أثارت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس تساؤلات عدة حول مستقبلها في دواننج ستريت بعدما تراجعت عن بعض التخفيضات الضريبية على الأثرياء وإقالة وزير المالية كواسي كوراتنج.
هذا الأمر اتضح خاصة بعدما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن خطط ليز تراس لخفض الضرائب والتي تسببت في إحداث اضطراب في الأسواق، هي خاطئة، مؤكدًا أن هذا ليس رأيه فقط ولكنه رأي شائع.
وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، فإن تصريحات بايدن مناقضة مع رأي كبار القادة على الساحة الدولية والذين أعربوا مرارًا عن مخاوفهم بشأن الكيفية التي يؤدي بها ارتفاع العملة الأمريكية إلى زيادة التضخم في اقتصاداتهم. إذ ارتفع الدولار بنسبة 15% تقريبًا هذا العام حيث شرع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في حملة شرسة لرفع معدلات الفائدة للحد من ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة.
وقالت الوكالة إن محاولات ليز تراس لتفادي التضخم من خلال التخفيضات الضريبية للأثرياء أسفرت عن حدوث انخفاض في الجنيه الإسترليني وأجبرت بنك إنجلترا على التدخل لدعم السندات الذهبية.
رجوع للوراء
السبت تعهد وزير مالية بريطانيا الجديد جيرمي هانت بأن الحكومة ستزود بعض الضرائب، مؤكدًا أن تراس ارتكبت أخطاء مع محاولتها الاحتفاظ بمنصبها الذي تولته قبل ما يزيد قليلا على شهر.
وفي مقال نشرته صحيفة "ذا صن" البريطانية مساء السبت، اعترفت تراس بأن الخطط ذهبت "أبعد وأسرع مما كانت تتوقعه الأسواق"، مضيفة: "لا يمكننا تمهيد الطريق لاقتصاد منخفض الضرائب وعالي النمو من دون الحفاظ على ثقة الأسواق في التزامنا بتحقيق وضع مالي سليم"، لافتة إلى أن هانت سيضع في نهاية الشهر خطة لتخفيض الدين العام "على المدى المتوسط".
في نفس الصدد، كشفت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، أمس الأحد، أن هانت يعتزم إلغاء المزيد من حزمة تراس الأصلية عن طريق تأخير التخفيض المخطط للمعدل الأساسي لضريبة الدخل كجزء من محاولة يائسة لتحقيق التوازن.
ونقلت "بلومبرج" عن أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، قوله إنه تحدّث بالفعل إلى وزير المالية البريطاني الجديد، جيريمي هانت، واتفقا على أهمية الاستدامة المالية. كان ذلك بعد ظهور غير مقنع لتراس يوم الجمعة، حيث اعترفت رئيسة الوزراء بالمأزق الاستثنائي الذي وقعت فيه، قائلة "نحن بحاجة إلى التحرك الآن لطمأنة الأسواق بشأن انضباطنا المالي".
تهدئة توتر السوق
وبحسب الوكالة، قد تساعد التدخلات الأخيرة من قبل المسؤولين في تهدئة توتر السوق. ومع ذلك، حتى التحركات التي لم يكن من الممكن تصورها سابقاً من جانب حكومتها لم تثبت أنها كافية لإعادة المستثمرين إلى جانبها، ومع انتهاء برنامج شراء بنك إنجلترا للسندات بشكل طارئ الآن، تستعد أسواق المملكة المتحدة لبداية محمومة أخرى لهذا الأسبوع.
وأشارت الوكالة إلى أن الجانب المالي يبدو الآن مدعومًا بشكل أكبر في ظل وجود هانت كمستشار، لكن لا يزال هناك عدم يقين بشأن ما إذا كانت صناديق الاستثمار المدفوعة بالالتزامات، والاستراتيجيات المستخدمة من قبل صناديق التقاعد التي أدت إلى تفاقم عمليات بيع سوق السندات الحكومية البريطانية، لديها الوقت لإعادة بناء المخزونات الوقائية النقدية قبل انتهاء دعم بنك إنجلترا أم لا.
ونقلت "صنداي تايمز" عن هيئة الرقابة المالية المستقلة في بريطانيا قولها في مسودة التوقعات إنه قد تكون هناك فجوة بقيمة 72 مليار جنيه إسترليني (80 مليار دولار) في المالية العامة بحلول عام 2027-2028، وهو أسوأ مما توقعه الاقتصاديون.
وفي أول خطوة قام بها منذ تولي المنصب، تحدث الوزير الجديد مع حاكم بنك إنجلترا آندرو بيلي الذي اضطُر للقيام بتدخلات مكلفة من أجل تهدئة أسواق السندات.
وحذر بيلي أول أمس السبت في خطاب بواشنطن من أن المصرف المركزي "لن يتردد" في رفع معدلات الفائدة من أجل إبقاء مستويات التضخم المرتفعة تحت السيطرة، وهو ما ينذر بمزيد من الصعوبات بالنسبة للعائلات البريطانية والأعمال التجارية بعد خطة الميزانية الفاشلة.