فقدان البصر، لم يحرمه أن يحلم و يطمح مثل أقرانه الذين لم يراهم منذ أن قدم إلى الدنيا ، فكان التحدى الأكبر بتعلم طريفة برايل للمكفوفين و التى استطاع إنجازها خلال أسبوعين فقط بمعهد النور للمكفوفين بمدينة قنا ، ليرى من خلاها نور الحياة، الذى حرم منه منذ ولادته.
إبراهيم سعيد، ابن قرية بئر عنبر التابعة لمركز قفط جنوب قنا ، فقد نور العيون لكنه لم يفقد نور البصيرة، فقد كرس جزء كبير من وقته لحفظ القرآن الكريم وتقليد مشاهير القراء، طامحاً أن يكون من قراء الإذاعة المصرية فى المستقبل، بعدما خصص جزء كبير من وقته وحياته للاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم، ليحفظ منها ما تيسر من آيات الله ويتعلم التجويد والتواشيح الدينية.
الحفلات التي لم يتمكن من حضورها سواء في قريته أو معهد النور للمكفوفين، لا يترك إبراهيم، الفرصة دون أن يشارك فيها بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم، أو المدائح النبوية، مع خفة ظل تؤكد حالة الرضا التي يعيشها جراء الإعاقة التي جعلته يعيش حياة مختلفة عن الآخرين.
قال إبراهيم سعيد، أدرس حالياً بالمرحلة الإعدادية في مدرسة النور للمكفوفين بمدينة قنا، والتي أذهب إليها أسبوعياً ، و تعلمت من خلالها طريقة برايل للمكفوفين خلال وقت قياسى، حيث استغرقت أسبوعين فقط، وهو ما ساعدني أن أرى الدنيا من خلال المكتوب بطريقة برايل، فقد كان لدى إصرار كبير لمعرفة ما يدور حولى من خلال الاعتماد على نفسى فى القراءة، كما اعتمد على نفسى فى سماع ما يتاح لى سماعه سواء قرآن كريم أو معارف مختلفة.
وأضاف سعيد: "فقدان البصر لم يكن عائقا أمام طموحاته، سوى بعض المعاناة التي قابلها خلال الانتقال من قريتي بئر عنبر بقفط إلى مدينة قنا، فقررت من البداية أن أعيش حياتي بشكل طبيعي، خاصة و أن إصابتى بالعمى وراثية وليس لها علاج، فكان لابد أن أتعايش مع هذا الأمر، و أن استكمل حياتى بشكل طبيعى كنا أنا، فقد ولدت كفيفاً و تعودت على تخيل الأشياء و الأشخاص".
وأوضح سعيد، بأن فقدانه للبصر لم يكن الأول من نوعه في عائلته، فهناك آخرين ولدوا مكفوفين، و الطبيب أخبر والده بأن المرض وراثي، ولا جدوى من العلاج، لذلك سلمنا أمرنا لله، وقررت استثمر موهبتى فى قراءة القرآن الكريم بمساعدة والدتى، ومتابعة مشاهير القراء على الراديو، و بدعم مستمر من والدى.
وأشار سعيد، إلى أنه حريص على الذهاب إلى المسجد و المشاركة في الحفلات التي تتم في القرية، رغم صعوبة التحرك في بعض الأحيان، لعدم وجود مرافق في الطريق، متمنياً أن يكرر نموذج طه حسين، في العلم والثقافة، و أن يصبح من مشاهير قراء القرآن الكريم في المستقبل وعلى رأسهم الشيخ محمود الخشت والشيخ محمود الشحات.