قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

ستار الثقة.. هل نجحت روسيا في الإفلات من تأثير العقوبات؟

الكرملين
الكرملين
×

منذ نشوب الحرب الروسية الأوكرانية فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتبعهما في ذلك دول أخرى تدور في الفلك الغربي، موجات متتالية من العقوبات استهدفت بشكل أساسي مصدر دخل روسيا الأساسي شديد الأهمية والحيوية: صناعة النفط والغاز.

ويرى خبراء أنه لا جدوى من محاولات روسيا الالتفاف على العقوبات المفروضة عليها، إذ تعاني بالفعل بشكل أكبر مما توقعته مؤسسات مثل البنك الدولي، ويفسر محللون قوة الروبل بحجم النقد المتاح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقدرة الكرملين على إعادة توجيه الصادرات التي قاطعتها أوروبا إلى جيران روسيا في الجنوب، كدليل على عدم تأثرها بترسانة العقوبات التي فرضت عليها.

العقوبات على روسيا.. موسكو تكتم آلامها

ونقل تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية عن الخبير الاقتصادي ميخائيل مامونوف، وجهة نظر مختلفة، حيث كان أحد أفراد فريق تصميم نموذج محاكاة للاقتصاد الروسي في عام 2014، وقد قيم الفريق تأثير العقوبات التي أعقبت ضم بوتين لشبه جزيرة القرم، وخلص إلى أن الحصار الاقتصادي وحتى أبسط الإجراءات المالية في ذلك الوقت كان لهما أثر كبير.

ظهر هذا الأثر في وقف تصدير التقنيات المتقدمة التي تدخل في صناعة النفط الروسي، ولم يعد الجيش الروسي قادرا على الحصول على قطع الغيار الواردة من الغرب، وتوقفت معاملات بعض البنوك الحكومية، وأسفرت هذه الإجراءات عن انخفاض في معدل الناتج القومي المحلي بنسبة 1% والاستهلاك بنسبة 2% والاستثمار بنسبة 3.5%، وقد عمقت الحرب الروسية الأوكرانية الأزمة، حيث طُردت روسيا على أثرها من المنظومة المالية العالمية بشكل كامل.

اعتبر مامونوف نموذج 2014 قاعدة لتقييم هذه آثار العقوبات على عالم الأعمال والاقتصاد الكلي والأفراد في روسيا، وقال إنها ستكون أكثر إيلاما هذه المرة، كما قال البنك الدولي في وقت مبكر من هذا العام إن الاقتصاد الروسي معرض للانكماش بنسبة 6% خلال 2022، وتعقيبا على هذه التقديرات قال مامونوف إن النموذج يوضح أن العقوبات سترفع نسبة الانكماش المتوقع إلى 10%، وأن استهلاك الأفراد والشركات سينكمش بمعدل يتراوح من 10 إلى 15%، وسيتراجع حجم الاستثمارات بنسبة 17%، ومن المتوقع أن تأخذ العقوبات بعض الوقت كي يظهر أثرها، خاصة في دولة يحكمها رئيس مستبد يمكن أن يخصص موارد هائلة لتعويض الخسائر الناجمة عن العقوبات.

الطاقة ورقة بوتين الأقوى.. لكن هل تفيد؟

وكان بوتين قد رفع الأجور والمعاشات بنسبة 10% لحماية العائلات الفقيرة، التي تمثل جوهر الكتلة المؤيدة له، من تداعيات ارتفاع التضخم بنسبة 18%، والارتفاع الكبير في الأسعار الناتج عن ركود تصدير النفط والغاز، وفي الربع الثاني من هذا العام، حققت روسيا أعلى فائض في الحساب الجاري على الإطلاق، بفضل تحقيق فائض تجاري قياسي، وبينما يعكس هذا عوائد الوقود الأحفوري الضخمة، إلا أن انهيار الواردات عامل آخر يجب أخذه في الاعتبار.

وأكد مارك هاريسون خبير العقوبات والأستاذ الفخري في الاقتصاد بجامعة وارويك البريطانية، أنه من الخطأ الاعتقاد أن بوسع روسيا توجيه عوائد الطاقة لتمويل حربها على أوكرانيا، لأن العقوبات تمنع بوتين من شراء ما يحتاج إليه لتحقيق هذا الهدف، وأضاف أن الروبل استعاد قيمته بقوة بسبب اعتماده كعملة التداول في تشغيل رؤوس الأموال، وهو ما منع الروس من إنفاق أموالهم خارج البلاد.

وأصدرت كاترينا مارتينز الخبيرة الاقتصادية بمركز أبحاث بروجيل، بالتعاون مع زميلها سولت دارفاز هذا الشهر، تقريرا يوضح تفاصيل بيانات صادرات وواردات روسيا مع كبار شركائها التجاريين، بعد منع بوتين نشر الأرقام الرسمية، وقالا إن الواردات انخفضت في منتصف هذا العام إلى نصف حجمها قبل الحرب في 75% من مشتريات روسيا الخارجية، في إشارة إلى اضطرار المشروعات والمؤسسات المملوكة للدولة، تقليل التصنيع بسبب نقص قطع الغيار.

وأوضح التقرير أن العقوبات المفروضة على روسيا تشمل حظر المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تصدير السلع الاستراتيجية، بما فيها المعدات التقنية ومكونات الإلكترونيات وتكنولوجيا الاتصالات والفضاء وتكرير النفط، بالإضافة إلى قطاعات أخرى، فالعقوبات الأمريكية لم تقتصر على وقف تصدير منتجات الشركات الأمريكية، بل أيضا المنتجات المصنوعة باستخدام التكنولوجيا أمريكية، ويفسر نفوذ الولايات المتحدة عالميا الانهيار العام في واردات روسيا منذ مارس الماضي، حتى من الدول التي لم تفرض عليها عقوبات.

وما يؤكد هذه الحقيقة هو تعليق بنكين تركيين نظام "مير" للمدفوعات الروسية، وهو بديل عن استخدام كروت فيزا وماستركارد، في أعقاب تهديد الولايات المتحدة بعقاب أي دولة تقبل تحويلات الروبل الروسي، وقال هاريسون: "عندما نتحدث عن شن حرب تجارية بالتزامن مع حرب عسكرية، فإن الأمر يتعلق بالواردات".

العقوبات تعزل روسيا عن العالم

ولفت تيم آش الخبير الروسي في مركز أبحاث تشاتام هاوس، إلى أن بوتين تقبل حقيقة أن العقوبات غير مسبوقة القسوة هي بسبب غزوه لأوكرانيا، وقد أعد الاقتصاد الروسي لامتصاص الصدمة، ولكن على المدى المتوسط، فالعقوبات كارثية.

تعتمد روسيا على خطوط الأنابيب لتصدير الغاز، ومعظمها يصل إلى أوروبا، والبديل هو تجميده كي يمكن تسييله وشحنه كغاز مسال، لكن روسيا ليس لديها البنية التحتية اللازمة لفعل ذلك، ويستطيع بوتين منع الغاز عن أوروبا، لكنه لا يستطيع بيعه إلى دول أخرى، حيث تنقصه محطات تخزين الغاز المسال، وينقصه أيضا الوقت والتقنيات والمعدات التي تمكنه من ذلك، لذا يجب إبقاؤه في باطن الأرض، حسب ما قال آش.

وقال ياكوف فيجين الخبير الاقتصادي بمعهد بيرجرن في لوس انجيليس، إن أسعار الغذاء ترتفع في روسيا وبدأ نقص السلع الأساسية يشكل أزمة حقيقية، وأضاف أنه على الرغم من الصورة الوردية التي يرسمها بوتين، فإن هناك مشاكل في المواد الخام اللازمة للإنتاج، مما يعني أن المصانع ستخفض جودة المنتجات التي تصنعها.

وكان آش قد زار أوكرانيا، واقتنع أنها ماضية في طريقها لهزيمة روسيا بفضل الدعم المالي والعسكري من الغرب، فاقتصادات دول الناتو مجتمعة تشكل 40 تريليون دولار، بينما لا يتجاوز حجم الاقتصاد الروسي 1.7 تريليون دولار، ويخصص الناتو 2% من دخله للإنفاق العسكري، وهو ما يعني أنه مهما أنفقت روسيا، لا فرصة أمام بوتين لتحقيق النصر.