الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الغموض الاستراتيجي.. لعبة إدارة بايدن في مواجهة تهديد بوتين النووي.. ماذا ستفعل واشنطن إذا بدأت المحرقة؟

الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

منذ أطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب متلفز الأربعاء الماضي، مهددًا باستخدام السلاح النووي لردع خصوم روسيا وداعمي أوكرانيا، كرر مسؤولون أمريكيون تأكيدهم أن لدى الولايات المتحدة وسائل للرد على هذا التهديد إن أقدم بوتين على تنفيذه بالفعل.

بوتين يهدد بالنووي.. وواشنطن ترد بحذر

وعلى الرغم من حدة الانتقادات الأمريكية لتهديد بوتين والوعيد بالرد عليه، فإن أيًا من المسئولين الأمريكيين لم يفصّل كيف يمكن أن ترد واشنطن حال استخدم بوتين السلاح النووي، فيما فسرته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية بأن إدارة الرئيس جو بايدن تنشر نوعًا من "الغموض الاستراتيجي"، تجنبًا لتصعيد التوتر مع روسيا إلى حدود خطرة.

وأيد عدد من الخبراء صحة موقف الولايات المتحدة، لا سيما مع عدم التأكد من نية بوتين الحقيقية بشأن استخدام الأسلحة النووية، وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق ديفيد كريمر "لا حاجة لإخبار بوتين بنوايانا، وهنا يكون الغموض الاستراتيجي منطقيًا. علينا أن نحكّم عقولنا عندما تهدد قوة نووية باستخدام السلاح النووي، ولكن علينا أيضًا ألا نرتدع عما ينبغي أن نفعله".

وفي لقاء تلفزيوني بوقت سابق من هذا الشهر، أجاب بايدن بإجابة متحفظة على سؤال عما قد يترتب على استخدام روسيا أسلحة نووية أو كيميائية في الحرب مع أوكرانيا، فقال "هل تعتقد أنني سأخبرك إن كنت أعرف بالضبط ما الذي قد يحدث؟ بالطبع لن أخبرك. سيكون لذلك عواقب. سيكونون (الروس) منبوذين في العالم أكثر من أي وقت مضى، وما سيفعلونه هو ما سيحدد أي استجابة يمكن أن تحدث".

وبعد لقاء بايدن المتلفز، أعلن بوتين استعداد روسيا لاستخدام السلاح النووي إذا ما تعرضت أراضيها لاعتداء أو استخدم خصومها أسلحة نووية، ومضى إلى أبعد من ذلك مؤكدًا أنه إذا اختار أي إقليم أوكراني الانضمام إلى روسيا فسيصبح خاضعًا للسيادة الروسية وسيكون من حق روسيا عندئذ الدفاع عنه بأي وسيلة.

وقال بوتين في خطابه "هذا ليس خداعًا. وأولئك الذين يحاولون ابتزازنا بالأسلحة النووية يجب أن يعلموا أن الريح يمكن أن تغير اتجاهها وتهب نحوهم".

تهديد بوتين النووي بين الجدية والتشكيك

واتخذ مسئولو البيت الأبيض نهجًا غامضًا بشكل موحد في الأيام الأخيرة عندما سئلوا عن رد محتمل على عدوان نووي من جانب روسيا، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن البيت الأبيض أوضح عواقب مثل هذا الإجراء، لكنه لن ينخرط في "سجالات خطابية".

وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أمس الثلاثاء على لسان المتحدث باسمها باتريك رايدر أن الحكومة تحتفظ "بمجموعة كاملة من القدرات والعمليات التي أثبتت جدواها لمواجهة أي تهديدات محتملة من هذا النوع. يستمر تركيزنا على دعم أوكرانيا في قتالها والعمل عن كثب مع حلفائنا وشركائنا فيما يتعلق بموقف القوة الروسية"، مضيفا أن مسئولي الدفاع لم يروا أي تغيير كبير أو تحرك من جانب روسيا لرفع درجة استعداد قواتها النووية بأي شكل من الأشكال.

وكرر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف رسالة التهديد النووي أمس الثلاثاء، وقال في بيان إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيخشى من "قيامة نووية" لدرجة أنه لن يرد على أي هجوم نووي روسي.

وأضاف مدفيديف "لدى روسيا الحق في استخدام الأسلحة النووية إذا كان العدوان باستخدام الأسلحة التقليدية يهدد وجود دولتنا، دون طلب إذن أي شخص ودون مشاورات طويلة. وهذا بالتأكيد ليس خداعا".

وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تجنب الإقدام على رد فعل يمكن أن يزيد من خطر نشوب حرب نووية، يعتقد البعض أنه لا يزال من غير المحتمل أن يتخذ بوتين مثل هذه الإجراءات المتهورة في أي وقت قريب.

ترسانة روسيا النووية

في 2018، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية أن روسيا تتفوق "بشكل كبير" على الولايات المتحدة وحلفائها من ناحية القوات النووية التكتيكية، كما تعمل على تحسين إمكانات وصولها، فيما قدر باحثون أمريكيون أنه ومنذ بداية عام 2022، كان لدى روسيا 4477 رأسًا نوويًا يمكن اعتبار 1525 منها أسلحة تكتيكية.

في المقابل، تمتلك الولايات المتحدة 5428 رأسا نوويا بينما تمتلك فرنسا 290 رأسا نوويا، بينما تمتلك المملكة المتحدة 225 فقط، ونحو 90 % من جميع الرؤوس الحربية النووية مملوكة لروسيا والولايات المتحدة.

ومنذ عام 2000 أصبحت العقيدة العسكرية الروسية المعلنة تؤكد على إمكانية استخدام روسيا الأسلحة النووية "ردًا على عدوان واسع النطاق يستعمل الأسلحة التقليدية، وذلك في حالة وجود تهديد خطير على الأمن القومي للاتحاد الروسي".

كما تتيح الاستراتيجية الروسية المعروفة باسم "التصعيد لدرء التصعيد" اللجوء إلى سلاح نووي تكتيكي في ساحة المعركة لتغيير مسار صراع يعتمد على الأسلحة التقليدية قد تخسره القوات الروسية. وبحسب وكالة "بلومبرج"، فإن استخدام مصطلح "تكتيكي" يعد من الأوصاف غير الدقيقة لسلاح نووي مخصص للاستخدام الحربي.

واستخدمت روسيا بالفعل صواريخ فرط صوتية بعيدة المدى في أوكرانيا، تستطيع الانطلاق بسرعة تتجاوز 6 آلاف كيلومتر في الساعة، وإن قال خبراء عسكريون أنها لم تحدث فارقًا كبيرًا في موازين المعركة.