"أنا ورثت المكان ده عن أبويا اللي وارثه عن جدي.. يعني المحل ده له 100 سنة كده.. المهنة معادتش مطلوبة زي زمان.. بس ما زال الناس في احتياجنا وخاصة قبل شهر رمضان"، بهذه الكلمات بدأ العم جمال صابر، سمكري منطقة القيصرية بمحافظة سوهاج، حديثه مع موقع “صدى البلد”.
وأكد العم جمال صابر، أنه ورث تلك المهنة عن والده الذي توارثها عن والده أيضًا، ليُعاصر هذا المحل الصغير الذي لم تتجاوز مساحته 15 مترًا، ثلاثة أجيال مُختلفة، باختلاف مبادئهم وأفكارهم وأساليب حياتهم.
محل صغير لا تتجاوز مساحته عشر أمتار، ولا تتخطى 15 مترًا، جدرانه تتحدث عن الزمن الجميل، يستقبلك عند مدخل بابه بمنتصف الحائط الأيسر، تليفزيون يتحدث بصوت 50 عامًا مضت، يجاوره العديد من المصنوعات النحاسية والاستانلس، التي صُنعت على يدي رجل بلغ سن التقاعد من أكثر من ثلاث سنوات.
"عندي 3 أولاد كلهم في المراحل الدراسية المُختلفة.. مفيش حد فيهم اتعلم المهنة ولا بيشتغل فيها.. عندي ابني الصغير بس اللي يهوى الشغل ده شوية.. ما هو لازم حد يورثها من بعدي"، بابتسامة يتسع لها الصدر وتطمئن بها النفس، أخذ يستكمل "صابر" حديثه.
وأكد أن أبناءه الثلاثة لم يمتهنوا مهنة السمكرة عنه وعن والده وجده، إلا أنه ظل وراء نجله الأصغر حتى علمه أصول المهنة؛ كي يرث المحل ويظل بابه مفتوحًا أمام الجميع، من بعده.
الخامات اتغيرت بتغير الزمن
وأشار العم جمال صابر، سمكري منطقة القيصرية بمحافظة سوهاج، إلى أن "القيصرية" قديمًا كانت تمتلئ بمحال السمكرة، وكان المواطنون يأتون خصيصًا لهم من جميع قرى ونجوع سوهاج؛ من أجل الحصول على مصنوعاتهم التي يقف عليها أبواب أرزاقهم التي قدرها الله لهم، من معدات لزراعة الأراضي، وأخرى لإعداد وتجهيز حلويات شرقية وغيرها من الحلوى.
ولفت إلى أن "السمكري" يحتاج إليه الكثير في هذا الزمن، قبيل شهر رمضان الكريم فقط: "الناس بتحتاجنا دلوقتي في شهر رمضان بس.. نعملهم كوز الكنافة ورسامة البسكويت وأداة المشبك وغيرها حاجات كتير بيشتغلوا بيها في الشهر الكريم".
وأردف قائلًا: "زمان كنا نعمل الزير والكوز والكوبايات الاستانلس.. كنا نصنع القلل والصواني.. دلوقتي كل حاجة اتغيرت.. الخامات اتغيرت وغلي سعرها وبهدلتنا والله"، هكذا كان يصف السمكري الستيني الحال الذي تغير منذ عقود من الزمن، مُستاءً من ارتفاع أسعار الخامات التي تغيرت تمامًا في جودتها عما اعتاد عليه قديمًا.