الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

روسيا تتوسع.. والغرب يتوعد

فادي عماد
فادي عماد

منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم الأراضي الأوكرانية الأربعة وهي دونيستك ولوجانسيك وخيرسون وزابوريجيا إلى الاتحاد الروسي، انتشرت حالة من الخوف والارتباك في أوروبا والغرب بأكمله وتماطرت التصريحات المعارضة لضم هذه الأراضي والمنددة بالاستفتاء الذي تم في المناطق الأربعة والذي كانت نتيجته الموافقة شبه الجماعية على الانضمام إلى الأراضي الروسية، وهو ما وصفته الدول الغربية والأمم المتحدة بعدم مشروعيته ورفضت الاعتراف بنتائج الاستفتاء.

 

ومع زيادة المشاحنات وتصاعد حدة التصريحات من كلا الجانبين، الروسي والأوكراني والروسي الغربي، واعتراف روسيا بالأراضي الجديدة مما يجعل هذه الأراضي تحت سيادتها، فإنه بذلك تتصاعد احتمالات اندلاع حرب مباشرة بين روسيا وأوكرانيا، وذلك لأن أي عمل عسكري تجاه هذه الأراضي الأربعة التي اعترفت بها روسيا أراضي تابعة لها، يعتبر هجوما على روسيا نفسها مما يستوجب الرد الروسي السريع والحاسم، ووفقا للعقيدة النووية الروسية فإن السلاح النووي يتم استخدامه وفقا لقواعد محددة وفي مواقف معينة من ضمنها الاعتداء على الأراضي الروسية بشكل مباشر، لذلك يشكل التعدي على هذه الأراضي تهديدا مباشرة على روسيا يستوجب استخدام الأسلحة النووية التقليدية أو التكتيكية للدفاع عن أراضيها، وذلك تبعا لما قالة نائب مدير الأمن الروسي "ديميتري مدفيديف"، عندما لوح في أكثر من مناسبة لاستخدام روسيا الأسلحة النووية بقوله: “لروسيا الحق في استخدام الأسلحة النووية إذا هُدد وجودها”.

 

وعملا بالعقيدة الروسية النووية، قال الرئيس الشيشاني "رمضان قديروف"، تعليقا على شن القوات الأوكرانية هجوما مضادا على بلدة ليمان الواقعة في شرق أوكرانيا في مقاطعة دونيستك، "إنه ينبغي اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بما يرقي للأحكام العرفية في المناطق الحدودية واستخدام أسلحة نووية منخفضة القوة"، وذلك يعني تغير مسمي العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا بإعلان حرب شاملة يتم استخدام فيها أنواع غير تقليدية من الأسلحة مثل الأسلحة النووية.

 

ووفقا لهذه التصريحات من المسؤولين الروس فقد أخذت الحرب منحي مغاير أكثر خطورة خاصة مع إفراج الولايات المتحدة الأمريكية عن مساعدات عسكرية عاجلة لأوكرانيا بقيمة 12 مليار دولار بعد إعلان فلاديمير بوتين ضم الأربعة أراضي إلى روسيا، واستمرار الدول الأوروبية في دعم أوكرانيا وفقا لما قالة ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" باستمرار دعم الاتحاد لأوكرانيا بلا توقف في مواجهة العملية العسكرية الروسية، وهو ما يزيد الأمر تعقيدا ويزيد من احتمالات زيادة  المواجهات العسكرية ودخولها مرحلة جديدة تزيد من أمد الحرب، خاصة أن الأسلحة الغربية هي التي ساعدت القوات الأوكرانية في استرجاع العديد من الأراضي التي كانت تستولي عليها القوات الروسية وتكبيدها خسائر فادحة.

 

وعلى وقع زيادة الصراع القائم بين روسيا والدول الغربية، فإن هناك صراعا بينهم يشتغل أكثر وهو الصراع الروسي الأمريكي، فقد ذكرنا في المقالة السابقة "الحرب الأوكرانية بين غرور الغرب والندية الروسية"، أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا لن يقبلا بالهزيمة وسيصر كلا منهما في التمسك بموقفه دون أي تنازلات لإنهاء الحرب، وذلك وضح جليا في قول مستشار الأمن القومي الأمريكي "جايك سوليفان"، إن الجيش الأمريكي المنتشر في أوروبا مستعد لمواجهة أي احتمال على وقع تصعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحربه في أوكرانيا، في إشارة إلى التدخل العسكري إذا خرجت العملية العسكرية الروسية النطاق الأوكراني إلى الدول الأوروبية المجاورة والتابعة لحلف الناتو.

 

الخلاصة
مع إعلان فلاديمير بوتين ضم الأراضي الأوكرانية الأربعة إلى الاتحاد الروسي، دخلت الحرب الروسية الأوكرانية في محني مغاير وأكثر انسدادا يتجه ناحية التصعيد والحرب الشاملة إذا تم الاعتداء على الأراضي الروسية الجديدة وإذا رأت روسيا أن هناك تهديد مباشر لأراضيها، خاصة بعد التهديد باستخدام الأسلحة النووية وتوعد الولايات المتحدة بالرد على الإجراءات الروسية الأخيرة بضم الأراضي، فقد دخل الصراع مرحلة تكسير العظام ولن يخرج منها سوي المنتصر والذي سيخضع لطلبات الآخر في ظل العناد بين روسيا والولايات المتحدة، ومن سينصر سيكون هو القطب المهيمن على العالم لعقود طويلة.