قالت وزير البيئة التونسية ليلى الشيخاوي المهداوي، إن بلادها تثمن استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (COP27)، خلال الفترة من 7 - 18 نوفمبر 2022، باعتبارها دولة عربية يجمعنا بها مصير وتاريخ وخصائص بيئية وطبيعية مشتركة، إضافة إلى الدور المحوري الذي تلعبه كممثل للقارة الإفريقية في هذا الشأن.
جاء ذلك في حوار أجراه مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في تونس مع وزيرة البيئة التونسية والذي تم التطرق خلاله إلى العلاقات المصرية التونسية في المجال البيئي، وقمة المناخ COP 27 التي تستضيفها شرم الشيخ في نوفمبر المقبل، وأهم الموضوعات التي ستتولى تونس تقديمها خلال القمة، وملامح استراتيجيتها للحياد الكربوني.
وأكدت الوزيرة، في بداية الحوار، أن مصر لعبت دورًا رئيسيًا تاريخيًا خلال أهم الفترات الخلافية سواء في المنطقة العربية أو الإفريقية أو على المستوى الدولي، في تقريب وجهات النظر بين الدول وإيجاد الحلول الوسط التي تخلق أرضية ملائمة للتوافق.
وأضافت أن مصر كانت دائمًا سباقة في وضع السياسات وتنفيذ المشاريع والبرامج الهيكلية التي تسهم في التكيف مع التغيرات المناخية، خاصة في مجالات المياه والزراعة والبحث العلمي والبنية الأساسية، كما عملت منذ سنوات عدة على وضع البرامج التي تسهم في تركيز مقومات اقتصاد يتناغم مع الرهانات البيئية والمناخية خاصة في المجالات المتعلقة بالطاقات المتجددة والصناعة.
وأشارت الشيخاوي إلى أن مصر عملت على المستويات الإقليمية والدولية على لعب دور رئيس في تعزيز قدرات الدول، خاصة على المستويات العربية والإفريقية، في مجال التفاوض في إطار الاتفاقية الأممية حول التغيرات المناخية، خاصة من خلال رئاستها للمجموعة التفاوضية العربية، والمجموعة الإفريقية ومجموعة 77 + الصين.
وأكدت وزيرة البيئة التونسية أهمية العلاقات الثنائية بين تونس ومصر في المجال البيئي والحرص المتبادل على التنسيق المستمر وتبادل الخبرات والخبراء لما يجمع البلدين من خصائص بيئية وطبيعية مشتركة، مشيرة إلى أنها التقت مع وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد العديد من المرات من بينها قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر بالمملكة العربية السعودية في أكتوبر 2021، والدورة 26 لمؤتمر الأطراف بجلاسكو في نوفمبر 2021.
ولفتت إلى الاجتماع الثنائي بينها وبين الدكتورة ياسمين فؤاد - على هامش مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة (AMCEN) الذي عقد بداكار يومي 15 و16 سبتمبر الجاري - حيث تم تناول العلاقات بين البلدين في المجال البيئي وخاصة التعاون في التصرف في النفايات والتربية البيئية.
وأشادت الشيخاوي بالمبادرة المصرية الخاصة بالتصرف في النفايات الإفريقية 2050 التي قدمتها وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد خلال مؤتمر (AMCEN)، مؤكدة دعم بلادها لهذا المشروع الذي يهم القارة السمراء.
وأوضحت وزيرة البيئة التونسية أن التعاون في المجال البيئي بين بلادها ومصر يرتكز على مذكرة تفاهم في مجال حماية البيئة تم توقيعها سنة 1999، وتم على أساسه وضع برنامج تنفيذي أول (2015-2017) تم توقيعه في 8 سبتمبر 2015 ، وتم تمديد العمل به للأعوام (2018-2020)، مشيرة إلى أنه تم عقد الاجتماع الأول للجنة الخبراء والمتابعة المشتركة المصرية التونسية في مجال حماية البيئة على هامش مؤتمر الأطراف الرابع عشر للتنوع البيولوجي الذي استضافته بشرم الشيخ في نوفمبر 2018.
وأضافت أنه بمناسبة انعقاد الدورة 17 للجنة العليا التونسية المصرية المشتركة خلال الفترة من 9 إلى 13 مايو الماضي، اتفق الطرفان على مواصلة التشاور بخصوص البرنامج التنفيذي في مجال حماية البيئة 2023-2024 للوصول إلى صيغته النهائية، معربة عن أملها في أن يتم انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الخبراء والمتابعة المشتركة التونسية المصرية خلال العام الجاري، وذلك للتوصل إلى الصيغة النهائية للبرنامج التنفيذي في مجال حماية البيئة، ووضع جدولة زمنية للأنشطة التي تندرج ضمنه.
وأوضحت الوزيرة أن أهم المجالات المدرجة في البرنامج التنفيذي بين تونس ومصر في مجال حماية البيئة تتمثل في التصرف في النفايات الخطرة والمخلفات الصلبة، والإدارة الساحلية المتكاملة والحفاظ على البيئة البحرية وتعزيز الإنتاج والاستهلاك المستدامان، والاقتصاد الأخضر والدائري، والإدارة المتكاملة لنوعية الهواء ورصد ملوثاته، والمحميات الطبيعية والتنوع البيولوجي والسياحة البيئية، والتشريعات والمؤشرات البيئة ومؤشرات التنمية المستدامة، والتدريب والتوعية البيئية.
ونوهت "الشيخاوي" إلى أنه سيتم تنفيذ أنشطة البرنامج من خلال تبادل الخبرات والتجارب والوثائق وزيارات الخبراء، وإعداد دراسات لمشاريع بيئية مشتركة، وعقد ورشات العمل ومحاضرات وزيارات ميدانية وتنظيم دورات تدريبية.
وعن الاستعدادات الكبيرة لتصبح شرم الشيخ مدينة خضراء قبل استضافة مؤتمر المناخ "Cop 27"، قالت وزيرة البيئة التونسية: لقد لاحظنا بشكل جلي حرص مصر على ترسيخ مبدأ الاستدامة ضمن كل الإجراءات اللوجستية والتنظيمية لمؤتمر 27 Cop، مما يؤهل الدورة لتكون من أهم الدورات التي تتميز باحترام الحياد الكربوني، من خلال اعتماد الطاقات المتجددة والنقل الكهربائي واعتماد منظومات متطورة للتصرف السليم في المخلفات.
وعن أجندة تونس في مؤتمر المناخ cop 27 وحلولها للحد من آثار التغير المناخي، قالت الوزيرة إنه بالإضافة إلى مشاركة تونس في المسائل التفاوضية العامة والتي تندرج ضمن البرنامج الرسمي للاجتماعات التفاوضية، وهي نقاط يتم اقتراحها من طرف رئاسة المؤتمر والمصادقة عليها من طرف كل الدول الأطراف خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، تتولى تونس تنظيم عدد من الورش الجانبية التي تهدف إلى مزيد التعريف بأولوياتها وتبادل الآراء بشأنها.
وأوضحت أن من أهم الموضوعات التي ستتولى تونس تقديمها في هذا المجال، التركيز على أن مجابهة التغيرات المناخية، تتطلب دورًا فاعلًا ومشاركة فعالة من كل الأطراف، وخاصة القطاع الخاص من خلال تعزيز مشاركته في تنفيذ وتمويل المشاريع الكبرى في مجال التقليص من الانبعاثات والتكيف في إطار الاقتصاد الأخضر، بالإضافة إلى الدور المهم للهياكل والسلطات المحلية، لدعم مقومات التنمية المحلية المتناغمة مع السياسات الوطنية وخاصة في مجال التنفيذ الفعلي والميداني لمشاريع التكيف على المستويات المحلية.
وأضافت أن من أهم ملامح استراتيجية تونس للحياد الكربوني، اعتماد برامج وتوجهات تركز على مبادئ المحافظة المستدامة على الموارد الطبيعية وتعزيز الأنشطة البشرية المتناغمة مع حماية البيئة، خاصة من خلال الاعتماد شبه الكامل على الطاقات المتجددة، وتعزيز النقل المستدام والبنية الأساسية والإنشاءات المراعية للبيئة وذات الانبعاثات الضعيفة من الكربون والصناعات النظيفة، بالإضافة إلى تعزيز مقومات الأمن الغذائي من خلال إعادة تأهيل المنظومات الزراعية والمحافظة المستدامة على التربة والموارد المائية، مشيرة إلى أن الحياد الكربوني يرتكز على تعزيز مقومات الاقتصاد الدائري ومزيد إحكام التصرف في النفايات الصلبة والسائلة بجميع أنواعها.
وأكدت ليلى الشيخاوي المهداوي، أهمية التركيز على مقاربة التحول العادل Just Transition والتي تسهم في ضمان حقوق كل الدول على السواء في التنمية المستدامة، من خلال دعم القدرات وتوفير التمويلات الضروريات لتمويل البرامج والمشاريع ذات الأولوية دون المساس بالتوازنات المالية للدول، مع الأخذ بعين الاعتبار قدراتها الفنية والمالية في هذا المجال.
وعن أهم القضايا التي ترى أنها ستكون محور اهتمام الدول المشاركة في مؤتمر Cop 27، قالت الوزيرة التونسية "أعتقد أن أحد أهم الموضوعات التي يتعين إيلاءها العناية اللازمة خلال المؤتمر، لتأثيرها المباشر على الدول النامية، على غرار تونس، والعمل على تحقيق التقدم اللازم بخصوصها هو تعزيز الطموح لضمان فاعلية أكثر في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، وذلك من خلال دعم آليات التنفيذ التي تشمل دعم قدرات الدول النامية لإعداد برامجها في مجال التكيف، وتعزيز برامج التطوير التكنولوجي وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة وتوفير الاعتمادات المالية الضرورية لتنفيذ المشاريع والبرامج التي تمكن من التقليص من حدة التأثيرات المناخية خاصة على الدول الأكثر هشاشة".
وأوضحت أن هذا الأمر يندرج ضمن برنامج شرم الشيخ لتحديد هدف عالمي للتكيف مع التغيرات المناخية، والذي يجب أن يحدد الهدف الدولي وآليات تنفيذه ومتابعته وتقييمه.
وأضافت أن من بين أهم الموضوعات أيضًا دعم الدول النامية لتمويل برامجها ذات الأولوية للتقليص من الانبعاثات والحد من تأثيرات التغير المناخي، خاصة من خلال ضمان الوصول في أقرب وقت ممكن إلى الهدف العالمي للتمويل طويل المدى (100 مليار دولار سنويا ابتداء من سنة 2020)، وتحديد هدف عالمي جديد للتمويل بعد سنة 2025، يكون متناغما مع الحاجات الفعلية للدول النامية في هذا الغرض.