هل الجنة سهلة؟.. يتساءل الكثيرون عن دخول الجنة التي وعد الرحمن بها عباده المتقين، وهل الجنة سهلة.. وكيف أدخل الجنة بغير حساب أو سابقة عذاب؟
وهناك أعمال تجعلك من أهلها دون حساب أو سابقة عذاب ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هذا لا يجعلك تظن في تقريرنا هل الجنة سهلة أن تغفل العمل وتفعل الذنوب وتكثر من المعاصي.
هل الجنة سهلة ؟
قال الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامي، إنه فيما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن هناك أربعة أعمال تجعل من يؤديها ضمن السبعين ألف، الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
وأوضح «عطية» خلال تقديمه لبرنامج «كلمة السر»، في إجابته عن سؤال: «من هم السبعون ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب، الذين وردوا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-؟»، أن الأعمال الأربعة هي: «عدم الاسترقاء، وتجنب الكي عند المرض، وعدم التشاؤم، والتوكل على الله».
ودلل بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَعَدَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ، .. كَانُوا لا يَكْتَوُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»، منوهًا بأن هذا يعني أنهم لا يسترقون، يعني لا يسألون الناس الرقية، ولا يتطيرون بمعنى لا يتشاءمون بالمرئيات والمسموعات، ولا يكتوون، يعني إذا مرضوا لا يكتوون.
وأضاف أن الهدف من العدد السبعين لا تعني بعد تسعة وستين، وإنما السبعة والسبعين ومضاعفاتها، حين ترد في القرآن لا تعني الدلالة العددية، ولكنها كناية عن الكثرة، فتعني تكرار تلك "السبعين ألف" مرات كثيرة ما حيينا ولن نبلغ وسع الله تعالى، الذي لا يُحيط به علمنا.
هل الجنة سهلة؟
ومن أسباب دخول الجنة بغير حساب ثبت أن هناك العديد من الأعمال التي تُدخل الإنسان الجنة من غير حسابٍ ولا سابقة عذاب، ومن هذه الأعمال ما يأتي: 1- التوكل على الله هو من أعمال دخول الجنة حيث بين النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أن المتوكلون على الله -تعالى- يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال: (ويَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ ألْفًا بغَيرِ حِسَابٍ. ثُمَّ دَخَلَ ولَمْ يُبَيِّنْ لهمْ، فأفَاضَ القَوْمُ، وقالوا: نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا باللَّهِ واتَّبَعْنَا رَسولَهُ، فَنَحْنُ هُمْ، أوْ أوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا في الإسْلَامِ؛ فإنَّا وُلِدْنَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَبَلَغَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَخَرَجَ، فَقالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ، ولَا يَتَطَيَّرُونَ، ولَا يَكْتَوُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
ويقصد بالتوكل على الله، هو أن يتيقن الإنسان أنّه لن يُصيبه نفع أو ضرر إلّا ما كتبه الله -تعالى- له، فالتوكل على الله وعدم التشاؤم من صفات الأنبياء والأولياء، فذكر الحديث أن من صفات الذين يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب؛ أنهم لا يطلبون الرقية أو الإكتواء.
2- شفاعة النبي محمد يوم القيامة، ونحن في أول يوم من شهر ربيع الأول، احرص على تحقيق أسباب توجب لك الشفاعة، حيث بينت العديد من الأحاديث أن هناك سبعين ألفاً من أمته صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ، إذْ رُفِعَ لي سَوادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ أُمَّتِي، فقِيلَ لِي: هذا مُوسَى -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- وقَوْمُهُ، ولَكِنِ انْظُرْ إلى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: انْظُرْ إلى الأُفُقِ الآخَرِ، فإذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقِيلَ لِي: هذِه أُمَّتُكَ ومعهُمْ سَبْعُونَ ألْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ، ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخاضَ النَّاسُ في أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ، فقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، وقالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإسْلامِ ولَمْ يُشْرِكُوا باللَّهِ، وذَكَرُوا أشْياءَ فَخَرَجَ عليهم رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَ: ما الذي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فأخْبَرُوهُ، فقالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، ولا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
3- الشهادة في سبيل الله.. حيث ذكر النبي أن الله تعالى يغفر للشهيد جميع ذُنوبه إلّا من كان عليه من الدُيون، لقوله: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ). وذكر النووي في شرحه للحديث؛ أنّ الشهيد لا حساب ولا عذاب عليه إلّا فيما يتعلق بِحقِّ العباد عليه، أمّا في حقِّ الله -تعالى- فإنّه لا يُحاسَب ولا يُعاقَب عليها لأنّ الله -تعالى- يغفرها له.
4- الصبر على مصائب الدنيا يبتلي الله عباده المؤمنين؛ ليرفع من درجاتهم ويزيدهم من الأجر والثواب، وقد أخبر الله -تعالى- أنّ الصابرين على البلاء يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب، لقوله -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، فمن حِكمة الله -تعالى- في البلاء؛ إرادة الخير بالعبد المؤمن سواءً في الدُّنيا أو الآخرة.
5- الموت قبل البلوغ أو الإصابة بالجنون فقد ذكرت الأحاديث أن الأطفال الذين يموتون قبل بُلوغهم أو من فقد عقله بالجُنون، فهؤلاء يدخُلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب؛ وذلك لأن الله -تعالى- رفع عنهم التكليف؛ لذلك فهم لا يُحاسبون، والمقصود بدخول الجنة بغير حساب ذكر القُرطُبي في تفسيره لقوله -تعالى-: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)، فإن الحساب المقصود في الآية لمن يدخُل الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب، أنّ الله -تعالى- يعرض عليه أعماله؛ ليعرف نعم الله -تعالى- عليه بستر سيئاته ومغفرتهُ لها، ويشملُ ذلك من كانت حسناته أكثر من سيئاته، وهم أفضل ممن يُحاسَبُ حساباً يسيراً، أو ممّن يُحاسب فيُعذب وهذا يختلف عن عرض الأعمال.
ويشمل ذلك السابقون فيتميزون عن غيرهم أن حسابهم يكونُ أيسر وأفضل من غيرهم، وجاء ذكر بعض ذلك في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ يَومَ القِيامَةِ إلَّا هَلَكَ فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أليسَ قدْ قالَ اللَّهُ -تَعالَى-: (فَأَمَّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا)، (فقالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّما ذَلِكِ العَرْضُ، وليسَ أحَدٌ يُناقَشُ الحِسابَ يَومَ القِيامَةِ إلَّا عُذِّبَ).
ما هي أسماء أبواب الجنة؟
وعدد أبواب الجنة ثمانية، وقد اتفق العلماء على أسماء أربعة منها؛ هي: باب الصلاة، وباب الجهاد، وباب الريان، وباب الصدقة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ» رواه البخاري.
واختلفوا في أسماء الأبواب الأخرى؛ فقيل: هي باب التوبة، وباب الكاظمين الغيظَ والعافين عن الناس، وباب الراضين، والباب الأيمن، وقيل غير ذلك.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَىَ عَبْدُ اللهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ الله مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ» أخرجه الشيخان.
من هذا الحديث يتبين أن عدد أبواب الجنة ثمانية أبواب، وقد جاءت بعض الأحاديث التي تبين بعض أسماء هذه الأبواب، فأسماء الأبواب التي بينتها هذه الأحاديث ستة، وهي: باب الصلاة، وباب الجهاد، وباب الريان، وباب الصدقة، والباب الأيمن، وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.
فدليل الأربعة الأولى: ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ».
ودليل الخامس: ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيه: «فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ».
ودليل السادس: ما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن الحسن مرسلًا: «إِنَّ للهِ بَابًا فِي الْجَنَّةِ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا مَنْ عَفَا عَنْ مَظْلمَةٍ» كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 28).
واختلف شراح الحديث في أسماء البقية بعد أن اتفقوا على تسمية الأربعة الأولى، وإليك بعض نصوصهم في ذلك:
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/ 118): [قال القاضي: وقد جاء ذكر بقية أبواب الجنة الثمانية في حديث آخر في باب التوبة، وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وباب الراضين، فهذه سبعة أبواب جاءت في الأحاديث، وجاء في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم يدخلون من الباب الأيمن، فلعله الباب الثامن] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 28): [وقع في الحديث ذكر أربعة أبواب من أبواب الجنة... وبقي من الأركان الحج فله باب بلا شك، وأما الثلاثة الأخرى فمنها: باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس... ومنها: الباب الأيمن، وهو باب المتوكلين الذي يدخل منه مَن لا حساب عليه ولا عذاب، وأما الثالث: فلعله باب الذكر، فإن عند الترمذي ما يومئ إليه، ويحتمل أن يكون باب العلم، والله أعلم، ويحتمل أن يكون المراد بالأبواب التي يدعى منها أبواب من داخل أبواب الجنة الأصلية؛ لأن الأعمال الصالحة أكثر عددًا من ثمانية.