الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المؤتمر الاقتصادي

نهال علام
نهال علام

أشعر بالحرج الإنساني لهؤلاء الذين يمتهنون العرج الأخلاقي، كذب بلا مداراة وافتراء على الوطن بلا مواراة، لا يشغلني أن تتفق مع السياسات أو تختلف عليها، ولا يضيرني أن تحب الحكومة أو تنتقدها، لكنى اتعجب من هذا العداء للوطن، لتلك الأرض العطرة التى خرجت منها بعض الأفكار العِكرة.

كيف أوتيتم من التشكيك أرذله! كيف لضمائركم ألا تجنح لتلك الإنجازات التي كانت في مسيرة وطن أبرزه! شجيرات التنمية التى باتت تطرح في جنبات المكان، فلقد اشتد عودها ولم تعد بذوراً مغروسة، بل أرواحاً ملموسة وبنسائم الخير مغموسة.

ساعات تفصلنا عن المؤتمر الاقتصادي الذي يثير حنق تلك الشرذمة ذات العقل الفاضي، ولكن هذا المؤتمر تحديداً يُمثل نقلة نوعية في تعريف إرادة الدولة المصرية، فمنذ أيام قليلة وفي هيئة قناة السويس العريقة وأثناء تدشين الرئيس عدداً من الوحدات البحرية وافتتاح القرية الأولمبية واستعراض تقارير مصر التنموية، طالب الرئيس مطالبات ثورية تترجم أحلام المواطن الاقتصادية.

أولها أن تذلل كل العقبات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي والصناعة في غضون شهرين على أقصى تقدير، أما ثانيها فهو أن تصل الصادرات المصرية لمائة مليار دولار في أقرب وقت وتلك ليست أمنية مستقبلية، ولكن قرار يتسم بالآنية، بدأت ترجمتها بارتفاع صادرات مصر العالمية لأكثر من ٥٦٪؜ في عام من أصعب الأعوام دولياً منذ الحرب العالمية الثانية، لذا كانت الإرادة السياسية أن يعقد مؤتمرات نوعية لمناقشة المشكلات وتعريف التحديات والقضاء على المعوقات التى يتعثر فيها مستقبل الصناعة والاستثمار في مصر.

ولأن زمن الكلمات الدعائية ولى، وعهد القرارات الحاسمة قد حل، لذا هي بضع لحظات تفصلنا عن المؤتمر الذي يستضيف ٢١ جهة دولية ومحلية، وكوكبة من رجال الاقتصاد والصناعة لرسم خارطة طريق لاقتصاد أكثر تنافسية، يكون هو المصباح لطريق الوطن على مدار الثمانى سنوات القادمة، يحقق طموحات المواطنين، ويلبي أحلام الطامحين.

ولأن الشيء بالشيء يذكر والتجربة بنظيرتها تبرهن، لذا لنتذكر المؤتمر الاقتصادى في شرم الشيخ الذي عُقد في عام ٢٠١٥ وسط ألسنة تلوك بالكثير من أمنيات الفشل الذي ما امتهنوا غيره، وما قدموا للوطن سواه، جاءت فكرة طرح المؤتمر الذي وفر فرصاً استثماريةً تفوق ١٧٥مليار دولار ، تتركز في قطاعات الكهرباء بقيمة ٢٣مليار دولار، والبترول ٢١مليار دولار، والعقارات بنحو ٦٠مليار دولار، والكثير من القطاعات الأخرى التي نتساءل اليوم عن حال الوطن لو ما كانت تلك المشروعات أضيفت لعجلة الاقتصاد الوطنى، مثل قطاع اللوجستيات والخدمات و التوسع في التكنولوجيا، مثل مركز تجارة الحبوب والغلال بميناء دمياط ومدينة التجارة والتسوق بالعين السخنة، باستثمارات إماراتية وصينية وغيرها من المشروعات العقارية العملاقة في كل ربوع الجمهورية لإنشاء مدن عمرانية، ذات أبعاد عمرانية واقتصادية واستثمارية.  

إضافة إلى مذكرة تفاهم لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وكانت فكرة خارج التوقعات بعد كل تلك السنوات نجني ثمارها، ونحن على أعتاب جمهورية جديدة تليق بتلك الانجازات العديدة، التي مثلت خارطة طريق للاقتصاد فيما مضى من سبع سنوات.

ولكن لأن الزمن متغير ودوام الحال أمر مستحال، لذا كانت الحاجة لتجديد الدعوة مع المتغيرات الجديدة سواء الطبيعية بفعل الزمان أو الاستثنائية بسبب الجيران، ولو في أقصى شمال العالم ويفصل بيننا  آلاف الأميال، وكما قال الرئيس "نقعد مع بعض ونحل أي معوقات" وذلك قمة العقل والرشاد، ولا يعني الإشارة لانتقاص في السياسات، بل هي فرص لمواجهة التغيرات.

فلا مجال للشك وهذا قول حق، أن مصر على مدار أعوام طويلة مرت بأزمات عاصفة وجسيمة، تركة ثقيلة استلمها الرئيس ولا اتكلم عن تركة الفساد والعشوائيات والجهل وانهيار الخدمات، لكن سأذكر فواتير يناير التي كان مطالباً بسدادها ورمق إرهابها، الذي تكلف دحضه ثروة طائلة من الأرواح الطاهرة والأموال السائلة.

وما أن بدأ الوطن يستعد لالتقاط أنفاسه إذا بكورونا تنازع حقه في الحصول على الهواء، ويتجه العالم وينشغل بتوفير الدواء والغذاء ولا داعي للكساء ففي العزل كل الملابس سواء، وبعد تلك الفاتورة الفادحة، دخل العالم في معركة كاسحة لتخفيف آثار الحرب الروسية الأوكرانية، ولولا الأوامر الرئاسية بسرعة استزراع القمح والحبوب الاستراتيجية لكان السيناريو المتخيل شديد السواد فنحن شعب لدينا ٢٦مليون طالب أي بحاجة لقرابة الخمسين مليون ساندوتش صباحياً فماذا لو عجزت الدولة عن توفير القمح!

مصر عظيمة، دولة كتب الله لها النجاة من كل ما يمكر بها من مشاكل جسام، سخر لها من أبنائها من يُكون باراً بها، ويربت كتفها بعد الخيانة التي تعرضت لها، ولازالت بذلك الاغتيال المعنوي على صفحات السموم والكذب المحموم، فصبراً جميلاً على ما تصفون، وإذا كنتم لا تستحون فذلك كشف حساب عما سبق من اختيارات، ويكفى أن مؤشرات الجمهورية الجديدة على سبيل المثال وليس الحصر تؤكد أن مؤشر مصر ارتفع في تصنيف الاستثمار بأفريقيا للمرتبة الأولى بعد أن كان في المرتبة السادسة في ٢٠١٤.

كما تقدمت مصر ١٧ مركزًا في مؤشرات الدول الجاذبة للاستثمار، و٢٨ مركزًا في مؤشر التنافسية، و٥١ مركزًا في مؤشرات الموارد البشرية، و١٠٠ مركز في مؤشرات جودة الطرق العالمية، و ٤٦ مركزًا في جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، وأيضاً تقدمت ١٣ مركزًا في التوجه للطاقة المتجددة، و١١ مركزًا في مؤشرات التنمية البشرية.

فهل تلك الإشارات تكفي! أم لازال الكبرياء في الاعتراف بما وصلت إليه مصر درباً من الرياء الذي يجلب لقلوبكم المُر ولعقولكم المزيد من الغباء!
ويذكركم بنهضة الفنكوش التي ما رأينا منها إلا الدم والتخريب والتكويش، والكثير من التراجع في هوية الدولة العريقة ناهيك عن أحلام المواطن البسيطة، ولكن لأنها مصر المحروسة فهي بعناية الله محفوظة، والغد قادم والحساب قائم، وسنذكركم بما لا تهوى أنفسكم من تنمية ونماء وخير ورخاء قادم، لأن مصر أبنائها أوفياء، وعلى عهد أمانتها أقوياء.