنع الفارق لصالح الجانب الأوكراني، ويمكن لهذا أن يغير مسار ومستقبل الحرب.
ربما يعتقد ساستنا أن تدخلنا لتغيير مصير الحرب أخطر بكثير مما يمكن تحمله في مستقبل العلاقات مع روسيا، التي تتعاون مع إيران وتمتلك ترسانة نووية، هذا سبب التردد، لكني ما زلت أعتقد أننا يجب أن نتدخل.
فورين بوليسي: هل تهتم إسرائيل بمقارنة الدول الأخرى بين الاحتلال الروسي لأوكرانيا والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية؟
ألون ليل: كلاهما احتلال غير أخلاقي، فحكومتنا ترتكب خطأ باحتلال الضفة الغربية وبموقفها من الحرب الروسية الأوكرانية، وأعتقد أن بعض السياسيين يرجحون أن الغرب لا يؤيد قيامنا بضم أراضي الضفة الغربية وفقدان ديمقراطيتنا، وإني لأتسائل عن السبب الذي يجعل إسرائيل تدعم الدول الديمقراطية إذا كانت لا تريد أن تكون دولة ديمقراطية.
فورين بوليسي: ما مدى أهمية اصطفاف إسرائيل إلى جانب الغرب؟
ألون ليل: نحن ندين بكل ما لدينا للولايات المتحدة، فهي أكبر داعم سياسي واقتصادي وعسكري لنا تاريخيا، والسبب الذي يجعلنا نقول أننا انتصرنا في الحرب ضد الفلسطينيين هو تحالفنا مع الولايات المتحدة، خاصة خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والجمهوريين، وأعتقد أن رفضنا المطالب الأمريكية بمساعدة أوكرانيا سيكون له ثمن، لكن إسرائيل تثق أن الولايات المتحدة لن تفعل أي شيء ضدها مطلقا حتى مع إصرارنا على الرفض، ولكني غير متأكد من استمرار هذا مستقبلا.
فورين بوليسي: هل تقوض إسرائيل مزاعمها بالانتماء للمعسكر الغربي؟
ألون ليل: إسرائيل تقول دوما إنها دولة ديمقراطية، فالحكومة تؤكد باستمرار أننا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وأننا جزء من الغرب، لكن سياسة الاحتلال تنفي كوننا دولة ديمقراطية، كما أننا نصبح جزءًا من الغرب عندما يناسبنا ذلك فقط، وفي حالة الحرب في أوكرانيا فإن ذلك لا يناسبنا لأننا نريد الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع روسيا ولا نرغب في المخاطرة، لكني أرى أن تركنا الولايات المتحدة وأوروبا تتحملان عبء هذه الحرب وبقاءنا على الحياد في انتظار المنتصر فيها لنقرر ما نفعله، ليس بالتصرف الأخلاقي.