الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبداعات آني إرنو تتقاطع مع سيرتها الذاتية.. أشهر مؤلفات الفائزة بنوبل 2022

الكاتبة آني إرنو
الكاتبة آني إرنو

أصدرت الكاتبة الفرنسية آني إرنو الحاصلة على جائزة نوبل في الأدب، نحو عشرين كتاباً، بين رواية وقصة وسرد سيَري، من بينها "الساحة" (1983) التي فازت بجائزة "رونودو"، و"عاطفة بسيطة" (1993)، و"السنوات" (2008)، الحاصلة على جائزتي "مارغريت دورا" و"فرنسوا مورياك" عامَ صدورها، و"الفتاة الأُخرى" (2011)، و"ذاكرة فتاة" (2016)، وغيرهم.

 

آني إرنو.. أكثر الروائيات الفرنسيات حضورا 


يقول عنها الشاعر والمترجم اللبناني اسكندر حبش، الذي ترجم لها رواية "الاحتلال"، "دون أدنى شك، تبدو آني إرنو، واحدة من أكثر الروائيات الفرنسيات حضورا وأكثرهن شهرةً على الساحة الأدبية الفرنسية المعاصرة، فكل كتاب من كتبها، لا بدّ وأن يسيل الكثير من الحبر والمتابعات الصحافية والنقد، ربما يعود ذلك إلى موضوعاتها التي تتقاطع مع سيرتها الذاتية، هذه السيرة التي بدأت عام 1940 في مدينة "ليلبون"، حيث نشأت في كنف عائلة متواضعة، في "إيفتو" (منطقة النورماندي).


وجاء موت شقيقتها البكر بمرض "الدفتيريا" (الذباح أو الخانوق) قبل مولدها ليسم حياتها اللاحقة، وبعد أن تابعت دراستها في الآداب المعاصرة، درّست اللغة الفرنسية، وتزوجت عام 1964 من رجل ينتمي إلى البورجوازية الصغيرة، صدرت روايتها الأولى "الخزائن الفارغة" عام 1974 واستمرت في التدريس حتى عام 1977 وحين انفصلت عن زوجها عام 1980 كانت قد أنجبت طفلين".

 


عام 1984 نشرت رواية الساحة، كتاب سردي صغير استدعت فيه صعودها الاجتماعي الذي جعلها تبتعد عن أهلها، جاء كتاب "الساحة" ليشكل العمل المفتاح، لما عرف في ما بعد باسم تيّار "التخييل الذاتي"، وقد ترجم إلى العديد من لغات العالم، وليحز على جائزة "رونودو" بدءا من ذلك الكتاب، بدأت كتابة إرنو المينيمالية تتركز عبر سبر أغوار الحميمي ، أكان ذلك عبر شكل الرواية الأوتوبيوغرافية (السيرة الذاتية) أو عبر شكل اليوميات، إذ تخلت عن كتابة القصة المتخيلة التقليدية، لتركز على تلك الرواية المستمدة أحداثها من سيرتها، حيث تتقاطع فيها التجربة التاريخية مع التجربة الفردية، حيث أن كلّ رواية من روايات الكاتبة الفرنسية آني إرنو، تدور حول تيمة معينة. 


ففي كتاب امرأة، ترجمته إلى العربية الشاعرة المصرية هدى حسين، مثلما ترجمت لإرنو العديد من الكتب الأخرى، تتحدث الكاتبة عن أمها، وعن الانتظار العاشق في كتاب شغف بسيط وعن الإجهاض في رواية الحدث التي تحولت إلى فيلم سينمائي من إخراج أودري ديوان وهي مخرجة فرنسية من أصول لبنانية، قام بالبطولة آناماريا فارتولومي، وقد حاز الفيلم جائزة الأسد الذهبي في مهرجان نيس عام 2021. 

 

تحويل رواية الساحة لفيلم سينمائي 


رواية "الحدث" تتناول قضية حساسة تدور في ستينيات القرن الماضي، حين تقرر البطلة وهي طالبة جامعية أن تقوم بعملية إجهاض، في الوقت الذي كان ممنوعاً على الأطباء القيام بهذه العملية. تروي آرنو تشابك المشاعر النفسية التي تعاني منها البطلة ليس على المستوى الذاتي فقط، بقدر توقفها عند المخاوف الاجتماعية نتيجة الموقف الذي وجدت نفسها فيه، لنقرأ: "أخبرني طبيب النساء بأني حامل. ما كنت أحسبه ألماً في المعدة، كان غثياناً إذاً، ومع ذلك وصف لي حقنا حتى تعود دورتي الشهرية. لكن لم يبد عليه أنه واثق من فاعليتها. عدت إلى الحي الجامعي مشياً، كتبت في المفكرة: أنا حامل، يا للهول".

البطلة آن أمامها القليل من الوقت، والامتحانات تقترب، وبطنها ينتفخ، وكانت محاولة الإجهاض تعني، وفق قانون ذلك الوقت أن السجن من الممكن أن ينتظرها هي وكل من ساعدها في تنفيذ هذه الخطوة. لذا من المهم الكتمان والتستر على الحدث، الذي لا يبدو أن البطلة توليه قدراً من السرية، إذ تكشف حالها أمام العديد من الأصدقاء سعياً لإيجاد من يساعدها على الخروج من المأزق.


تواجه آرنو هذا الحدث بشجاعة بالغة معتبرة إياه مسألة شخصية بحتة وأن من حقها وحدها القرار واختيار الزمن الذي سوف تصبح فيه أماً. 


لا تبدو الكاتبة في خلاف مع فكرة الأمومة في حد ذاتها، إذ يخال القارئ في بعض الفقرات أنها غير متأثرة بالقرار، لا يوجد أي انثيال عاطفي رغم ما يبدو على البطلة من حساسية شديدة، ولكن أن تكون أماً في العشرين وهي على مقاعد الدراسة فهذا يبدو أمراً جنونياً.


في أحد حواراتها تصف آرنو علاقتها بالأمومة وبولديها بأن حياتها ظلت لوقت طويل، تدور حولهما وحول اهتمامها بهما، وكيف تأثرت هي أيضاً بنوع الموسيقى "الميتلك" التي كانا يستمعان إليها.

 

كما حظي نص "السنوات" باهتمام عالمي بعد وصوله إلى قائمة "البوكر" العالمية 2019، جعل آني أرنو في الواجهة بما فيه من ثراء وتأصيل لتجربتها، التي أرادت من خلال هذا النص تحديداً أن تحكي سيرة الخاص والعام في ضفيرة واحدة، أكثر من نصف قرن من الأحداث تحتشد في صور متلاحقة تنفصل وتتصل في التحام سردي سلس ميز سردها، الذاكرة والماضي وما تلاشى بعيداً، ما استدعته من يومياتها ومن أوراقها، تشبكه بحنكة تثري السرد. حاولت الكاتبة في هذا النص المذهل أن تربط بين الماضي والحاضر، وترى أن "العالم في النتيجة ينقلب رأساً على عقب، ونحن نشيخ أيضاً".