الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأزمة الأوكرانية بين غرور الغرب والندية الروسية

فادي عماد
فادي عماد

تأخذ الأزمة الروسية الأوكرانية منحى جديدا منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية للجيش واستدعاء 300 ألف جندي احتياطي للقتال في الأراضي الأوكرانية. 

 وجاء ذلك القرار بعد تكبد الجيش الروسي خسائر كبيرة في الأراضي التي سيطر عليها والأرواح، في هجوم مضاد قامت به القوات الأوكرانية منذ بداية الشهر الحالي.

ومنذ إعلان الرئيس الروسي قرار التعبئة الجزئية للجيش، ظهرت التكهنات عن أسباب هذا القرار الذي وصف بـ الجريء والشائك.

ففي الظاهر يريد فلاديمير بوتين إعادة الأراضي التي استرجعها منه الجيش الأوكراني في هجومه المضاد الذي كبد الجيش الروسي خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وفق ما قالته التقارير الغربية، وهو ما جعل بوتين يأخذ قرار التعبئه لتعزيز جبهات القتال ومواصلة الزحف ناحية العاصمة كييف وإسقاط النظام الحالي وعلى رأسه الرئيس الأوكراني زيلينيسكي.

ولكن في باطن الأمر يعتبر قرار التعبئة الجزئية للجيش قرارا تحذيريا حاملا للرسائل إلى الدول الغربية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من قرارا احتياجيا لتعزيز القوات الروسية في أوكرانيا، حيث شكلت الأسلحة الغربية التي تتدفق إلى أوكرانيا من كل حدبا وصوب خطرا كبيرة على القوات الروسية حيث كبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وساعدت الجيش الأوكراني على التقدم في العديد من المناطق التي كانت قد سيطرت علي موسكو.

وجاء قرار التعبئه رسالة تحذير للغرب بأن روسيا لن تسمح بالخسارة الحرب وأنها قادرة على مواصلة القتال وإطالة أمد الحرب، في ظل أن هناك تقارير غربية تفيد بأن حجم الاحتياطي من الأسلحة في الدول الغربية وعلى رأسهم المانيا والولايات المتحدة الأمريكية، أكبر الداعمين لأوكرانيا بالأسلحة، قد استنفذ وليس لديهم احتياطيات أخري إلا أن يصنعوا أسلحة جديدة لهم، لذلك يشكل إطالة أمد الحرب ضررا كبيرا للدول الداعمة لأوكرانيا بالأسلحة وخطرا كبيرا على جيوشها.

السبب الثاني، هو أن روسيا تناور مناورة في غاية الخطورة بدفع أعداد إضافية من الجنود إلى جبهات القتال الأمامية وإطالة أمد الحرب للضغط على الدول الأوروبية أكثر من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، مستعينه بذلك بالمظاهرات الشعبية التي قامت في عدة مدن أوروبية للمطالبة بوقف الحرب في أوكرانيا ووقف المساعدات العسكرية والاقتصادية لها في ظل غلاء الأسعار وموجه التضخم التي تضرب أوروبا بشكل ككل.

واستعانت روسيا بالضغط الشعبي الذي تشكله الشعوب الأوروبية على سلطاتها للضغط أكثر على أوروبا بإطالة أمد الحرب وإطالة الخسائر التي تتكبدها أوروبا حتى لا يكون أمامهم إلا الموافقة على الشروط الروسية في إنهاء الصراع وتحقيق موسكو لأهدافها بالكامل.

ومن الواضح أن الأزمة بين الجارتين، أو بالمعنى الصحيح بين روسيا والدول الغربية، لن تنتهي في القريب العاجل، لأن كلا الطرفين ليس لديه النية في التخلي عن أهدافه أو مكتسباته مقابل إنهاء هذا الصراع، فمن جهة التكبر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وشعوب العالم الأول، على حد وصفهم، والجهة الأخرى يقابله الندية الروسية وأهدافها التوسعية، لذلك لن يكون الحل متاحا الآن