أثار إعلان رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس دراسة نقل سفارة بلادها إلى القدس بعد 4 سنوات على نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المحتلة، ضجة وجدلا بين عدد من المواطنين في الدول العربية.
يهدف لإرضاء إسرائيل
وكانت بريطانيا قررت دراسة نقل سفاراتها إلى القدس، وقالت رئيسة الحكومة ليز تراس، إنها أبلغت نظيرها الإسرائيلي يائير لابيد، خلال آخر لقاء جمع بينهما سبتمبر الماضي، بأنها "تفكر في نقل سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس".
وأثارت تعليقات رئيسة الوزراء البريطانيةليز تراس بشأن نقل السفارة البريطانية إلى القدس موجة ضخمة من الانتقادات على جميع المستويات العربية والعالمية، ومنها: السياسي والبرلماني والشعبي والإعلامي والدبلوماسي، حيث أجمع كثيرون على ضرورة "منع نقل السفارة البريطانية إلى القدس".
ونقل السفارة البريطانية إلى القدس خطوة قد تؤدي إلى مزيد من الكوارث والانتكاسات التي تشبه ما حدث عقب إعلان وعد بلفور سيئ السمعة في العام 1917، والذي تعاني منه المنطقة العربية والشرق الأوسط حتى يومنا هذا، ودعا العديد من رموز الدبلوماسيين البريطانيين السابقين إلى ضرورة توخي الحذر من هذه "الخطوة ومنع نقل السفارة البريطانية إلى القدس".
كما وصف العديد من البرلمانيين والإعلاميين التعليقات بشأن نقل السفارة البريطانية إلى القدس بأنها إهانة لسيادة القانون والنظام الدولي كافة، كما رفضتها جميع الرموز الفلسطينية والإعلامية والسياسية في بريطانيا.
على جانب آخر، وقع مجموعة من السفراء والقناصل البريطانيين السابقين على عريضة رسمية وجهت إلى الحكومة البريطانية يطالبون فيها بعدم نقل سفارة بريطانيا من تل أبيب إلى القدس من أجل "إرضاء إسرائيل"، محذرين من "عواقب هذه الخطوة الخطيرة".
كما حذرت جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، أنه ستكون هناك تداعيات سلبية على عملية السلام في الشرق الأوسط من إقدام المملكة المتحدة على نقل سفارتها من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، في ظروف يمر بها العالم تستدعي عدم خلق أزمات جديدة.
يكون له تداعيات سلبية
جاء ذلك في بيان صادر عن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، بشأن تصريحات رئيسة وزراء المملكة المتحدة ليز تراس بأن "بلادها تدرس نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس".
ورفض البرلمان العربي تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا الأخيرة، والوعد الذي قطعته بدراسة نقل "سفارة بريطانيا من تل أبيب إلى القدس".
ودعا المجتمع الدولي للضغط على الحكومة البريطانية للتراجع عن اتخاذ هذا الإجراء، والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بشأن الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس، والانخراط في دعم عملية السلام وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها مدينة القدس.
وسبق وقالت تراس: "كما تعلمون، أنا صهيونية كبيرة، وأنا مؤيدة كبيرة لإسرائيل، وأعلم أنه يمكننا نقل العلاقة بين المملكة المتحدة وإسرائيل من قوة إلى قوة".
وسبق ونقلت وزارة الخارجية الأمريكية سفارتها في إسرائيل من تل أبيبإلى القدس المحتل بالتزامن مع الذكرى السبعين لقيام الدولة العبرية.
ورحبت إسرائيل على لسان رئيس وزرائها حينها بالقرار الأمريكي، في حين اعتبره الفلسطينيون "استفزازا لمشاعر العرب والمسلمين والمسيحيين".
لذلك، في حال طبق قرار بريطانيا بنقل سفارتها الي القدس الغربية، ستتبع رئيسة الحكومة البريطانية "ليز تراس" خطى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أثارت خطوته بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس جدلاً كبيرا، إلى جانب دول أخرى مثل هندوراس وجواتيمالا.
ولقى هذا الأمر تنديدا ورفضا فلسطينيا واسعا، حيث يريد الفلسطينيون إعلان الجزء الشرقي من مدينة القدس عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها، علما أنها احتلت الجزء الشرقي من المدينة المقدسة عام 1967 ولم يعترف المجتمع الدولي بذلك.
لذلك، أعلن الفلسطينيون عن رفضهم قرار رئيسة الحكومة البريطانية، وأيضا عبر السفير الفلسطيني لدى لندن حسام زملط عن استيائه لعزم الحكومة البريطانية إقرار نقل سفارة المملكة المتحدة من تل أبيب إلى القدس، وحذر من أن ذلك سيشكل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي".
ويرى قرار مجلس الأمن الدولي رقم (478) لعام 1980، أن جميع الإجراءات الإسرائيلية في القدس باطلة، في حين جددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2017 دعوة جميع الدول إلى "الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية" في مدينة القدس.
ومع ذلك، لم تكتفِ إسرائيل بمشاريع الاستيطان والتهويد وتغيير الأمر الواقع في المدينة، بل سعت وتسعى إلى إشراك دول العالم في خرقها القانون الدولي، بالضغط على تلك الدول أو الطلب منها نقل سفاراتها إلى القدس.
ويرفض المجتمع الدولي اعتبار القدس - بشطريها الشرقي والغربي - عاصمة لإسرائيل، ووقع قسمها الغربي تحت السيطرة الإسرائيلية منذ نكبة عام 1948، في حين احتل الشق الشرقي منها في حرب عام 1967.
وتُقر القرارات والمواثيق الدولية بأن شرقي القدس أرض فلسطينية تحتلها إسرائيل ويجب الانسحاب منها، إضافة إلى أن جميع التسويات الدولية المقترحة تشير إلى أن "القدس الشرقية" عاصمة لدولة فلسطين.