الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الميتافيرس.. مستقبل الإعلام الرقمي المخيف!

صدى البلد

كثيرا ما نسمع عن مخاطر الإعلام الرقمي وتأثيره وقوته كسلاح إستراتيجي يستطيع أن يدمر عزائم شعوب باكملها , ودون ان تطلق الدولة المحاربة  وجيوشها رصاصة واحدة او تستخدم طائرة ما وانما يكفي صناعة محتوي رقمي مدمر , فيديو او اخبار كاذبة وشائعات , كفيلة بتفكيك شعوب او جيوش من الداخل , بهدف تدمير دول واستقرارها من الداخل , ومؤخرا ظهر شبح اخر يفوق في قوته وسائل السوشيال ميديا الحالية وربما سيمحوها قريبا , انه عالم الميتافيرس! والميتافيرس هو مفهوم يحمل دلالات واسعة ويشير الي التطور المستمر في الاعلام الرقمي الذي اصبح يسيطر علي حياتنا وعقولنا وخيالنا الافتراضي بشكل مقلق للغاية ، وعادة ما يوصف بأنه مساحات عبر الإنترنت حيث يتيح للأشخاص التواصل الاجتماعي والعمل واللعب.
والميتافيرس هو عالم رقمي سيتيح للشخص صورة رمزية خاصة به، سيتم تسجيل عناوينها على المنصات الرقمية، بأصول رقمية. ويُفترض أن تتيح الشاشات والصور المجسمة وخوذ الواقع الافتراضي ونظارات الواقع المعزز تدريجيا "تحركات" من الأكوان الافتراضية إلى الأماكن الفعلية، أشبه بـالنقل مِن بُعد.
الخبراء يحذرون من أن فيسبوك ميتافيرس يشكل "مخاطر مروعة ومقلقة " بواسطة استخدام نظارات الواقع الافتراضي في فيسبوك حيث يتضمن الميتافيرس عالماً مليئاً بالمفترسين الذين يهاجمون الأطفال, وربما هو مخطط من قبل مارك زوكربيرج مالك ومؤسس الفيسبوك بالميتافيرس للتحكم بحياة الناس بالرعب والخوف للجميع.
ولكن كما اتضح لاحقاً فإن موضوع فيسبوك ميتافيرس أسوأ بكثير مما كنا نظن!! ولكل من لم يكن يتابع الأخبار بالفترة الماضية فقد قامت فيسبوك في 28 أكتوبر 2021 بنشر مقطع فيديو يكشف عن تغيير باسم الشركة من فيسبوك إلى ميتا, ليعكس تركيز الشركة على الميتافيرس. وقد كان ذلك الفيديو يبعث على الإحراج ومخيباً للآمال!! فقد ظهر بالفيديو مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا وهو يصف الواقع المعزز الجديد لفيسبوك، عالم يمكنك أن تكون فيه ما تريد، وأن تظهر بالشكل الذي تحلم به, ويقول  انه عالم سيمكنك من الهروب من براثن حياتك المنعزلة العابرة الوحيدة على كوكب الأرض!
فمثلا اقيمت مؤخرا سلسلة من خمس حفلات موسيقية افتراضية ظهر خلالها مغني الراب الأميركي ترافيس سكوت عبر «فورتنايت» على شكل صورة رمزية، وتابعها أكثر من 12 مليون مستخدم حول العالم ! , وأقامت بعض ألعاب الفيديو «أكواناً ماورائية» محدودة الحجم للاعبيها، ومنها منصة «روبلوكس» التي تضم عدداً كبيراً من الألعاب التي يبتكرها الصغار والمراهقون، ولعبة «فورتنايت» التي يبلغ عدد مستخدميها 350 مليونا!
وهو أكثر التطبيقات الاجتماعية مراجعة في فيسبوك ميتافيرس وهناك  تطبيق  "فارشات"  الذي يتضمن منصة للعالم الافتراضي الإنترنت تمثل وهو بمثابة الطُعم الأول للمستخدمين في الميتافيرس, حيث يمكنهم من استخدام مجسمات لكامل جسدهم لإخفاء هويتهم الحقيقية. كما أن التطبيق يحظى بشعبية خاصة بين الأطفال والمراهقين!!
ويذكر ان شركة فيس بوك حاولت سابقاً طرح مفاهيم وتقنيات جديدة، مثل عملة "ليبرا"، ومشرعات الذكاء الاصطناعي التي لم تر النور، والتي فشل بعضها وتم إغلاقه بالفعل، ويعتبر مشروع "الميتافيرس" أحد المشروعات الواعدة أيضاً؛ لكنها ما زالت قيد الاختبار مثل غيرها من المشروعات التي لم تتحقق. وحتى وإن اكتمل مشروع "الميتافيرس" خلال 5 سنوات من الآن كما تسعى فيس بوك، فإن هذا التطور سوف تقابله مقاومة من التيار الإنساني التقليدي، الذي يرفض هذه السرعة المُبالغ فيها في التطور، ويثمن الحياة التقليدية في كثير من جوانبها!
ربما هناك مميزات عديدة من  استخدامات الميتافيرس في بعض جوانبه الترفيهية والتعليمية، مثل العاب الفيديو والافلام والالعاب و الاستمتاع بقضاء وقت فراغ، فضلا عن أهميته في عملية التعليم سواء داخل المؤسسات التعليمية أو عن بُعد. فهو ضروري في كلتا الحالتين، لكن يبقى التخوف من اتساع نماذج استخدام "الميتافيرس" ليطغى على كافة جوانب الحياة الإنسانية! وهو الخطر الذي يهدد مستقبل العالم الرقمي الذي يتابعه اكثر من مليار انسان حول العالم طبقا لاحصائية دولية عام 2021 , والاعداد في زيادة مستمرة ! 
فإذا كان بإمكان المُستخدم إنشاء عالمه الخاص داخل "الميتافيرس"، وهو عالم خالي من المشاكل أو الهموم، وعالم يحقق فيه طموحاته الشخصية، ويبني فيه منزله ومدينته المثالية، ويتعرف فيه على أصدقاء مشابهين له، ويستبعد منه من لا يروق له؛ فهو بذلك يبتعد كل البعد عن عمران الأرض وبناء الحياة الإنسانية, فقد تتحول حياة المُستخدم الحقيقية شيئاً فشيئاً إلى كابوس من دون أن يدري، فلا يهتم بشكل منزله الحقيقي، ولا بشكل مدينته الحقيقة، ولا يسعى إلى تعمير الأرض التي يسكن فيها، ويكتفي ببناء جنة خيالية في عالم افتراضي، يعيش فيها طيلة اليوم ولا يتركها إلا عند النوم، فلا هو يعيش حياته الحقيقية ليلاً ولا نهاراً، ولا يعلم شيئاً عن واقعه؛ فكل ما يهم حينها هو العالم الافتراضي الذي بناه وحقق فيه أحلامه التي اكتفها ببنائها في عالم "الميتافيرس!  وهذا بالطبع خطر علي الطبيعة البشرية وعلي الكون كله اذا استسلمنا لهذا الخطر الاعلامي الرقمي المقبل.ولابد من قيام الدولة بالتوعية من هذا الخطر الداهم  !
فقد قال الله سبحانه عز وجل في سورة الروم الاية 30 :" فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" صدق الله العظيم