الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فك الأعمال السفلية والسحر .. حكايات شيوخ الدجل والشعوذة في بيع الوهم

الشيخ إبراهيم شهاب
الشيخ إبراهيم شهاب

"جلب الحبيب ورد المطلقة" جملة اعتدنا على قراءاتها مؤخرا بمواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأعمال الدجل والشعوذة، تلك الظاهرة التي أصبحت آفة من آفات العصر.

الشيخ إبراهيم شهاب

حبس الشيخ إبراهيم والشعوذة

آخر قضايا الدجل والشعوذة كشفت عنها جهات التحقيق بالقليوبية، التي أمرت حبس الشيخ إبراهيم شهاب وشريكه 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة تجارة العقاقير غير المرخصة، ومجهولة المصدر، واستخدامها في أمور الدجل والشعوذة، بزعم أنها "تعالج من المس والسحر والحسد".

وألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القليوبية، تحت إشراف اللواء نبيل سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القليوبية، القبض على الشيخ إبراهيم شهاب؛ وشريكه "أ. س" بتهمة تجارة العقاقير غير المرخصة ومجهولة المصدر، واستخدامها في أمور الدجل والشعوذة، بزعم أنها تعالج من المس والسحر والحسد.

تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القليوبية، معلومات تفيد رصد أنشطة المتهم غير القانونية والمؤثمة قانونا، كما دلت المعلومات على قيامه بكتابة أدوية وصناعتها وبيعها بدون أي سند طبي أو علمي أو تصريح من الجهات المختصة.

وعقب تقنين الإجراءات قامت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القليوبية، باستهداف مقر المركز بمدينة  شبرا الخيمة، دائرة قسم ثان شبرا الخيمة، والقبض علي الشيخ إبراهيم شهاب داخل المركز، وبالتفتيش تم العثور على كميات أدوية وعقاقير مجهولة المصدر، يبيعها المركز للمترددين عليه بدون تصريح اللازمة من الجهات المختصة، وتبين أنه تحصل على مبالغ طائلة جراء تلك التجارة.

وكشفت التحريات الأولية، أن الشيخ إبراهيم شهاب ظهر عبر صفحاته الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعى وفي فيديوهات منسوبة له، يروج لتلك العقاقير واستعمالها في العلاج من المس والسحر، وادعى قدرته على "العلاج من المس من الجن وفك الأعمال السفلية وأعمال السحر".

وتابعت التحريات بأن الشيخ إبراهيم شهاب يمتلك أكثر من مركز  للعلاج بالقرآن الكريم، من أمراض السحر والحسد والمس والعين بالأعشاب والحجامة، ويقوم من خلالها بالترويج لتلك العقاقير والأدوية بدون أي تصريحات، تم تحرير "محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيقات".

الدجل والشعوذة

قضايا دجل وشعوذة مشابهة 

وفي واقعة مشابهة كانت قررت النيابة العامة بمركز أخميم شرق محافظة سوهاج، حبس دجال إثر اتهامه النصب والاحتيال على المواطنين، بدعوى فك السحر والأعمال، حيث كان يستدرجهم  عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

تعود أحداث الواقعة عندما وردت معلومات إلى ضباط إدارة مكافحة جرائم الأموال العامة، مفادها ممارسة المدعو “ا. ع"، 45 عامًا، مقيم بدائرة مركز شرطة أخميم، له معلومات جنائية، الدجل والشعوذة والنصب والاحتيال على المواطنين، والاستيلاء على مبالغ مالية، باستخدام أساليب الدجل والسحر، واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية في الإعلان عن نشاطه الإجرامي، وتلقيه تحويلات بمبالغ مالية بالعملة الأجنبية، من خلال إحدى شركات تحويل الأموال الخاصة.

تلقى قسم شرطة حلوان، بلاغا من ربة منزل مقيمة بدائرة القسم، بتضررها من شخص مقيم بمنطقة أطلس أمام مسجد الروضة، لقيامه بأعمال سحر سفلية وتغييبها عن العقل، وأنه حاول الاعتداء عليها جنسيا وقتلها، بعد ابتزازها ليستولى على فيلا تملكها وعندما هددته بالإبلاغ عنه هرب.

وأدلت ضحية دجال حلوان، باعترافات تفصيلية حول اتهامها له، وقالت “المتهم قام بتغييبي عن عقلي من خلال بعض الأعمال السفلية التي اشتهر بها، وسمعت صوتا داخليا يطلب مني الذهاب اليه”.

الدجل والشعوذة

قانون لـ تشديد عقوبة الشعوذة

وبالنظر إلى بداية ممارسة هذه الأعمال الخرافية سنجد نشأتها منذ قديم الآزل إلا أنها انتشرت بشكل مبالغ فيه بالآونة الأخيرة، مما دعا إحدى نائبات البرلمان بإعداد تشريع يجرم هذه الأعمال من خلال وضع عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه القيام بهذه الأفعال و من "أهمها الترويج".

وقالت النائبة دعاء عريبي مقدمة مشروع القانون، في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، إنه نظرا لكثرة جرائم السحر والشعوذة وأن القانون المصري لم ينص على جرائم  السحر والشعوذة بطريقة مباشرة ولم يتطرق إليها من قريب أو بعيد ولكن يعاقب عليها كجريمة من جرائم النصب طبقا لنص الماده (336) من قانون العقوبات المصرى.

وأشارت إلى أنه يجب التفرقة بين أمرين، وهما من يقومون بالرقية الشرعية دون الحصول على مقابل مادي بشرط ألا تتخطى أعمالهم الرقية الشرعية، وبين السحرة والدجالين والمشعوذين اللذين يقومون بإيذاء الناس والمساس بسلامتهم وسلامة حياتهم وأسرهم، لأن علماء الدين اتفقوا على أن تعلم وتعليم السحر وممارسته حرام شرعا وهو ما تطلب إعداد المشروع المعروض وتغليظ العقوبات حال ارتكاب تلك الجرائم لردع القائمين بها والحد منها.

السحر من السبع الموبقات وهو من الذنوب الجليلة والعظيمة، وقد ذهب جمع من العلماء إلى أنّ عقوبة الساحر في الإسلام هي القتل من غير استتاب، ولا يرفع عنه حد القتل حتى لو تاب بعد أنّ قام بالسحر؛ لأن السحر وجه من أوجه الكفر، فقد قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ}.

وأمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - بقتل كل ساحر وساحرة، وكذلك رويَ قتل السحرة عن عدد من الصحابة والتابعين، وعقوبة الساحر تدل على مدى خطورة السحر.

والسحر قد يُفرق به بين الزوجين، لكن الله -تعالى- بين أنّ السحرة لا يستطيعون أن يضرون أحد إلا بإذنه سبحانه، والحفاظ على أذكار الصباح والمساء وقراءة القرآن الكريم تحمي من السحر بإذن الله تعالى.

الدجل والشعوذة

حكم تعلم السحر وتعليمه وفكه

اتفق العلماء على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، قال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني" "...فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم" وقال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وأما تعلمه – أي السحر - وتعليمه فحرام ".

اتفق الفقهاء على أن حل السحر بالرقى والأوراد الشرعية جائز ومشروع، أما حل السحر بسحر مثله فمحرم؛ لأنه لا يخرج عن كونه سحراً محرماً كغيره من أنواع السحر، قال ابن القيم : حل السحر بسحر مثله من عمل الشيطان, فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل العمل عن المسحور، ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن النشرة ؟ فقال : ( هي من عمل الشيطان ) ذكره أحمد وأبو داود.

وقالت الإفتاء، ذَكر اللهُ السحر في أكثر من موضع في القرآن الكريم، كما ورد ذكره في السُنَّة المطهَّرة، وثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صنع له لبيدُ بن الأعصم سحرًا، يقول الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ [البقرة: 102].

ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات» رواه البخاري، وعَدَّ منها السحر، ولقد ذكر العلماء أن جمهور المسلمين على إثبات السِّحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة، وكون السحر له حقيقة ثابتة لا يعني كونه مؤثرًا بذاته ولكن التأثير هو لله تعالى وحده؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾.

فقد نفى الله -عز وجل- عن السحر التأثير الذاتي ومفعوله، ونتيجته منوطة بإذن الله تعالى، ولا تتجاوز حقيقته حدودًا معينة، ولا يمكن أن يتوصل إلى قلب الحقائق وتبديل جواهر الأشياء.

ولقد وصف الله سحر سحرة فرعون بأنه تخييل في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه: 66]؛ أي إن الحبال لم تنقلب في الحقيقة إلى ثعابين، وإنما خُيِّل ذلك للمشاهدين، ومن الآيات الكريمة نفهم أن الشياطين هم الذين يعلِّمون الناس السحر، وأن تعلم السحر ضارٌّ وليس بنافع، ويَحرُم على الإنسان أن يتعلم السِّحر أو الشعوذة لخداع الناس أو إضلالهم أو فتنتهم أو التأثير السيئ فيهم، كما يَحرُم على الإنسان أن يعتقد أن العراف أو المشعوذ أو الساحر هو الذي ينفعه أو يضره؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه أبو داود والطبراني.

وشددت الإفتاء بناء على ما ذُكر: فإنه يجب الاعتقاد بأن كل شيء بقضاء الله تعالى، ولا يقع في ملكه تعالى إلا ما يريده، فيجب الإيمان بأن الله فعال لما يريد، والنفع والضرر من عنده، وتفويض الأمر لله، والرضا بما قضى به، ولو كان ثمة من يوثَق به في رفع هذا المرض فلا بأس به.