وقع قرار أوبك+ كالصاعقة على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والعالم أجمع خاصة في حالة التدهور الاقتصادي التي يعاني منها العالم والتضخم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، حيث جاءت قرارات مجموعة أوبك المكونة من أكبر مصدري النفط في العالم، بتخفيض إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميا، وهو أكبر خفض للإنتاج منذ انهيار أسعار النفط في ذروة جائحة فيروس كورونا المستجد عام 2020.
وعلى أثر قرار مجموعة الأوبك، قامت الولايات المتحدة بهجوم شرس على المملكة العربية السعودية التي تعتبر من أكبر مصدري النفط في العالم والعضو المؤسس لمجموعة الأوبك وحلفائها أوبك+، الأمر الذي أستدعي رد المملكة العربية على الهجوم الأمريكي.
السعودية ترفض التصريحات الأمريكية
فقد رفضت السعودية التصريحات التي "لا تستند إلى الحقائق"، الصادرة تجاه المملكة عقب صدور قرار "أوبك بلس" في 5 أكتوبر الجاري، حسبما أعلنت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وصرح مصدر مسئول في الخارجية السعودية، بأن حكومة المملكة "اطلعت على التصريحات الصادرة تجاه المملكة عقب صدور القرار، التي تضمنت وصفه بأنه بمثابة انحياز للمملكة في صراعات دولية، وأنه قرار بني على دوافع سياسية ضد الولايات المتحدة".
وأضافت "واس": "تود حكومة السعودية بداية الإعراب عن رفضها التام لهذه التصريحات التي لا تستند إلى الحقائق، وتعتمد في أساسها على محاولة تصوير قرار أوبك بلس خارج إطاره الاقتصادي البحت، وهو قرار اتخذ بالإجماع من كافة دول مجموعة أوبك بلس".
وتابعت: "تؤكد المملكة على أن مخرجات اجتماعات أوبك+ يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي من الدول الأعضاء ولا تنفرد به دولة دون باقي الدول الأعضاء، ومن منظور اقتصادي بحت يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية، ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهو ما دأبت عليه مجموعة أوبك بلس".
وأكملت وكالة الأنباء السعودية: "كما أن مجموعة أوبك بلس تتخذ قراراتها باستقلالية، وفقًا لما هو متعارف عليه من ممارسات مستقلة للمنظمات الدولية".
وتابعت: "كما تود حكومة المملكة الإيضاح، أنه من منطلق قناعتها بأهمية الحوار وتبادل وجهات النظر مع الحلفاء والشركاء من خارج مجموعة أوبك بلس حيال أوضاع السوق البترولية، فقد أوضحت حكومة المملكة من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأمريكية أن جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر حسب ما تم اقتراحه، ستكون له تبعات اقتصادية سلبية".
بوتين يدخل على خط الصراع
ومن جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن قرارات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها في تجمع "أوبك بلس" تستهدف استقرار أسواق الطاقة العالمية وليست موجهة إلى أي أحد.
وأضاف بوتين وفقا لبلومبرج خلال لقائه مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد: "تحركاتنا وقراراتنا ليست موجهة ضد أحد، لا نخطط لخلق مشكلات لأحد .. تحركاتنا تستهدف تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية".
وزير الخارجية السعودي يرد
كما أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أن منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك+" تصرفت بمسؤولية، واتخذت القرار المناسب، حسبما نقلت قناة "العربية" الإخبارية فى نبأ عاجل منذ قليل.
وقال وزير الخارجية السعودي، إن "قرار أوبك بلس اقتصادي بحت، وتم اتخاذه بإجماع الدول الأعضاء"، مضيفًا أن "دول أوبك بلس تصرفت بمسؤولية، واتخذت القرار المناسب".
وتابع الأمير فيصل بن فرحان: “دول (أوبك بلس) تسعى لاستقرار السوق وتحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين”، موضحًا أن "العلاقة مع واشنطن استراتيجية وداعمة لأمن واستقرار المنطقة".
وأضاف زير الخارجية السعودي في تصريحاته لقناة "العربية"، أن "التعاون العسكري بين الرياض وواشنطن يخدم مصلحة البلدين، وساهم في استقرار المنطقة.. علاقتنا مع الولايات المتحدة مؤسسية منذ تأسست العلاقة بين البلدين".
السعودية تدافع عن قرارات السعودية
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أحمد سيد، المحلل السياسي والباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن تصريحات وزير الخارجية السعودي بشأن قرارات أوبك الأخيرة تؤكد أن المملكة العربية السعودية أن لديها موقف واضح من قرار أوبك+ بشأن تخفيض إنتاج النفط.
وأضاف سيد في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن قرار أوبك+ يرجع إلى سياسات أوبك بإنتاج النفط وهذه السياسة تختضع لإعتبارات اقتصادية ومستوي النمو في الاقتصاد العالمي وحجم العرض والطلب العالمي، والهدف من القرار أيضا هو الحفاظ على استقرار الأسواق العالمية واستقرار أسعار النفط العالمية.
وأشار إلى أنه قبل الأزمة الروسية الأوكرانية كان هناك تضرر كبير لمجموعة الأوبك نتيجة لإنخفاض أسعار النفط إلى ما دون 50 دولار بالتالي تم التأثير بالسلب على الموارد المالية لدول أوبك+ ومنها المملكة العربية السعودية، وذلك بسبب جائحة كورونا التي أدت إلى حالة من الركود العالمي وتراجع مستويات الطلب العالمية على النفط وبالتالي إنخفضت الأسعار مع زيادة المعروض خاصة مع دخول دول على خط الإنتاج مثل العراق وليبيا.
تراجع العلاقات الأمريكية السعودية
ولفت إلى أن وزير الخارجية السعودية يدافع عن قرارات أوبك ويرفض أي ضغوط خارجية خاصة الضغوط الأمريكية، على المملكة السعودية ويؤكد على أن أوبك+ لديها سياسة واضحة وأن هناك اعتبارات اقتصادية تحكم بالأساس هذه القرارات، وتصريحاته أيضا جاءت رد على التهدادت الأمريكية الأخيرة تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي قال إنه يأسف على قرارات أوبك وسيتجه إلى إعادة النظر في العلاقات مع المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الكونجرس الأمريكي، كما أنه أعتبر أن قرارات أوبك+ معادية للشعب الأمريكي وتصب في مصلحة روسيا.
وأوضح المحلل السياسي، أن العلاقات الأمريكية السعودية هي علاقات استراتيجية، ولكن الممسكلة العربية السعودية الآن لديها نوع من أنواع القوة ولديها خيارات متعددة، خاصة أن الولايات المتحدة تحتاج إلى السعودية أكثر من احتياج السعودية للولايات المتحدة.
وتابع: "بالتالي إذا نفذت الولايات المتحدة تهديداتها بشأن التأثر سلبا على العلاقات مع السعودية ومراجعة أوجه التعاون في المجالات الاقتصادية والأمينة والعسكرية وغيرها من المجالات، لن تتأثر السعودية كثيرا بهذه القرارات الأمريكية والتي تعد خروج عن العلاقات الاستراتيجية القديمة بين البلدين".