خبراء التعليم:
أسباب الاعتداءات بالمدارس التي شهدتها العملية التعليمية في الفترة الأخيرة
الاعتداء على المعلمين ظاهرة متكررة بلا رادع
الاجراءات اللازمة للحد من اعتداء المعلمين علي الطلاب في المدارس
لابد من اعداد المعلمين جيدًا بدءًا منكليات التربية
هناك انعكاسات عديدة للاعتداءات التي شهدتها العملية التعليمية في الفترة الأخيرة
على الرغم من مرور أيام قليلة على بدء العام الدراسي الجديد، إلا أننا شهدنا العديد من الحوادث داخل أسوار المدارس، التي أثار عدد منها جدلا واسعا بين كثيرين لمساندة المعلم بعد تعرض أحدهم بمدرسة إعدادية بأسيوط للتعدي عليه بآلة حادة من قبل طالب داخل المدرسة.
وفي نفس الوقت أصبحت وصلات التعذيب وضرب الطلاب شكوى مكررة، وتلقت وزارة التربية والتعليم العديد من شكاوى الضرب والتعذيب في المدارس بالمحافظات المختلفة، مطالبين وزارة التربية والتعليم بحل تلك الأزمات ووضع حد لتجاوزات بعض أساتذة المدارس علي الطلاب، ومشاهدة واقعة التعدي على الطالبة بسملة أسامة بسبب تعدي معلم اللغة العربية عليها لتلعثمها في كتابة بعض كلمات الإملاء على السبورة.
أكد الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، أن هناك انعكاسات عديدة للاعتداءات التي شهدتها العملية التعليمية في الفترة الأخيرة سواء كانت موجهة من الطالب الي المعلم، أو من المعلم الي الطلاب أدت إلى حدوث خللا كبيرا في منظومة القيم بحبث اصبحت القيم المادية (ممثلة في السعي الي جمع المال للوفاء بمتطلبات الحياة اليومية) أولوية أولي وتراجعت القيم والمثل العليا ( مثل احترام الاخر، والالتزام، والانضباط ) واحتلت مرتبة متأخرة.
وأوضح أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن هذا الخلل بالمدارس نتيجة لتراجع دور الاسرة والمدرسة في التربية وحلت محلهما وسائط بديلة تقدم نماذج لا أخلاقية لا تراعي الدين والاخلاق مثل ما يعرص علي شبكات النت من أفلام تتضمن مشاهد عدوان وعنف.
فيما يتعلق بأسباب العنف الموجه من الطلاب الي المعلمين وكيفية معالجتها :
- معاناة بعضالتلاميذ من بعض الاضطرابات النفسية والعقلية وبالتالي لابد من اجراء فحوصات نفسية لجميع التلاميذ للتأكد من سلامتهم النفسية، وهذا يتطلب تفعيل دور الاخصائي النفسي، بل ويتعداه لانشاء وحدة خدمات نفسية في كل ادارة تقدم الاسعافات النفسية اللازمة للتلاميذ ذوي المشكلات.
- غياب القدوة أو المثل العلياأمام الطلاب ليحل محلها النماذج السلبية مثل الفنانين الذين يقومون بأدوار البلطجة والعنف، كذلك ما يرونه من مشاهد عنف في افلام الكرتون والالعاب الالكترونية، وبالتالي لابد من تركيز وسائل الاعلام علي النماذج الايجابية في المجتمع ليقتدي بها الطلاب ،وحجب مواقع النت التي تشجع علي العنف.
- تعاطي بعض الطلاب المواد المخدرةوبالتالي يمكن اجراء تحاليل عشوائية عن المخدرات في كل فترة.
- اتباع أساليب خاطئة في تربية الطفل (مثل القسوة المفرطة ) ، وبالتالي تكون شخصيته مضطربة ويسعي الي استعادة ثقته بنفسه من خلال التعدي علي معلميه، ومن ثم يجب توعية الاباء والامهات بأساليب التربية الصحيحة للابناء.
- وجود طاقات مكبوته لدي الطفل أو المراهق يلجأ الي تنفيسها من خلال التعدي علي الاخرين، وبالتالي لا بد من اتاحة فرص ممارسة الرياضة للطالب حتي يخرج فيها طاقاته بشكل مقبول.
- تفعيل لائحة الانضباط المدرسي وتطبيقها بكل دقة.
أما فيما يتعلق بسوء استخدام المعلمين للعقاب الذي قد يصل الي حد الانتقام أو التشفي من التلميذ وكيفية علاجه فقد ينتج ذلك عن عدة اسباب مثل :
- تعرض المعلم الي ضغوط نفسية متعددة وفشله في التعامل بكفاءة مع تلك الضغوط مما يعرضه الي ما يسمي بالاحتراق النفسي، وبالتالي لابد من تحفيف الضغوط علي المعلمين وتفريغهم للعمل في التدريس فقط وعدم تحميلهم بأعباء اضافية مثل الاشراف وشئون العاملين . ولا بد من تخفيف كقافة الفصول والتوسع في تعيين المعلمين الجدد مما يخفف الاعباء علي المعلمين الحاليين .
- لجوء المعلم إلي التنفيس عن انفعالاته السلبية المكبوته في تعامله بقسوةمع التلميذ .
- إصابة بعض المعلمين ببعض الاضطرابات سواء النفسية او العقلية.. ما يستدعي الكشف الطبي الدوري عليهم خاصة أن مهنة التدريس فضلا عن تشديد اجراءات القبول للطلاب المتقدمين للالتحاق بكبيات التربية بحيث تتضمن فحوصات نفسية حقيقية دقيقة واستبعاد من لا يصلح منهم نفسيا .
- عدم وعي كثير من المعلمين بأسس استخدام العقاب بشكل تربوي صحيح، وهذا يتطلب اقامة دورات للمعلمين عن كيفية استخدام العقاب بشكل صحيح ، وخاصة ان معظم المعلمين الحاليين من الاجيال التي تربت علي ان الضرب هو الوسيلة الاساسية للعقاب .
- ضغوط التلاميذ واستفزاهم للمعلم مما يجعله يخرج عن شعوره وضعيه وخاصة مع اغفال بعض الأسر لتربية اطفالها، وبالتالي لابد من اهتمام الاسرة بالتربية السليمة لاينائها والتي تقوم علي احترام المعلم.
- عدم امتلاك المعلم اي وسيلة فعالة لضبط سلوك التلاميذ، وبالتالي لا بد من ان تكون بيد المعلم بعض الوسائل للتحكم في سلوك الطلاب مثل الدرجات علي الانضباط.
- استهتار بعض التلاميذ بالمعلم في ضوء ما يشاهده من اعمال درامية تستخف بالمعلم ، وبالتالي لا بد من منع اي اعمال درامية تقدم صورة هزلية عن المعلم وتشجع الطلاب علي الاستخفاف به.
- الاهتمام بشكاوي الطلاب والمعلمين من بعض المعلمين في المدرسة والذين يظهرون انماط سلوكية غير سوية واخضاعهم للفحص النفسي.
- سن القوانين التي تجرم اي انتهاك لولي الامر للمدرسة واي محاولة منه للاعتداء علي المعلم.
- تصميم وتنفيذ حملات اعلامية تحث علي احترام المعلم وتبجيله.
ومن جانب اخر أكد الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي وأستاذ المناهج بكلية التربية في جامعة عين شمس، أن الاعتداءات في المدارس اصبحت ظاهرة نشاهدها بشكل متكرر، وأصبح يتناقلها الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي مرتبطة بغياب التربية السليمة في المنزل، وانحدار مستوى مهنة التعليم وما تبعه من انحدار في النظرة الى المعلم ودوره في المجتمع، هذه وغيرها من الأسباب أصبحنا نعاني منها هذة الايام.
وأوضح أستاذ المناهج بكلية التربية في جامعة عين شمس، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أنمن الطبيعي أن يحدث سوء تفاهم بين الطلاب والمدارس، لكن هذا لا يعني أن يتطور الأمر لحد الاعتداء على الكوادر التعليمية بالضرب والسب والإهانة، أو الوصول إلى القتل في بعض الحالات".
وأضاف الخبير التربوي، أن للمدرسة وللمعلم دور لا يقل أهمية عن دور الأسرة في تنشئة الطلاب وإرشادهم، لكن يبقى الأهل هم من يتحملون المسؤولية الأساسية في هذة الحوادث، قانونيا وأخلاقيا، فليس المطلوب من المدرسة أن تحل بديلا عن الأسرة، بل أن يكون هناك تكامل بين الطرفين وتعاون لما فيه خير وصلاح الأبناء التلاميذ ونجاحهم.
وأشار الدكتور حسن شحاتة، إلى أن سبب المشكلة التي جعلت تلك التصرفات الغير اخلاقية تتزايد هي عملية الضغوط النفسية والاجتماعية التي يعانيها المواطنين بسبب نقص الوعي مما جعل الجميع ينفر عن مسؤوليته عنه ويرمي اللوم على الأخر فهناك من لايدرك خطر تدمير هذا الصرح التعليمي ولهذا يسهل عليه عملية الاعتداء والعنف.
وطالب الخبير التربوي، بضرورة اتخاذ اشد العقاب لما نمر به من اعتداءات على المدرسين والمدرسات فى الفترة الأخيرة وهذا يتطلب عودة الروح إلى صفوفهم مرة أخرى فى المطالبة بحقوقهم المهدرة رغبة منهم فى توفير مناخ ملائم يؤدى للنهوض بالعملية التعليمية.
ومن جانبه أكدت الدكتورة مايسة فاضل، الخبيرة التربوية، وأستاذة علم النفس التربوي بالمركز القومي للامتحانات، أن أي إيذاء بدني يشعر به الطالب بالإهانة تقتل عنده شخصيتة، موضحة أن هناك رأي لابن خلدون يقول فيه إن الطفل الذي يعتاد على الإيذاء البدني أو الضرب تقتل فيه الشجاعة والشخصية القوية، وتجعله يعتاد الكذب ليهرب من المسئولية إن اخطأ حتى لا يضرب.
وأوضحت الخبيرة التربوية، أن المعلم الذي يفهم مهنته جيدًا وعنده ضمير يستطيع أن يفهم مفاتيح شخصية كل طفل، فكل واحد منهم له نمط تعلم، وسيراعي الفروق الفردية بين الأطفال وينوع من طرق التدريس وطرق العقاب، فبدلا من أن يكون إيذاء بدنيا من الممكن أن يكون حرمانا من شيء يحبه "الضرب إهانة لا تنسى من عقل الطفل"، وعند العقاب يجب أن يعرف على ماذا يعاقب وفيم أخطأ وما البديل، فالضربة الخفيفة على اليد تؤثر أكثر من الضرب المبرح.
وأضافت أستاذة علم النفس التربوي بالمركز القومي للامتحانات، أن من بين الطرق المختلفة الكثيرة للعقاب يختار المدرسون الضرب لأنهم يستسهلونه، على الرغم من أنه مع الوقت لن يؤدي لنتيجة.
وقالت الدكتورة مايسة فاضل، إن عدم تربية الطلبة بشكل جيد والتعامل معاهم بعنف في المنزل لا يبرر الرد عليهم بعنف، فالنماذج المشوهة التي نراها في المجتمع هي نتيجة تربية خاطئة في الماضي، ولهذا يستلزم أن نربي المدرس في البداية بشكل صحيح، وأن تؤدي كليات التربية دورها بشكل صحيح ونعده إعدادًا جيدًا للتعامل مع الطلبة.
وطالبت الخبيرة التربوية، المعلم أن يحاول احتواء الطالب ويعاقبه بطرق تربوية أخرى فالعنف إذا لم يقابل بلين لن ينتهي.
وأشارت أستاذة علم النفس التربوي بالمركز القومي للامتحانات، إلى انها كانت تقول لطلابها دائما إن المعلم الذي لا يرى في نفسه قدر من تحمل تصرفات الطلاب بالمدارس يترك المكان، لأن الخطأ الذي يخطئه يعيش مئات السنين، لأنه يربي بطريقة خطأ ويظل خطأه يتنقل عبر الأجيال.