التغيرات المناخية باتت هي الخطر الأكبر التي يواجه العالم، خاصة الدول النامية والفقيرة التي يقع أغلبها داخل القارة الافريقية وتحديدا منطقة الصحراء الكبرى والقرن الأفريقي.
معاناة القارة الافريقية
وكشفت عدة تقارير أن هناك أزمة تهدد بعض الدول الافريقية الناتجة عن التغيرات المناخية وانتشار التصحر والجفاف ومن بين هذه الدول، موريتانيا، وتشاد، والنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو.
وتعد ظاهرة التصحر والجفاف وتدهور الأراضي، بفعل تغير المناخ، أحد شواغل القارة الإفريقية والعالمية، حيث يدفع التصحر إلى هجرة البشر ونشوب الصراعات وانعدام الأمن الغذائي.
ويتسبب التصحر سنويا في تدهور 12 مليون هكتار من الأراضي، ويؤثر في 40% من سكان العالم، ويصيب جميع القارات، وتمثل هذه الظاهرة خطرًا حقيقيًا يهدد صحة الإنسان والتنوع البيولوجي والمناخ والأمن الغذائي والاستقرار والأمن.
وناتجا عن ذلك، يتزايد الصراع الدموي بين المزارعين والرعاة على المياه والمحاصيل، ليصبح خطرا في إفقار وتهديد استقرار هذه الدول.
وفي ظل ضعف هطول الأمطار في دول الساحل الخمس: موريتانيا، وتشاد، والنيجر،ومالي، وبوركينا فاسو، يحذر تقرير للبنك الدولي عن تغير المناخ في المنطقة، وتعرض 13.5 مليون من السكان للفقر والجوع بحلول عام 2050، نتيجة تصاعد العنف بين المزارعين والرعاة وتنامي الإرهاب.
وشهدت المناطق الحدودية بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، وبنين وتوغو، صراعات مسلحة على مناطق الرعي والمحاصيل والمياه والماشية، وفقا لتقرير برنامج الأمن والتغير البيئي التابع لمركز ويلسون، مقره واشنطن.
وسجلت دول الساحل 1620 حادثة بين الرعاة وكل من السكان المحليين والميليشيات المتمردة والإرهابية، تسببت في وفاة 5986 من مايو 2019 إلى مايو 2020، كما ترصد منظمة أكليد (Acled) المتخصصة في جمع البيانات حول النزاعات المسلحة.
تقدر الأمم المتحدة أن 80% من المناطق الزراعية في حزام الساحل متأثرة بتغير المناخ، ويخشى باحثو المناخ أن ترتفع الحرارة هناك 3 درجات على الأقل بحلول 2050.
ونتيجة لذلك، فإن موجات الجفاف والفيضانات تزداد تكرارا وهو ما يقوض إنتاج الغذاء، حيث يعمل أكثر من 40% من السكان في الزراعة، ويعتمد 50 مليون شخص على تربية الماشية، في حين أن الأراضي المتاحة للرعاة آخذة في الانكماش.
أن افريقيا تشهد حالات الجفاف الأكثر تواتراً وشدة، والفيضانات، وموجات الحر وغيرها من التأثيرات الناجمة عن المناخ، بما في ذلك التصحر المتسارع، وتآكل السواحل، وانقراض الأنواع، وفقدان الموائل وتسبب الخراب للاقتصادات الأفريقية، وإن الآثار السلبية لمثل هذه الأحداث يتم الشعور بها في جميع أنحاء القارة.
وباعتبار كثافتها السكانية العالية فإن أفريقيا تقع في نطاق مهدد بالشح المائي وتتعرض إلى تداعيات سلبية للتحول المناخي، بسبب اعتمادها على الزراعة على رغم كثرة مواردها الأخرى، مما يؤثر في وفرة الغذاء والأمن القومي لدولها.
لخروج افريقيا من أزمتها
لذلك تحتاج الدول الأفريقية للخروج من أزماتها الناتجة عن التغير المناخي الذي أدت إلى الجفاف والتصحر ضرورة اعتمادها على مصادر “الطاقة المتجددة”.
ويمكن تحقيق رؤية الخروج من عنق الزجاجة باستثمار “الغاز الطبيعي المسال” الذي برزت أهميته اقتصادياً وبيئياً، ويمكن أن تستخدمه بعض الدول وسيلة أمان سياسي واقتصادي وبيئي.
وفي هذا الإطار، تناول الرئيس السيسي في أسبوع القاهرة للمياه مشكلة أفريقيا قائلا: وينطلق موقف مصر، من اقتناعها بأن الالتزام بروح التعاون والتوافق، على مساحات المصالح المشتركة هو السبيل الوحيد لتجنب الآثار السلبية، التي قد تنجم عن الإجراءات الأحادية في أحواض الأنهار وهو ما أثبتته أفضل الممارسات الدولية بما في ذلك في أفريقيا.
كما ينطلق موقف مصر أيضًا، مـن كونها تتشارك ذات المسعى للتنميـة، مع مختلـف الـدول النامية وتؤمن بضرورة تجنب أي تداعيات سلبية، قد تنجم عن مشروع تنموي في دول نامية، تتأثر بها دولة نامية أخرى، وتؤذيها على نحو، لا يمكن احتواؤه.
إن رؤيتنا الراسخة، هي العمل معًا، بغرض تكريس وتقاسم الازدهار بدلًا من التنافس والتناحر، الذي يؤدي إلى تقاسم الفقر، وعدم الاستقرار.
والجدير بالذكر، أن قمة المناخ التي تشهدها مصر الفترة القادمة تناقش الازمات التي تواجها القارة الأفريقية نتيجة التغيرات المناخية وأبرزها الجفاف والتصحر.
تتصدر المطالب بدعم الدول الإفريقية والنامية لمواجهة تداعيات تغير المناخ أجندة قمة المناخ cop27، باعتبار إفريقيا المتضرر الأول من هذه الظاهرة رغم مساهمتها الضئيلة في حدوثها.
لأن إفريقيا أول ضحايا تداعيات التغير المناخي، وأن تداعيات تغير المناخ في إفريقيا تتمثل في تعرضها لمخاطر التأثير على الموارد المائية، وتفاقم ظاهرة النزوح الداخلي، وتزايد الاحتقان بين الرعاة والمزارعين.
وتشير الدراسات حول تداعيات تغير المناخ إلى أن دولا مثل غينيا وغامببيا ونيجيريا وتوغو وبنين والكونغو، وكذلك تونس وتنزانيا، وجزر القمر معرضة لأخطار كبيرة مع حلول 2050، بسبب تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر.
وتسعى مصر خلال القمة القادمة إلى إطلاق المبادرة الإفريقية للتكيف مع تغير المناخ، والهادفة لتمكين الدول الإفريقية من الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ إجراءات التكيف والتخفيف من آثار المناخ.