قالت الدكتورة أمل سعد حسين، مقرر محور الصحة، عضو المجلس الوطنى للتغيرات المناخية، والعميد السابق لمعهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية، وخبير فى الهيئة الدولية المنوطة بالتغيرات المناخية (IPCC)، إنه يتم يتناول دراسة التأثيرات التغيرات المناخية على الصحة العامة ورسم الخرائط الصحية للأمراض المعدية الحساسة للتغيرات المناخية واستيراتيجية التكيف من خلال الأبحاث والمشروعات البحثية التى تمت فى معهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية بالتعاون مع هيئة الأرصاد المصرية بتمويل من أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا والتعاون مع معهد ليزا بفرنسا.
وأوضحت أنه تم إثبات حدوث التغيرات المناخية فى بعض المحافظات المصرية، وارتباط ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وكثافة الأمطار بالموقع الجغرافى للمحافظة، وارتباط معدلات الاصابة بالإسهال بارتفاع درجات الحرارة وكثافة الأمطار، واختلاف هذه العلاقة بين المحافظات، وارتباط انتشار مرض البلهارسيا بارتفاع درجات الحرارة ونزوح بعض السكان إلى أماكن جديدة.
وأضافت أنه يتم نشر دراسة الاتجاه الزمني لمعدلات الإصابة بسرطان المثانة الناتج عن الإصابة بمرض البلهارسيا في مختلف المحافظات المصرية وعلاقته بالتغيرات المناخية خلال الفترة 1995-2005، حيث أظهرت النتائج أن متوسط درجة حرارة الهواء فى تزايد في جميع المحافظات، وأن عدد أيام درجة الحرارة القصوى البالغة 45 درجة مئوية أو أكثر قد تمت زيادتها في صعيد مصر.
ونوهت إلى انخفاض نسب الإصابة بسرطان المثانة البلهارسى بشكل كبير في معظم المناطق الحضرية ومصر العليا والوجه البحري، وذلك نتيجة الإجراءات الوقائية والعلاجية التى تقدمها وزارة الصحة والسكان للمجتمعات المصرية، بينما لم يكن هناك تغيير في النسب في المحافظات الحدودية.
ولفتت إلى أنه ظهرت حالات فى البحر الأحمر وسيناء، وتم تفسير ظهور هذه الحالات بنزوح الفلاحين من أراضى الدلتا إلى المناطق الجديدة بحثا عن زيادة الدخل نتيجة تآكل مساحات من الأراضى الزراعية لارتفاع سطح البحر وزيادة ملوحتها بسبب عوامل كثيرة، مما أثر بالسلب على جودة إنتاجيتها، ودفع بعض الأسر إلى النزوح إلى المناطق الحضرية أو الحدودية للعمل كعمالة بناء بحثا عن زيادة دخل الأسرة.
وذكرت أنه أجريت دراسة أخرى لدراسة معدل انتشار مرض التهاب القرنية الفطري للعين في منطقة القاهرة الكبرى في مصر وارتباطه بالتغيرات المناخية خلال الفترة 1997-2007، وهو مرض يصيب القرنية ويصعب تشخيصه وقد يؤدى إلى فقد الإبصار إذا أهمل علاجه، حيث أثبت التحليل الإحصائي ارتباط الارتفاع فى معدل الإصابات بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة والرطوبة الجوية القصوى في منطقة القاهرة الكبرى، وتتوافق الزيادة المتوقعة في هذا الداء حتى عام 2030 مع الزيادات المتوقعة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ودرجة حرارة السطح من نماذج تغير المناخ في مصر، وذلك إذا لم يتم اتخاذ إجراءات للوقاية والتشخيص المبكر وخفض الانبعاثات.
وتابعت: “كذلك أثبتت العديد من الدراسات أنه لا تزال الأمراض حيوانية المصدر والأمراض المنقولة بالنواقل (الحشرات وأهمها البعوض)، بالإضافة إلى الأمراض التي تنقلها الأغذية / المياه، تشكل خطراً على صحة الحيوانات والبشر ويرتبط انتشارها بالعوامل البيئية وتغير المناخ وصحة الحيوان، بالإضافة إلى الأنشطة البشرية الأخرى”.
وقالت إنه تم نشر كتابين دوليا، يسلط الكتاب الأول الضوء على أهم الأمراض المعدية المرتبطة بالتغيرات المناخية (فيروسات – بكتريا –فطريات – طفيليات) وطرق انتشارها فى الوطن العربي، وذكر أمثلة من مصر عن بعض هذه الأمراض، ويسلط الكتاب الثانى الضوء على العلاقة بين التغيرات فى الطقس وصحة الإنسان، مع التأكيد على أهمية توسيع نطاق البحوث البيئية لإجراء دراسات مستقبلية طولية على مدى فترات زمنية طويلة لاستقصاء الآليات التي من خلالها يمكن أن يؤثر الطقس والتغير المناخي على صحة الإنسان.
وأكدت أنه كذلك تم نشر دراسة مرجعية تتناول تأثير التغيرات المناخية على أمراض الكبد الطفليلية فى أفريقيا، وأظهرت الأدلة أن تغير المناخ، بما في ذلك ارتفاع درجة الحرارة المحيطة، واضطراب هطول الأمطار، وسلامة المياه، والتغيرات البيئية، تؤدي إلى تغير في توسع انتشار وتكاثر نواقل العدوى من حشرات أو مستودعات العدوى من قواقع وسيطة وعبء العدوى الطفيلية في المناطق الموبوءة في أفريقيا، وأيضا دراسة مرجعية أخرى تلقى الضوء على دور التغيرات المناخية على تغير الخريطة المرضية للمشاكل الصحية الكبدية من حيث الأمراض المعدية وانتشارها ودور التغيرات المناخية على الملوثات التى تسبب الأمراض الكبدية غير المعدية مثل سرطان الكبد والتسمم الكبدى.
وأضافت: "بالإضافة إلى تقييم الأغشية الحيوية لتصريف الأحواض والغبار المتراكم على مرشحات تكييف الهواء والأرضيات فى المستشفيات العامة، لتحديد ما إذا كانت تشكل مصادر محتملة للميكروبات المحمول جوًا، وتم عزل أنواع من البكتيريا الممرضة وغير الممرضة التى وجدت بشكل شائع في مواقع مختلفة في المستشفيات وفي الأماكن العامة، بالإضافة إلى اكتشاف تواجد فطريات الاسبرجيليس والبنسيليوم من الأنواع الفطرية الشائعة في حالة الهواء والغبار وتراكم الغبار على فلاتر التكييف وأسطح الأرضيات يشكل مصادر مهمة للبكتيريا والفطريات المحمولة جواً داخل هذه المستشفيات، وطبعا زيادة استخدام المكيفات فى المستشفيات والأماكن العامة وحتى فى المنازل لارتفاع درجات الحرارة التى لم يعتدها الإنسان المصرى يحمل خطورة التعرض لهذه الميكروبات إذا لم يكن هناك صيانة دورية لأجهزة التكيفات وتنظيف بطريقة سليمة للفلاتر.
وأوضحت أن هذه بعض المخرجات البحثية التى تظهر ارتباط التغيرات المناخية بالصحة العامة والتى تمت بمعهد بحوث البيئة والتغيرات المناخية بالمركز القومى للبحوث، والتى تلقى الضوء على أهمية عمل خرائط توقعية للأمراض المرتبطة بالتغيرات المناخية لتوفير الوسائل الوقائية والعلاجية ونشر المعرفة والتدريب بين الكوادر الطبية والباحثين فى مجالات الصحة لإيجاد حلول للمشاكل الصحية المتوقعة مع التغيرات المناخية.