تكثف وكالات الاستخبارات الأمريكية ووكالات الاستخبارات المتحالفة معها من جهودها للكشف عن أي تحركات أو اتصالات عسكرية روسية قد تشير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر باستخدام أسلحة نووية في أوكرانيا، وفقا لخمسة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين.
وحتى الآن، لم تظهر أي مؤشرات على أن الزعيم الروسي قرر إطلاق العنان للترسانة النووية الروسية، في محاولة يائسة لإعادة الاستيلاء على المبادرة أو التنمر على المجتمع الدولي لتلبية مطالبه.
متي يستخدم بوتين السلاح النووي؟
ويمكن لمعظم الطائرات الروسية، إلى جانب صواريخها التقليدية وقاذفات الصواريخ، أن تحمل أسلحة نووية تكتيكية صغيرة، وهذه الأسلحة مصممة للاستخدام التكتيكي في ساحة المعركة أكثر من الأسلحة الاستراتيجية مثل القذائف التسيارية العابرة للقارات، التي تعطي علامات منبهة عندما توضع وحداتها في حالة تأهب.
وهذا يعني أنه ما لم يرغب بوتين أو قادته في أن يعرف العالم مسبقا، فإن أمريكا قد لا تعرف أبدا متى استبدلت القوات الروسية الذخائر التقليدية بالقنابل الذرية.
وتكافح القوات الروسية لاستعادة الزخم في أوكرانيا وتتزايد الدلائل على أن بوتين لا يحظى بشعبية متزايدة في الداخل، خاصة بعد أن أمر بتجنيد عسكري محدود الأسبوع الماضي.
وقال مسؤول حكومي أمريكي لديه إمكانية الوصول إلى معلومات استخبارية عن قوات موسكو النووية واستراتيجيتها، وهو غير مخول بالتحدث علنا، “نحن نراقب الأمر عن كثب”.
وقال المسؤول إن الجهود الأخيرة تشمل تكليف أصول استخباراتية أمريكية وحليفة إضافية، في الجو والفضاء والفضاء الإلكتروني، والاعتماد بشكل أكبر على الأقمار الصناعية التجارية لتصوير الأرض لتحليل الوحدات الروسية في هذا المجال التي قد تكون في وضع يمكنها من الحصول على النظام النووي.
وهناك محور تركيز آخر خارج أوكرانيا هو جيب كالينينجراد الروسي، الواقع بين بولندا وليتوانيا، حيث قام الكرملين بتركيب أنظمة أسلحة مزدوجة الاستخدام وصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت.
والأسبوع الماضي، أظهرت مواقع رادار تتبع الرحلات الجوية العديد من طائرات المراقبة الإلكترونية المشتركة التابعة للقوات الجوية الأمريكية RC-135 Rivet تحلق حول المدينة، ظاهريا تجمع البيانات.
وفي السنوات القليلة الماضية، قامت روسيا بتحديث مواقع تخزين الصواريخ في كالينينجراد، ما أثار المخاوف من تراكم نووي محتمل في الإقليم.
وأدلى بوتين بإشارات مبطنة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير بأنه قد يلجأ إلى استخدام أسلحة نووية أو كيماوية لتغيير مسار المعركة أو إذا تعرضت روسيا نفسها للتهديد.
ومع ذلك، ازدادت هذه التهديدات جرأة الأسبوع الماضي عندما قال إنه مستعد “لاستخدام جميع الوسائل المتاحة لنا”، بما في ذلك “أسلحة الدمار المختلفة”.
وأضاف: “أنا لا أخادع”.
وردا على ذلك، حذرت أمريكا من “عواقب وخيمة”، لكنها تركت عمدا ما يعنيه ذلك بالضبط.
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، “أبلغنا الروس بما ستكون عليه العواقب لكننا كنا حذرين في كيفية حديثنا عن هذا الأمر علنا لأننا من وجهة نظرنا نريد أن نضع مبدأ أنه ستكون هناك عواقب كارثية”.
وقال الكرملين، أمس الاثنين، إنه أجرى محادثات متفرقة مع أمريكا بشأن قضايا نووية فيما اعتبر جهدا محتملا لتخفيف حدة الوضع المتوتر.
كما بدا أن نائب وزير الخارجية الروسي يحاول التقليل من شأن خطاب بوتين الأخير، مصرا على أن روسيا ليس لديها خطط لاستخدام الأسلحة النووية.
لكن يوم الثلاثاء بينما كانت موسكو تستعد لضم نحو 15٪ من أراضي أوكرانيا بعد استفتاءات بين المناطق الكبيرة الناطقة بالروسية أصدر أحد الزعماء تهديدا نوويا آخر أكثر وضوحا.
وأصدر الرئيس الروسي السابق، ديمتري ميدفيديف، تحذيرا من أن روسيا ستستخدم الأسلحة النووية إذا احتاجت إلى ذلك، مشيرا إلى أن حلف شمال الأطلسي “الناتو” لن يرد بالمثل لأنه سيكون خائفا للغاية.
وبدأ ميدفيديف منشوره على حسابه على تليجرام بانتقاد الغرب الذي وصفه بـ“أعدائنا” بسبب تطلعاتهم إلى التفرد والحق في حكم العالم، وهو موضوع يدفعه الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين على المسرح العالمي.
وسخر من التهديدات الغربية في الأسابيع الأخيرة بعواقب وخيمة إذا لجأت موسكو إلى استخدام الأسلحة النووية بعد مكاسب حققتها قوات كييف في هجومها المضاد.
وكتب ميدفيديف: “يجب أن أذكركم مرة أخرى، بالنسبة لأولئك الصم الذين يسمعون أنفسهم فقط، روسيا لديها الحق في استخدام الأسلحة النووية إذا لزم الأمر”، قائلا إن “هناك حالات تبرر استخدامها الموضحة في سياسة الدولة للبلاد، والمعروفة باسم العقيدة النووية”.
وشملت هذه الحالات ما إذا كانت روسيا أو حلفاؤها قد واجهوا هجوما نوويا أو عدوانا بالأسلحة التقليدية، وهو ما قال ميدفيديف إنه “يهدد وجود دولتنا ذاته”.
وقال ميدفيديف إن “روسيا ستفعل كل شيء لمنع الأسلحة النووية من الظهور في جيراننا المعادين مثل أوكرانيا النازية التي تسيطر عليها اليوم دول حلف شمال الأطلسي بشكل مباشر”.
وأضاف أنه إذا تجاوز “التهديد لروسيا حد الخطر المحدد، فسيتعين علينا الرد”.
وفي تصريحات بوتين الأسبوع الماضي حول احتمال استخدام الأسلحة النووية، قال: “إنها بالتأكيد ليست خدعة”.
واقترح ميدفيديف ما يمكن أن يحدث إذا “أجبرت روسيا على استخدام السلاح الأكثر قوة ضد النظام الأوكراني”، في أعقاب “عمل عدواني واسع النطاق يشكل خطرا على وجود دولتنا ذاته”.
وكتب: “أعتقد أن حلف شمال الأطلسي لن يتدخل بشكل مباشر في الصراع حتى في هذا الوضع”، قائلا إنه يعتقد أن أمن الدول الغربية أكثر أهمية بالنسبة للحلف من مصير أوكرانيا الذي لا يحتاجه أحد حتى لو تم تزويده بأسلحة مختلفة”.