لا تقتصر آثار تغير المناخ السلبية على الإخلال بالتوازن البيئي وتهديد بقاء الكائنات الحية على اختلاف أنواعها، بل تتعداهما لإحداث تداعيات اقتصادية وأزمات خانقة لعديد من دول العالم.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها، إن عشرين دولة ترغب في إعدام ديونها لتتمكن من استثمار قيمتها في مشاريع مواجهة الأزمة المناخية.
وقال رئيس جمهورية جزر المالديف السابق محمد نشيد، أمس الجمعة، إن عشرين دولة تعاني تبعات التغير المناخي، حيث إنها مهددة بالعجز عن سداد ديون إجمالية تبلغ 685 مليار دولار، بسبب شروط إقراض ترى أنها غير عادلة.
وأضاف نشيد أنه أبلغ مسئولي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في ختام اجتماعهما السنوي في واشنطن يوم الأحد الماضي، أن هذه الدول تنظر في التوقف عن سداد ديونها، ودعا وزراء خارجيتها إلى إعفائها من السداد مقابل استثمارات تقوم بها في مجال الحفاظ على الطبيعة، وأعرب عن اعتقاده بأن مبادلة الديون ستحل الخلافات بشأن إنشاء صندوق دولي لتعويض الدول المتضررة، ولفت إلى أن الصناديق المماثلة الموجودة بالفعل تفتقر إلى التمويل.
نشيد كان قد لفت الانتباه العالمي لخطر غرق أرخبيل المالديف تحت مياه المحيط الهندي، خلال اجتماع عقده مجلس الوزراء تحت الماء عام 2009، قائلا: "نحن لا نقترض فقط المال بل الوقت أيضا، نحن تحت التهديد ويتعين علينا التعاون لإيجاد محرج من الأزمة".
وتابع نشيد قائلا إن الدول الفقيرة عالقة في فخ عبثي، فهي تضطر لاقتراض المال للحد من ارتفاع منسوب البحر وتزايد هبوب العواصف، ثم يأتي التغير المناخي ليزيد الوضع سوءا وتضيع جهودها هباءً، فتلجأ للاقتراض من جديد.
وأشار نشيد إلى أنه إذا جرى تخفيض ديون الدول المدينة بنسبة 30%، واستُثمرت هذه الأموال في تحسين أنظمة مياه الشرب أو الحفاظ على غابات المانجروف التي تحمي السواحل من الأعاصير على سبيل المثال، فسيكون لذلك أثر إيجابي بالغ على جهود التكيف مع التغير المناخي.
وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، العام الماضي، إن مثل هذه المقايضة للديون يمكن أن تساعد البلدان النامية في معالجة تغير المناخ وتعهدت بالعمل مع البنك الدولي "لدفع هذا الخيار" في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مصر COP27.
وقال ديفيد ثيس المتحدث الرسمي باسم مجموعة البنك الدولي، إن البنك تدرك أن آثار التغير المناخي غير متوازنة، حيث يقع ضرره الأكبر على الدول الفقيرة والجزر الصغيرة النامية، وأشار إلى أن البنك يلتزم بحلول الديون الشاملة التي تعود بالمنفعة الحقيقية على الدول الفقيرة، خاصة تلك التي لا تستطيع السداد بسبب قلة الموارد التي تصعب تغلبها على التحديات التي تواجهها.
وتأتي مباحثات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، قبل اجتماع دبلوماسيي ما يقرب من مائتي دولة، في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27، المزمع عقده في نوفمبر المقبل في منتجع شرم الشيخ في مصر، والذي سيركز بقوة على مسئولية الدول الغنية عن القدر الأكبر من الانبعاثات الكربونية المتسببة في تغير المناخ، وكذلك مسئوليتها عن تعويض الدول الفقيرة التي تعاني آثاره أكثر من غيرها.
ويشدد مواطنو الدول والجزر النامية على ضرورة إنشاء صندوق دولي، لتعويضهم عن الخسائر والأضرار التي لحقت بهم جراء التغير المناخي، لكن الولايات المتحدة وأوروبا المسئولتين تاريخيا عن تعاظم ظاهرة الاحتباس الحراري، تعارضان إنشاء الصندوق خشية وقوع الجزء الأكبر من الأعباء المالية الهائلة عليهما.
وقال جون كيري المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون تغير المناخ في حدث نظمته صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي، إن أهم ما يمكن فعله هو الحد من الخسائر، ومن المهم أيضا مساعدة الناس للتكيف مع ما وقع منها بالفعل.