"ولما أمضى جلالته حياته في سعادة وسنين سلام، رفع إلى السماء وانضم إلى إله الشمس وذهب معه ". هكذا خلد لنا المهندس «إنني» مهندس فن العمارة بهذه الكلمات المنقوشة على الجدران عندما علم بوفاة هذا الملك العظيم اول ملك حظىَ ببقاء عقله بداخل رأسه وقلبه داخل صدره حتى الأن على عكس ملوك أخرى ، مر آلاف السنين ومازال العالم ينبش لمعرفة أسرار وخبايا ملوك أعظم حضارة فى العالم فالشغف يملأ قلوب الجميع فى العالم لمعرفة أسرار أعظم حضارة فى العالم ويملىء قلوب قارئى مقالى لمعرفة من هو ملك هذا الأسبوع هو حفيد سلالة الإنتصارات ابن الملك القاهر أحمس حفيد الملك سقنن رع والملكة إياح حتب أبن الملكة أحمس نفرتارى هو الملك أمنحتب الأول ولد عام 1504 فى القرن السادس عشر قبل الميلاد ثانى فرعون فى الأسرة الثامنة عشر والأبن الثالث للملك أحمس هو أمنحتب الأول أول الملوك الذين يحملون هذا الاسم فى الأسرة الثامنة عشرة، ويعنى اسمه "آمون راضٍ أو "آمون سعيد " تزوج الملك أمنحتب الأول من أخته الملكة أحمس مريت آمون ، و بعد وفاة ابيه الملك أحمس توالى أمنحتب الأول العرش وكان مازال طفلا لكن تحت وصاية والدته الملكة أحمس نفرتارى ، وسريعا ما مضى الوقت ونضج الملك أمنحتب الأول وأشادت بنيانه وعظامه ونضج عقله وجسده وأصبح جاهزاً للحكم "، واتصف بصفات وراثية أرثها عن جده وأبيه وقام بأخذ نفس الخطُى السياسة في الداخل والخارج، فنراه يخرج في حملة عسكرية في بلاد الشام وراء حدود مصر الشمالية الشرقية ، وبعد توليه الحكم مباشرة قام بالدفاع عن حدود مصر الغربية حيث انتهز الليبيون فرصة وفاة أحمس لغزو الدلتا فتوجه اليهم أمنحتب على رأس جيشه وهزمهم وحلفائهم واتجه بعد ذلك بجيشه إلى النوبة لظهور التمرد والعصيان بها وأستطاع تأمين حدود مصر الجنوبية والقضاء على العصيان وقام بعدها بحروب في آسيا، وهو مصور على لوحة صغيرة من الخشب محفوظة بمتحف اللوفر حالياً وهو يضرب أمراء البلاد الأجنبية، كما نراه فى مشهد آخر واقفًا في عربته على أهبة مطاردة عدوين وقد أمسك بهما وهما في حالة إغماء واهتم أمنحتب بالشئون الداخلية للبلاد ووجه إليها جهوده، وتميز عصره بالاستقرار والرخاء ، ويقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون".
أن المصريون من شدة حبهم له بالغو في تصوير قوة الملك أمنحتب البدنية، فنراه مصورًا ممسكًا بأسد من ذيله، ثم يرفعه في سرعة خاطفة، ويقضى عليه، وعلى الرغم من عدم حقيقة هذا التصوير الفني المبالغ فيه، فالأمر يعكس مدى فخر المصريين بقوة ملكهم البدنية الخارقة والتغنى بشجاعته وبسالته القتالية.
و يقال أن الملك أمنحتب الأول كان يتصف بالعدالة وهو أول من ألغى السخرة بين العمال وأمر بالمساواة بين عمال مصر.
وأن لا فرق بين لون او جنسية او ديانه وأن عملك هو من تقيم عليه وكان يهتم بكل طبقات المجتمع حتى أن عمال منطقة دير المدينة، في البر الغربي لمدينة الأقصر، في عصر الفراعنة، ظلوا لقرون عديدة يقيمون المقاصير لعبادة أمنحتب الأول ويقدمون له القرابين، بل كان هناك تقليد خاص وهو أن كهنة معبده كانوا من العمال أنفسهم، ويأتي تقديس العمال له، نظرًا لاهتمام هذا الملك بطوائف العمال ووضع نظام خاص بالعمل لهم، وقدم لهم أرزاقهم، ومن ثم جاء تقديرهم لهذا الملك، محبوب العمال.
كما يقال أن المصريين أطلقوا اسمه على أحد شهور السنة والذي كان يقع فيه الاحتفال بذكراه، وهو شهر برمهات فى التقويم القبطى، ولم يقف تقديسه عند طوائف العمال فقط، وإنما امتد تقديسه إلى عدد كبير من النبلاء، وهناك أثر لأحد الكهنة، ويعرف باسم "حوى"، يقدس فيه أمنحتب الأول وأمه أحمس نفرتارى وأباه أحمس الأول.
وبالرغم من إن أمنحتب الأول أختار السير عسكرياً على نهج أبيه إلا إنه تميز عنه بعدم الاكتفاء بإعادة حدود مصر إلى أصلها فقط ، وإنما شرع في توسيع الحدود المصرية، فقام ببعض الأعمال الحربية كما علمنا من السيرة الذاتية للقائدين العسكريين أحمس ابن إبانه وأحمس ابن نخبت، ووصلت جيوش مصر الباسلة إلى القرب من نهر الفرات، وقام أمنحتب الأول بمحاربة الليبيين كما يذكر أحمس ابن نخبت في سيرته الذاتية، وذلك نظرًا لقيام الليبيين باغتنام فرصة احتلال الهكسوس لأرض مصر، قاموا بغزو الدلتا المصرية، مما دفع أمنحتب الأول للقضاء عليهم، ونجح في إخضاع بلاد النوبة وتوسيع حدود مصر الجنوبية ونشر الأمن هناك، وفي هذا الشأن، يذكر أحمس ابن إبانه في سيرته الذاتية أنه سافر مع أمنحتب الأول عندما اتجه جنوبًا إلى كوش لتوسيع حدود مصر. وفي سيرته الذاتية، يفتخر أحمس ابن إبانه بأنه نقل أمنحتب الأول في سفينة من الجندل الثاني إلى مصر في يومين. ولم يستمر أمنحتب الأول في حروبه طويلاً وتفرغ للبناء والتعمير.
وترك لنا هذا الملك العديد من المنشآت ومنها بوابة فيالجانب الجنوبيمن معبد الكرنك نقش عليها «لقد أقام الملك أمنحتب تذكارًا لوالده آمون رب طيبة بوَّابة عظيمة، ذرعها اثنان وعشرون ذراعًا، عند واجهة المعبد المزدوجة، وقد صنعها من حجر «عيان» أى من الحجر الجيري الأبيض المستخرَج من محاجر طرة»وكذلك يشير النقش إلى بناء بيته «آمون»وتأسيس معبده وإقامة بوابته.
كما أقام أمنحتب بمناسبة الاحتفال بعيد سد «العيد الثلاثيني»معبدًا صغيرًا في النهاية الشمالية من جبانة طيبة الغربية كما بنى لنفسه معبدًا جنائزيًا لخدمة روحه «كا» في الصحراء فى نهاية الجزء الجنوبيمن جبانة طيبة الغربية، وهذا المعبد يؤلف الآن جزءًا من الخرائب المعروفة بمعبد مدينة هابو، ولكنه عند بنائه كان قائمًا بمفرده، كما كشف عن تمثال جميل لهذا الملك في هذا المعبد وهو الآن بالمتحف المصرى وقد رسِمت على قاعدته صورة والدة الفرعون الملكية أحمس نفرتاري.
ويقال أن الملك أمنحتب الأول أقام معبدًا تكريمًا لوالده أحمس الأول فى العرابة المدفونة وبعض المبانى فى الكاب وفى معبد كوم أمبو أقام محرابًا من الحجر الأبيض المستخرج من طرة، وفي شط الرجال وهو وادٍ صحراوى بالقرب من جبل سلسلة بين الأقصر وأسوان، هناك نقشًا لمهندس بناء يُدعَى «بنيتي»، يدل على أنه كان يعمل في عهد هذا الملك والفراعنة الثلاثة الذين خلفوه لقطع الأحجار وفي سلسلة نفسها نشاهد لوحة محفورة في الصخر عليها صورة هذا الملك مهداة من موظف يدعى «بينامون» وهذا النشاط في تلك المحاجر التي يستخرج منها الحجر الرملي، يدل على استعماله في عهد الأسرة الثامنة عشرة لأول مرة فى بناء المعابد التي كان يستعمل فى إقامتها الحجر الجيرى المجلوب من طرة.
كما يوجد لهذا الملك آثارًا فى المتحف المصرى والمتاحف العالمية منها مائدة قربان من الجرانيت الأسود بمتحف برلين وإناءان أحدهما بمتحف برلين والآخر باللوفر.
وتم العثور على مومياء الملك أمنحتب الأول عام 1881 فى مخبأ الدير البحرى الملكى فى الأقصر وتعتبر هى المومياء الملكية الوحيدة التى لم يتم فك اللفائف عنها فى العصر الحديث وذلك حفاظاً على جمال المومياء المغطاة بالقناع الجنائزي وبأكاليل الزهور الملونة .
و توفى الملك أمنحتب الأول بعد حكم دام أكثر من عشرون عاما عن عمر يناهز 35 عاماً دون أن يترك ولد يخلفه ويرث عرشه عرش مصر تاركا مصر منعمه بالرخاء والأمان والاستقرار .