استعرض تقرير لشبكة “بي بي سي” فرضيات استخدام روسيا للسلاح النووي، معتبرة أن الأمر سيغير مجرى الامور منذ ما استقرت عليه بعد الحرب العالمية الثانية، مشيرة إلى أن دولة واحدة قادرة بشكل واضح وكبير على وقف تدهور الأمور أو انسياق روسيا وراء ضرربة نووية تكتيكية.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه مستعد لاستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن الأراضي الروسية، وهو الأمر الذي أثار مخاوف من أنه قد يستخدم سلاحًا نوويًا صغيرًا أو "تكتيكيًا" في أوكرانيا، وفق ما ذكرت شبكة “بي بي سي”.
وحذرت الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن القيام بذلك سيكون أخطر تصعيد عسكري منذ الحرب العالمية الثانية.
ما هي الأسلحة النووية التكتيكية؟
الأسلحة النووية التكتيكية عبارة عن رؤوس حربية نووية صغيرة ذات، أنظمة إطلاق مخصصة للاستخدام في ساحة المعركة، أو لضربة محدودة.
صممت هذه الضربة لتدمير أهداف العدو في منطقة معينة دون التسبب في تداعيات إشعاعية واسعة النطاق.
يمكن أن يصل حجم أصغر الأسلحة النووية التكتيكية إلى كيلوطن واحد أو أقل (ينتج ما يعادل ألف طن من مادة تي إن تي المتفجرة)، ويمكن أن يصل حجم أكبرها إلى 100 كيلوطن.
وتصل الأسلحة النووية الاستراتيجية إلى 1000 كيلوطن، ويتم إطلاقها من مدى أطول.
وبالمقارنة، فإن القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما عام 1945 كانت 15 كيلوطنا.
ما هي الأسلحة النووية التكتيكية التي تمتلكها روسيا؟
وفقًل للاستخبارات الأمريكية، تمتلك روسيا حوالي 2000 سلاح نووي تكتيكي.
ويمكن وضع الرؤوس الحربية النووية التكتيكية على أنواع مختلفة من الصواريخ التي تستخدم عادة لنقل المتفجرات التقليدية، مثل صواريخ كروز وقذائف المدفعية.
يمكن أيضًا إطلاق الأسلحة النووية التكتيكية من الطائرات والسفن، مثل الصواريخ المضادة للسفن والطوربيدات.
تقول الولايات المتحدة إن روسيا استثمرت مؤخرًا بكثافة في هذه الأسلحة لتحسين مداها ودقتها.
هل تم استخدام أسلحة نووية تكتيكية من قبل؟
لم يتم استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في النزاعات من قبل، وذلك لسبب مهم، وهو أن القوى النووية مثل الولايات المتحدة وروسيا، وجدت أن تدمير الأهداف الحربية باستخدام الذخائر التقليدية الحديثة فعال بنفس القدر.
بالإضافة إلى ذلك، ليست هناك أي دولة مسلحة نوويًا على استعداد للمخاطرة بإطلاق حرب نووية شاملة باستخدام أسلحة نووية تكتيكية.
ومع ذلك، قد تكون روسيا أكثر استعدادًا لاستخدام أسلحة تكتيكية أصغر من الصواريخ الاستراتيجية الأكبر حجمًا.
تقول الدكتورة باتريشيا لويس، رئيسة برنامج الأمن الدولي، في مركز أبحاث تشاتام هاوس: "قد لا يرون أن الأمر قد لا يصل لجحيم نووي يفتح آفاق كبيرة للصراع، ويمكنهم أن يروا ذلك كجزء من قواهم التقليدية".
هل تهديدات بوتين النووية سبب حقيقي للقلق؟
في فبراير 2022، قبل وقت قصير من غزو أوكرانيا، وضع الرئيس بوتين القوات النووية الروسية في "استعداد قتالي خاص" وأجرى تدريبات نووية.
وفي الآونة الأخيرة، قال بوتين: "إذا تعرضت وحدة أراضي بلادنا للتهديد، فسنستخدم بلا شك كل الوسائل المتاحة لحماية بلادنا وشعبنا. هذه ليست خدعة".
تخطط روسيا لضم مناطق جنوب وشرق أوكرانيا التي احتلتها بعد إجراء استفتاءين، حيث قال الرئيس بوتين إنه مستعد للدفاع عن "وحدة أراضي المناطق (التي يحدث بها استفتاء) بكل الوسائل".
المخابرات الأمريكية
ترى المخابرات الأمريكية، أن تهديد بوتين يمثل تهديدًا للغرب، ليحجم عن مساعدة أوكرانيا في محاولة استعادة أراضيها، وليس كعلامة على أنه يخطط لحرب نووية.
لكن عبر آخرون عن قلقهم من روسيا، إذا عانت من مزيد من الانتكاسات، فقد تميل إلى استخدام سلاح تكتيكي أصغر في أوكرانيا "لتغيير قواعد اللعبة"، ولكسر الجمود أو تجنب الهزيمة.
ويعلق جيمس أكتون، الخبير النووي في مؤسسة كارنيجي في واشنطن العاصمة: "أنا قلق من أنه في هذه الظروف، قد يستخدم بوتين سلاحًا نوويًا - على الأرجح على الأرض في أوكرانيا لإرهاب الجميع وتنفيذ أهدافه. لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد".
في حديثه خلال مقابلة مع شبكة “سي بي إس نيوز”، قال بايدن إن مثل هذا الإجراء من شأنه أن "يغير وجه الحرب، كأقوى علامة منذ الحرب العالمية الثانية".
دور الصين الكبير
من الصعب التنبؤ بالكيفية التي سترد بها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على أي استخدام النووي، فقد لا يرغبون في تصعيد الموقف أكثر والمخاطرة بحرب نووية شاملة لكنهم قد يرغبون أيضًا في رسم خط أحمر لروسيا.
وقد يتم ردع روسيا أيضًا عن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية من قبل قوة أخرى، وهي الصين، حيث تقول الدكتورة هيذر ويليامز، الخبيرة النووية في كينجز كوليدج لندن: "تعتمد روسيا اعتمادًا كبيرًا على الدعم الصيني، لكن الصين لديها عقيدة عدم الاستخدام الأول للقوة النووية. لذا إذا استخدمها بوتين، فسيكون من الصعب للغاية على الصين أن تقف إلى جانبه بشكل واضح، وسيخسر الصين".