الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسائل الأوقاف في ذكرى المولد النبوي: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية .. لا تعارض بين العلم والدين .. وباب الاجتهاد في المتغيرات والمستجدات واسع إلى يوم القيامة

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

رسائل الأوقاف في المولد النبوي الشريف 

وزير الأوقاف: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية

: نقدر الإنجازات العظيمة التي تحققت على أرض مصر في مختلف المجالات

: السنة المشرفة هي المصدر الثاني للتشريع ولا غنى عنها في بيان كثير مما أجمل في القرآن الكريم

: لا بد من إعمال العقل في فهم النص قرآنًا وسنة

: باب الاجتهاد والتجديد في المتغيرات والمستجدات واسع ومفتوح إلى يوم القيامة لأهل الاختصاص

: الرأي الشرعي في القضايا العلمية التخصصية والحياتية المستجدة يُبنى على الرأي العلمي ولا يسبقه

قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، فتح رسول الله الباب واسعاً لأصحابه في حياته هو، وقد ثبت ذلك حين بعث رسوله معاذ بن جبل إلى اليمن، فلم يقل إن لم أجد حكماً في كتاب الله أو سنة رسوله، أنه سيرسل رسولاً إلى النبي والانتظار حتى يسأله صلى الله عليه وسلم في المسألة.

وأوضح وزير الأوقاف، أنه من هذا المنطلق بأهمية إعمال العقل قرآنا وسنة، وبناء جيل من الأئمة قادر على التعامل مع مستجدات العصر، دورات التدريب والتأهيل المستمر بالتعاون مع الأزهر والإفتاء وعدد من المؤسسات الوطنية، إلى جانب ما تقوم به أكاديمية الأوقاف الدولية.

ولفت إلى أن التنوع الثقافي والمعرفي والاستفادة من العمل الإفتائي في القضايا الاقتصادية والمناخية وغيرها أمور تحتاج لرأي أهل الخبرة ليقوم عليه أهل الفتوى، وأن الرأي الإفتائي في القضايا المستجدة يبنى على الرأي العلمي ولا يسبقه لقوله تعالى:"واسألوا أهل الذكر"، فلا تناقض أبدا بين العلم والدين.

التزام الأدب مع رسول الله وسيرته

وبين وزير الأوقاف خلال كلمته بالمولد النبوي، أن القرآن الكريم تحدث عن الرسول حديثا كاشفا عن عظيم مكانته، فقال تعالى مزكيا لسانه “ما ينطق عن الهوى”، وذكى فؤاده، ومعلمه، وكله بقوله:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"، وجعل طاعته من طاعة الله عزوجل وجل:"من يطع الرسول فقد أطاع الله"، وحذر من مخالفته.

وتابع وزير الأوقاف خلال كلمته باحتفال الوزارة بذكرى المولد النبوي 2022، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي ولفيف من القيادات السياسية والدينية : ينبغي التزام الأدب حين التحدث عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، نفرق بين الثوابت والمتغيرات، فقد فتح النبي باب الاجتهاد والتجديد في المتغيرات فقال النبي إن الله يبعث على رأس 100 عام من يجدد لها دينها.

ذكرى مولد خاتم الأنبياء

وفي كلمته قال وزير الأوقاف: “يطيب لي أن أهنئ حضراتكم جميعًا بذكرى مولد خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، سائلاً الله (عز وجل) أن يعيد هذه الذكرى العظيمة علينا وعليكم وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات. كما يسرني أن أهنئكم سيادة الرئيس وقواتنا المسلحة الباسلة بذكرى انتصارات أكتوبر، مؤكدين وقوفنا صفًا واحدًا خلف سيادتكم، مقدرين تلك الإنجازات العظيمة التي تحققت في ظل قيادتكم الحكيمة على أرض مصر في مختلف المجالات”.

وأردف: فقد تحدث القرآن الكريم عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حديثًا كاشفًا عن عظيم مكانته، وكريم أخلاقه، فقد زكى ربه (عز وجل) لسانه فقال سبحانه: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى"، وزكى فؤاده فقال: "مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى"، وزكى عقله فقال: "مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى"، وزكى معلمه فقال: "عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى"، وزكى خلقه فقال: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، وزكاه كله فقال: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"، وجعل طاعته (صلى الله عليه وسلم) من طاعته (عز وجل) فقال سبحانه: "مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ"، ونهى عن مخالفة أمره فقال سبحانه: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، مما يوجب علينا التزام أقصى درجات الأدب عند الحديث عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أو الحديث عن سنته المشرفة التي لا غنى عنها في بيان كثير مما أجمل في القرآن الكريم، يقول الإمام ابن حزم رحمه الله: في أي آية من القرآن وجد أن الظهر أربع ركعات، وأن المغرب ثلاث ركعات، وأن الركوع على صفة كذا، وأن السجود على صفة كذا، أو بيان ما يجب تفصيلًا في الصوم، أو ما يجب تفصيلاً في الزكاة والحج، إنما جاء ذلك مفصلاً قولا وعملا في سنة الحبيب (صلى الله عليه وسلم).

باب الاجتهاد والتجديد في المتغيرات والمستجدات

وقال إننا نفرق بوضوح بين هذه الثوابت وبين المتغيرات التي قد تتغير فيها الفتوى بتغير الزمان أو المكان أو الأحوال، فقد فتح نبينا (صلى الله عليه وسلم) باب الاجتهاد والتجديد في المتغيرات والمستجدات واسعًا، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "إِنََّ الله (عز وجل) يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا أمر دِينَهَا"، وطبعيّ أن هذا التجديد لا يكون إلا بالاجتهاد والنظر ومراعاة ظروف العصر ومستجداته.

كما أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد أقر مبدأ الاجتهاد وفتح بابه واسعًا لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين في حياته هو (صلى الله عليه وسلم)، فحين بعث (صلى الله عليه وسلم) سيدنا مُعَاذ بن جبل (رضي الله عنه) إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: (كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟)، قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ الله، قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ في كِتَابِ الله؟)، قَالَ: أَقْضِي بِسُنَّةِ رَسُولِ الله، قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ في سُنَّةِ رَسُولِ الله؟)، قَالَ: أَجْتَهِدُ رأيي ولَا آلُو".

فلم يقل سيدنا معاذ لسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن لم أجد حكمًا في المسألة في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنتظر أو أتوقف حتى أرجع إليك أو سأرسل إليك رسولًا، ولم يطلب النبي (صلى الله عليه وسلم) منه ذلك، بل ترك له مساحة واسعة للاجتهاد والنظر، قائلًا له: "الْحَمْدُ لله الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ الله لِمَا يُرْضِي رَسُولَ الله".

وشدد: من هذا المنطلق النبوي الشريف، وفي ضوء توجيهاتكم المتتابعة بأهمية إعمال العقل في فهم صحيح النص قرآنًا وسنة، في ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع الشريف وأهمية بناء جيل من الأئمة قادر على التعامل مع مستجدات العصر وإشكالاته وتحدياته، فإننا عملنا على ذلك من خلال عدة محاور من أهمها: دورات التدريب والتأهيل المستمرة بالتعاون مع الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية وأكثر من عشرين جامعة مصرية والعديد من المؤسسات الوطنية، ومن خلال أكاديمية الأوقاف الدولية التي خطت خطوات واسعة نحو العالمية، فإلى جانب دورها الوطني في إعداد وتأهيل الأئمة، صارت قبلة العديد من دول العالم في تدريب الأئمة والواعظات والإعلاميين وغيرهم من المعنيين بقضايا الفكر الديني، مع حرصنا على التنوع الثقافي والمعرفي في برامجنا التدريبية والاستفادة من جميع التخصصات والخبرات العلمية، فالعمل الإفتائي في القضايا الاقتصادية والطبية والبيطرية والمُناخية وشئون الهندسة الزراعية والوراثية وغير ذلك من مفردات حياتنا ومستجدات عصرنا يحتاج إلى رأي أهل الخبرة والتخصص العلمي لتُبنَى عليه الفتوى، فالرأي الشرعي في القضايا العلمية التخصصية والحياتية المستجدة يُبنى على الرأي العلمي ولا يسبقه، وهذا ما نفهمه من قوله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، وأهل الذكر هنا هم أهل الاختصاص في كل علم، فنسأل الفقهاء في الفقه، والأطباء في الطب، والمهندسين في الهندسة، وهكذا في سائر العلوم والمهن، فلا تناقض أبدًا بين العلم والدين.

واختتم وزير الأوقاف قائلاً: "نؤكد أن بعثته (صلى الله عليه وسلم) كانت فتحًا عظيمًا للدين والدنيا، وكان ميلاده (صلى الله عليه وسلم) ميلاد أمة، وميلاد حضارة، وميلادًا عظيمًا للإنسانية جمعاء، يقول شوقي: خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما.. يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ

ويقول:

وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ.. وَفَـــــمُ الـزَمـانِ تَـبَـســــُّـمٌ وَثَناءُ

الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ.. لِـلــــديـنِ وَالـدُنـيــــا بِهِ بُشَراءُ

يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ.. وَمَـــســــاؤُهُ بِـــمُــحَـمَّـدٍ وَضّــــاءُ