كيف نحتفل بـ ذكرى المولد النبوي؟
الإفتاء: الاحتفال بذكر المولد النبوي شاهد على الحب والتعظيم
علي جمعة: أبو لهب رغم خلده في النار فرح بمولد النبي
وزير الأوقاف يكشف عن 4 أمور للاحتفال بذكرى المولد
ذكرى المولد النبوي.. تحتفي الأمة الإسلامية في الثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام 1443هـ، بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومع اقتراب ذكرى مولده الشريف، بين علماء الأزهر والأوقاف حكم الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم في وقت لا تزال دعوات التحريم والتبديع تسيطر على تلك المناسبة الشريفة كل عام.
ومن خلال التقرير التالي يرصد موقع صدى البلد آراء العلماء في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وكيفية إحيائه.
ذكرى المولد النبوي
قالت دار الإفتاء، إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف شاهدٌ على الحب والتعظيم لجناب سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفرح به، وشكرٌ لله تعالى على هذه النعمة. وهو أمرٌ مستحبٌّ مشروعٌ، ودرج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه.
وأضافت الإفتاء، في إجابتها عن سؤال: «ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟»، المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي: أن يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا.
واستدلت دار الإفتاء بما روي عن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه الترمذي، موضحة: فإذا جاز ضرب الدُّفِّ فرحًا بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سالِمًا، فجواز الاحتفال بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم للدنيا أولى.
ذكرى المولد النبوي
وقال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إن مولده ﷺ في فجر يوم الإثنين، في مكان يبعد قليلًا عن جبل المروة، يعرف إلى الآن بمولد النبي ﷺ، وقد شرق هذا المكان بقدومه صلى الله عليه وسلم، وحضر الميلاد الشريف أربعة من النسوة، مع أم النبي ﷺ، منهم: ثويبة، وكانت جارية عند أبي لهب، وَسُمِيَ هذا الرجل بأبي لهب؛ لشدة بياضه، ومنهم: أم أيمن: بركة، وكانت جارية عند عبد الله، عند أبي النبي ﷺ.
وبين: أنه ممن حضر "أم عبد الرحمن بن عوف، الذي كان حواري رسول الله ﷺ فيما بعد، عبد الرحمن بن عوف صلى وراءه النبي عليه الصلاة والسلام مرة، وكان يقول: «إن لكل نبي حواريًّا يصلى وراءه ذلك النبي»، فالنبي ﷺ سماه بالحواري؛ لأنه صلى وراءه.
وأكمل: حملت ثويبة الخبر إلى عبد المطلب، جد النبي ﷺ، وكان بجوار الكعبة، وحملت الخبر إلى أبي لهب، ففرح بها، وأعتقها؛ فرحًا بالنبي ﷺ، وأخرج الإمام البخاري: أن أحدهم - وهو العباس، عم النبي ﷺ، رأى أبا لهب في المنام فقال: ماذا صنع الله بك؟ قال: أنا في النار، إلا أنه يخفف عني كل يوم إثنين، بعتقي لثويبة.
ووجه جمعة سؤاله لمحرمي الاحتفال: يعنى لما فرح أبو لهب، وهو محكوم عليه بالنار؛ لِمَا كان منه من كفر، ومن حرب، ومن طغيان، ومن أذية لرسول الله ﷺ، حتى نزل فيه قرآن يتلى إلى يوم القيامة، لكن الله سبحانه وتعالى؛ لفرحته بمقدم النبي يخفف عنه كل يوم إثنين.
وأشار جمعة إلى أن النبي ﷺ عظيم الشأن، أتانا بمكارم الأخلاق، جاء في فجر يوم الإثنين، وكان يقول -عندما يسأل عن سر صيامه يوم الإثنين-: «هذا يوم ولدت فيه». كأنه ﷺ يعبد ربه في هذا اليوم؛ منة من الله عليه، تقتضي الشكر بالصيام، «هذا يوم ولدت فيه، وهذا يوم أرجو أن ألقى الله فيه»، وانتقل النبي إلى الرفيق الأعلى يوم الإثنين أيضًا، وكان مستجاب الدعاء.
ذكرى المولد النبوي
قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إنه مع بزوغ هلال شهر ربيع الأول نستشعر هبوب نسائم مولد الهادي محمد صلى الله عليه وسلم، تفوح عطرًا وأريجا في الأجواء كلها، حتى لكأن الهواء غير الهواء، والأجواء غير الأجواء , والأزمنة غير الأزمنة، شأن من يستنشقون عن بعد عطر المكان عندما يقترب الحاج أو المعتمر أو الزائر من حرم الله الآمن أو حرم رسوله (صلى الله عليه وسلم) وساحته المباركة , ولا سيما قلوب الهائمين والمحبين والعاشقين والمتشوقين لسيرته العطرة.
ولفت الوزير في ندوة تحت عنوان (نسائم مولد الهادي صلى الله عليه وسلم) إلى أنه كان أحد المحبين قد سأل صاحبه : ماذا بلغ بك حب فلانة ؟ فقال : بلغ بي أن أرى الشمس فوق جدران بيتها أجمل منها فوق جدران بيوت جاراتها , وأرى الهواء الذي يهب من جهة منزلها واتجاه مسكنها نسيمًا عليلا غير هذا الهواء الذي يأتي من أي جهة أخرى , وأرى القمر فوق قريتها غيره فوق سائر القرى , وأجد للأسماء التي تشاكل اسمها جرسًا دون سائر الأسماء , وللوافد من جوارها مَقْدِما غير مقدم الوافد من سائر الأقطار , فكيف بمن امتلأ قلبه بحب الحبيب (صلى الله عليه وسلم) حتى امتزج هذا الحب بلحمه ودمه , ولازمه في النوم واليقظة ؟!
وتابع: في ذكرى مولده ينبغي أن نتدارس سيرته , وأن نحيي سنته , وأن نتخلق بأخلاقه وأن نحيي ذلك في نفوسنا وقلوبنا وبيوتنا ونفوس أزواجنا وأبنائنا وأصدقائنا وجيراننا , وكل محبي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) , حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى) : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب : 21).
وأكمل: يجب أن نعطر في هذه الذكرى الحسنة ألسنتنا وبيوتنا وأجواءنا بكثرة الصلاة والسلام عليه (صلى الله عليه وسلم) , حيث يقول الحق سبحانه : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (الأحزاب : 56) , وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : "مَن صَلَّى عَلَيَّ واحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عليه عَشْرًا"، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "من صلَّى عليَّ من أمَّتي صلاةً مُخلِصًا من قلبِه صلَّى اللهُ عليه بها عشرَ صلواتٍ ورفعه بها عشرَ درجاتٍ وكتب له عشرَ حسناتٍ ومحا عنه بها عشرَ سيِّئاتٍ) .
ويقول - صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً" ، وعن عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : "إِنِّي لَقِيتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَشَّرَنِي وَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ، يَقُولُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا".
ذكرى المولد النبوي
وتحت عنوان “زِينَةُ الزَّمَان”، قال الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف: تعلّمنا أن الأزمانَ والأوقات إنما تشرُفُ بمقدار ما أودع الله (عز وجل) فيها من صُور التفضّل على عباده، فكلما زاد الفضل كلما زاد شرف هذا الزمان الذي جاء فيه هذا الفضل ، فكيف إذا خصّ الله (عز وجل) زمانًا شريفًا بأجلِّ نِعَم الله على الإطلاق، بأفضل نِعم الله على عباده، أقصد سيدَنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِين) ... إذن مجيء النبي (صلى الله عليه وسلم) نعمة من الله".
وتابع في منشور له عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" اليوم: تلك اللحظة المشرفة وذلك الزمان الشريف الذي جاء فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو زينة الزمان، مضيفاً: نحن نسمع أن هناك يومًا لبعثة النبي (صلى الله عليه وسلم)، ونسمع أن هناك يومًا لهجرة النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وأن هناك يومًا لبدر، ويومًا للفتح الأعظم ، وليلة الإسراء والمعراج ..... وهكذا، فكل هذه الأيام وكل هذه الأحداث هي فروع لمصدر واحد ، وليوم واحد وهو يوم ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم).
وشدد الجندي:"لولا يوم ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم) ما كان يوم البعثة ، وما كان يوم الهجرة، إذن فيوم الأيام ، وحدث الأحداث هو يوم ميلاد النبي.
وقال، إن احتفالنا بميلاد النبي - صلى الله عليه وسلم- إنما هو من باب قال تعالى: (وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّامِ ٱللَّه) ، فكيف إذا كنا نقف مع يوم الأيام وحدث الأحداث وهو يوم ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم)، لافتا إلى أنه تعلمنا أن يوم الميلاد النبوي ليس عيدًا؛ لأن العيد سُمي بذلك لأنه يعود كل سنة مرة؛ لكن الأصل أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فينا ، فيوم ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم) أسمى وأشرف من أن يكون عيدًا، بل هو عيد الأعياد، ولذلك يقول الله سبحانه : (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِ) .
واختتم قائلاً:"إذا أردنا الاحتفال بميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم) فعلينا أن نرقُبَ الهَدْيَ المحمدي في كل تصرف (قول، فعل، تعبير، سلوك، تفكير وفي كل شئونه وحركته".