الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أكتوبر بين زخم الحب والنصر

د. غادة جابر
د. غادة جابر

أرى نصر أكتوبر حباً لهذا الوطن، لم يكن فقط تكليفاً، أو تخطيطاً استراتيجياً محكماً، بل إنه كان حباً عظيماً لبلدِ عظيم اسمه مِصر، إصرار الشعب علي النصر هو سر نصر أكتوبر، الملاحم الوطنية والقومية والعسكرية، كانت سُبلا للنصر، تمهيدا للطريق، حب الشعب المصرى لمصر، وإيمانه وعقيدته ووحدة العزم سر عظيم للنصر، كنت دائماً أستمع وأستمتع بالأحاديث عن نصر أكتوبر، كنت أصغي جيداً للروايات والحكايات، وكأنها أساطير. 

وكنتُ أتمنى أن أكون أحد أبطال هذه القصص التاريخية، قصص لبطولات قام بها فدائيون ومجندون وعسكريون وقادة، جميعهم شاركوا في ملحمة تاريخية. 

"التاريخ" أقف بثبات أمام هذه الكلمة التي تحمل في طياتها سنوات ودماءً وأحداثا، لم يستطع أحد أن يجزم بمصداقيتها إلا من عاش هذه الفترة التي يتحدث عنها التاريخ، ونحن اليوم في إحياء ذكرى نصر السادس من أكتوبر العاشر من رمضان، يحدثنا بالفعل أجيال عاشوا هذه الفترة التي يقرها التاريخ، أجيال حاربت وانتصرت. 

ويجب عليَ أن أذكر "أبي"، أول رجُل تحدث معي عن حرب 67 وحرب 73، أبي الذى زرع في نبتي مبادئ العزة والكرامة، فسرد لي تاريخا عاصره فعلاً، فكان أحد الجنود المقاتلين في حربي 67 و73، كان يقول لي أنا وإخوتي: "أنا حاربت.. كنت على خط النار 7 سنين في الجيش". 

كنت أتأمل هذه الجملة وأنظر لأبي، لهذا الرجل الذى أراه أمامي، يغمرنا بحنيته، وعطائه، يتكبد متاعب الحياة من أجلنا، لا يكل ولا يمل، دائماً يحدثنا عن النصر والقوة والتميز وأننا نستطيع، علمت أن هناك جيلاً كاملاً تعلم الإرادة والتحدى والقوة، من الانكسار إلى العزة والكرامة، وورثوا مجدهم لأجيال ونورثها نحن أيضاً لأجيال "الوطن، الحب، السلام، العزة، الأمل".

وصالاً وأنا في طريقي إلى عملي مع بداية شهر أكتوبر، في طريق مزدحم بالسيارات والمارة، وطبعاً السبب معروف، فبدء شهر أكتوبر، بدء الدراسة وخروج أبنائنا إلى المدارس، بل والأهالي يصطحبون أبناءهم ممن هم في سن صغيرة، صغارا وأطفالا، يحملون حقائبهم ووجوههم ممتلئة بالفرحة والتحدى والأمل، فالمدرسة ليست فصولا ومباني لتلقي الدروس والعلوم فقط، بل بها أيضاً الحوش "الفناء" والملاعب، ولقاء الأصدقاء والصحبة واللعب بحرية والضحكة.

رأيت على وجوههم قصصا كثيرة عن الحب، حب الحياة، والأمل، والطموح، وحب هذا الوطن الذى ينشأ على حبه كل مواطن مصرى، بداية من تحية العلم في طابور المدرسة الصباحي، بصوت قوى "تحيا جمهورية مصر العربية"، إلى الاصطفاف لعزة الدولة المصرية. 

فتيات وصبية في مرحلة الزهور، مفحمون بالطاقة والتفاؤل وحب الحياة، يحملون شنطاً بها أحلام، ومظهراً مبهجا من ملبس منظم، وابتسامة تزهو طوال اليوم، فرحين بالدراسة بين المدارس والجامعات، أراهم جنود هذا الوطن المسلحين بالعلم والأمل والعمل والإيمان والثقة في الله وفي وطنهم. 

ومن الطريق كوبرى 6 أكتوبر، الذى يحمل اسم هذا اليوم العظيم، يوم العبور، أحب هذا الكوبرى كثيراً، لا أعرف السبب، رغم صدى الشكوى من زحامه، لكني أراه زحاماً في حب مصر، الجميع يسلك طريق العبور لنصر، إما نصر في عمل، أو تحقيق رسالة علمية، أو فنية، أو أدبية، أو مساعدة ونجدة أشخاص آخرين، أراه زحاماً زخماً تظله مظلة نصر بحب عظيم، دائماً مصر مزدحمة بالقوة، قوة المواطن المصرى، "فخورة بمصريتي".