الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«ذا ديبلومات»: زيارة البابا فرنسيس إلى كازاخستان تعكس أهمية آسيا الوسطى بالفاتيكان

صدى البلد

  قالت مجلة "ذا ديبلومات"، المتخصصة في الشئون الآسيوية، إن زيارة البابا فرنسيس الأخيرة إلى كازاخستان خلال شهر سبتمبر 2022 تشير إلى الجهود الدبلوماسية واسعة النطاق وطويلة الأمد للفاتيكان تجاه آسيا الوسطى والصين.
وذكرت المجلة، في تقرير لها، أن البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، زار كازاخستان في منتصف سبتمبر الماضي للمشاركة في مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية في نسخته السابعة (تحت عنوان "دور قادة الأديان في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء "كوفيد - 19")، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن معظم الاهتمام الدولي ركز على قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي عقدت في التوقيت ذاته تقريبا في أوزبكستان، فإن الزيارة البابوية لكازاخستان لم تكن أقل أهمية من الناحية الجيوسياسية.
وأوضحت أن رحلة البابا فرنسيس كانت جزءا من الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا وطويلة الأمد للفاتيكان تجاه آسيا الوسطى، لافتة إلى أنه في يوم وصوله إلى العاصمة الكازاخية، التقى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج في سمرقند لبحث آفاق النظام العالمي الجديد، ودعا بابا الفاتيكان القادة بشدة إلى تجديد روح اتفاقيات هلسنكي وتجنب أيديولوجية التكتلات.
وأشارت المجلة إلى أنه بالإضافة إلى الإدانات الشديدة للحرب في أوكرانيا والمحاولة الفاشلة للقاء الزعيم الصيني، ألقى البابا فرنسيس خطابا قويا لقادة كازاخستان حول الإصلاحات السياسية والحكم الرشيد، ورغم أنه قد لا يؤثر على التحول السياسي المستمر في كازاخستان، فإنه يوضح في الوقت ذاته أن بابا الفاتيكان لا يتردد في الانخراط في السياسة وتقديم الدعم في الوقت المناسب.
وتطرقت "ذا ديبلومات" إلى الهدف الرئيسي لرحلة البابا فرنسيس إلى كازاخستان هو المشاركة في مؤتمر زعماء الأديان، ووصفته بأنه موقف بابوي جديد إلى حد ما، موضحة أنه رغم تأكيد الكنيسة الكاثوليكية على قيمة التقاليد الدينية الأخرى، وتنظيمها فعاليات كبرى في هذا النطاق، إلا أنه حتى وقت قريب كان الباباوات يعقدون أنشطة تجمع الأديان بينما لا يشاركون في الفعاليات التي ينظمها الآخرون، لكن البابا فرنسيس جعل نفسه واحدا من بين الآخرين، وكما تشير زيارته المرتقبة إلى البحرين (من 3 إلى 6 نوفمبر المقبل للمشاركة في منتدى للحوار بين الشرق والغرب، في أول زيارة لأي من بابوات الفاتيكان إلى مملكة البحرين)، فإنه على استعداد ليكون ضيفا ينضم إلى جهود الزعماء الدينيين الآخرين، مثلما زار أبو ظبي في 2019 ليشارك مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب في التوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك.
وترى "ذا ديبلومات" أنه في ظل هذا التحول الذي تشهده الكنيسة الكاثوليكية، تكتسب آسيا أهمية خاصة؛ نظرا للتنوع الديني الذي تحظى به دولها، لافتة إلى أن البابا فرنسيس زار كازاخستان على وجه التحديد، نظرا لأن منطقة آسيا الوسطى كانت مهمشة لمعظم الوقت على مدار القرن الماضي وكانت زيارته لكازاخستان بمثابة تصريح بأن منطقة آسيا الوسطى ليست هامشية بل تقع في قلب التدفقات الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية وتستحق اهتماما أكبر.
وأشارت إلى أن رحلته إلى آسيا الوسطى جاءت بعد قائمة طويلة من الزيارات إلى هذه الأماكن المهمشة ومنها: لامبيدوزا (جزيرة المهاجرين الإيطالية) وفلسطين وألبانيا وكوبا وبنجلاديش وغيرها، مضيفة أنه منذ بداية ولايته البابوية، ندد بتهميش بعض الأماكن والأشخاص بسبب النظام الاقتصادي والسياسي الحالي في العالم.
عندما انهار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي، كان الفاتيكان سباقا للاعتراف باستقلال وسيادة جمهوريات آسيا الوسطى إلى جانب دفاعه المباشر عن القضايا التي تهم المنطقة من خلال قنوات مختلفة. ففي عام 2001، زار بابا الفاتيكان الأسبق يوحنا بولس الثاني كازاخستان بعد عشر سنوات من استقلالها. ورأى مراقبون حينها أن زيارته جاءت للاحتفال بنهضة الدولة الكازاخستانية والإحياء الديني للمنطقة على الرغم من أن الكاثوليك يشكلون في كازاخستان أقلية صغيرة، لكن الزيارة البابوية ساعدت أيضا على منحهم الرؤية والثقة والاعتراف القانوني.
وفيما يخص الحرب في أوكرانيا، رأت المجلة أن زيارة البابا فرنسيس لكازاخستان تمثل تأكيدا لمعارضة الكنيسة الكاثوليكية لـ"الحرب العبثية والمأساوية" في أوكرانيا، وبعد إرسال مبعوثين خاصين إلى أوكرانيا، قدم البابا فرنسيس رحلته إلى آسيا الوسطى على أنها بمثابة "رحلة حج للحوار والسلام".
وفيما يخص العلاقات مع الصين، أشارت "ذا ديبلومات" إلى أن الصين والفاتيكان يخوضان مفاوضات لتجديد اتفاقية تاريخية مؤقتة جرى توقيعها في سبتمبر 2018، تتعلق بالطريقة المناسبة لكلا الطرفين لاختيار الأساقفة الكاثوليك في الصين، لافتة إلى أن هذا الاختراق في العلاقات بين الجانبين جاء في خضم التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وفي ظل جهود واشنطن لاحتواء صعود الصين ورغم ضغط الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الفاتيكان لعدم إجراء مزيد من المفاوضات مع الصين، كما تمثل تحولا كبيرا في السياسة الدينية للحزب الشيوعي الصيني.
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق المؤقت بين الفاتيكان والصين والموقع قبل عامين تمتد صلاحيته حتى الثاني والعشرين من شهر أكتوبر الجاري.