تشهد مختلف دول العالم، موجة تضخم غير مسبوقة، خاصة دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، نتيجة تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية، من جانب والارتفاع التدريجي في أسعار النفط من جانب آخر، مع الارتفاع الكبير فى أسعار الغاز الطبيعى، وبحسب تقارير اقتصادية، فإن كبار أوروبا يعانون وفي مقدمتهم ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، ما دفع تلك الدول لأول مرة العودة لاستخدام الفحم الملوث للبيئة وتشغيل محطات الطاقة النووية مجددا لتوليد الطاقة، علاوة على تنفيذ خطط لترشيد الاستهلاك الطاقة فى الشوارع والمدن والمصانع والبيوت.
ارتفاع معدلات التضخم عالميا
وترتفع الأسعار بمعدلات مختلفة عبر 38 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تمثل جميعها حوالي 60٪ من الاقتصاد العالمي، وفي أمريكا، ارتفع التضخم السنوي في سبتمبر، مدفوعا بزيادة أسعار الطاقة 19.8% أسعار الغذاء بنسبة 11.2% ، بينما تسارع معدل التضخم في كندا إلى بلغت 8.4 ٪ ، وارتفع التضخم إلى 9.1% في بريطانيا، و10%في ألمانيا، و8.1٪ في فرنسا، و 8.9٪ في إيطاليا.
لكن هناك دلائل على استمرار ارتفاع الأسعار تسبب ارتفاع أسعار الطاقة في ارتفاع التضخم في 19 دولة تستخدم عملة اليورو.
ارتفاع معدلات التضخم في بريطانيا
بلغ معدل التضخم في المملكة المتحدة 9.1% على أساس سنوي في مايو مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة في تعميق أزمة تكلفة المعيشة في البلاد، وجاء ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 9.1% متماشياً مع توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته رويترز وأعلى قليلا من الزيادة البالغة 9% المسجلة في أبريل نيسان، مسجلة أكبر ارتفاع سنوي منذ بدء التسجيلات في عام 1989.
ارتفاع معدلات التضخم في أمريكا
وجاء ارتفاع التضخم الشهري فى الولايات المتحدة الأمريكية 0.4% أعلى من توقعات محللي داو جونز بارتفاع 0.3%، وكذلك أكبر من زيادة أغسطس البالغة 0.1%. و باستبعاد الغذاء والطاقة، ارتفع التضخم الأساسي الشهري 0.6% مقابل توقعات بارتفاع 0.4%.
وتوقع الفيدرالي الأمريكي الشهر الماضي أن تنهي الفائدة عام 2022 عند متوسط 4.4% مقابل 3.4% في التوقعات السابقة في يونيو، ورفع توقعاته للفائدة في 2023 إلى متوسط 4.6% مقابل متوسط 3.8% في يونيو. وكذلك رفع متوسط الفائدة ل3.9% في 2024 من 3.4%
ارتفاع معدلات التضخم في ألمانيا
أظهرت بيانات رسمية، أمس الخميس، أن التضخم في ألمانيا ارتفع إلى 10%، وهو أعلى معدل منذ إعادة توحيد البلاد.
وكشفت بيانات المكتب الفيدرالي للإحصاء، أن مؤشر أسعار المستهلك السنوي بلغ 10% في سبتمبر، مقارنة بمعدل أغسطس البالغ 7.9%. كان الرقم متماشيا مع كل من التقديرات الأولية من قبل الخبراء والمحللين.
ارتفاع معدلات التضخم في فرنسا
ارتفعت أسعار الاستهلاك في فرنسا إلى 6.1 بالمئة في يوليو الماضي على أساس سنوي، مقابل 5.8 بالمئة في يونيو، بحسب ما ذكره المعهد الوطني للإحصاء،، في تقديره النهائي، وهو أعلى مستوى منذ يوليو 1985.
انهيار القوة الشرائية لليورو
فى هذا الصدد قال الدكتور نور ندى ، أستاذ علم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم والإدارة وأستاذ زائر بجامعة موسكو، إن الاقتصاد العالمي يشهد منذ اندلاع الصراع الأمريكى الروسى على الأراضى الأوكرانية معدلات ضخمة من التضخم هى الأعنف منذ سنوات طويلة ، وقد أدت معدلات التضخم المرتفعة إلى ارتفاع في أسعار السلع والخدمات وانهيار القوة الشرائية لليورو وانخفاض مستوى معيشة المواطنين الأوروبيين.
الركود يهدد أوروبا
وأضاف ندى، لصدى البلد، أن هذه الأوضاع تمثل تهديدا لمستوى رفاهية معيشة المواطن الأوروبى والذى لا يمكنه التخلى عن هذه الرفاهية، والخطورة فى هذا النمط من التضخم الذي يسود معظم بلدان أوروبا أنه تضخم فى جانب التكاليف نتيجة العقوبات والحصار الاقتصادى التى فرضت على روسيا بشكل لم يحدث فى التاريخ الاقتصادى المعاصر، لافتا إلى أن النتائج القادمة تشير أن إلى أوروبا في بداية ظاهرة مخيفة وهي الركود حيث تم غلق أعداد من المصانع وتسريح أعداد ليست بسيطة من العمال والموظفين، ما أضاف للتضخم الحالى فى أوروبا بعدا من الركود .
سبل خروج أوروبا من الركود التضخمي
وأشار ندى، إلى أن أوروبا تدخل وبسرعة نفق الركود التضخمي المخيف حيث ارتفاع الأسعار والبطالة معا، ويرى أستاذ علم الاقتصاد ، أنه للخروج من ذلك تحتاج أوروبا إلى عملية جراحية طويلة المدى تضحي فيها أوروبا بمستويات تشغيلها المرتفعة وتستقبل جيوش من الفقراء والعاطلين .
أوضح أن معدل التضخم السنوي الأكثر وضوحًا في أسعار الطاقة، بلغ حوالى 40٪ ، تليها المواد الغذائية والكحول والتبغ بحوالي 10% ، والسلع الصناعية غير المولدة للطاقة 5% والخدمات 8% .
وعلى مستوى الدول شهدت ألمانيا ارتفاع التضخم إلى 10 ٪ ، و فرنسا الآن 7٪ ، وإيطاليا 9 ٪. و تتأثر دول البلطيق بمعدلات أعلى حيث بلغ التضخم 24 ٪ في إستونيا و 21 ٪ في ليتوانيا و 21٪ في لاتفيا وبولندا 18 % .
وأكمل فى المتوسط العام يبلغ التضخم فى أوروبا حوالى 10 % ، ويمكن القول أن الأشد تأثرا من معدلات التضخم المرتفعة دول مثل تركيا حيث بلغ 83% مولدوفا 34 % .