ألقى رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي مساء أمس الجمعة، كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعقد دورها الـ77 في مدينة نيويورك الأمريكية.
وقال الكاظمي خلال كلمته في الأمم المتحدة إن "العراق بلد تأريخي عميق الجذور في الذاكرة الإنسانية، وهناك التحديات الكبيرة التي تبدو صعبةً ولاسيما على مستوى الصراع السياسيّ الداخلي، ولكنْ هناك في المقابل روح الأمل لدى شعب العراق الذي يمتلك قدرة انتزاع الفرصة للحياة والتقدم والسلام. وستذكر هنا الشهداء العراقيين الذين قدموا أرواحهم من أجل الدفاع عن قيم الحرية، والعدالة، والديمقراطية، وحقوق الإنسان".
وأضاف الكاظمي "يتطلع العراق إلى تلقي المزيد من الدعم الأممي في إعادة إعمار المناطق المحررة والمتضـررة من احتلال عصابات داعش الإرهابية، وكذلك المساعدات الأممية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الضـرورية الطارئة؛لتعزيز قدرات العراق، في إعادة بناء البنى التحتية المدمرة. وإن العراق يكرر من هذا المنبر دعواته لعدم استخدام أراضيه تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، أو حماية الأمن القومي لدول أخرى؛ بما يعرّض أمنه واستقراره للخطر".
وعلى الصعيد الداخلي، أوضح الكاظمي أن حكومة العراق "عملت على إقامة انتخابات نزيهة وعادلة بدعم من مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ومنظمات دولية أخرى، وقد أشادوا بنزاهتها ومهنيتها العاليين. وإدراكًا من حكومة جمهورية العراق بأهمية الاستحقاقات الوطنية، والحفاظ على التجربة الديمقراطية والمطالب الجماهيرية بممارسة حقوقها ديمقراطياً وحرية التعبير، أود هنا أن أقدم شكري وتقديري لجميع المنظمات والدول، ولكل من ساعد في دعم هذه الانتخابات، وأخص بالذكر المرجع الأعلى السيد السيستاني لحمايته للمسار الديمقراطي في العراق. ورغم نجاح الانتخابات، فقد عجزت القوى السياسية في الاتفاق على تشكيل الحكومة؛ مما أدى إلى خلق انسداد سياسي. ودعت حكومتي إلى حوار جاد وشفاف لجميع القوى السياسية والأحزاب المختلفة؛ لمناقشة سبل الخروج من الأزمة السياسية الحالية، سعياً من الحكومة لتلبية طموحات الشعب، والتعبير عن آماله، وتحقيق أهدافه لضمان مستقبله".
وقال الكاظمي: "تعمل حكومة العراق على بناء الدولة، والحفاظ على هيبتها على أسس التعايش بين مكونات الشعب العراقي كافة، مع احترام التنوع والتعدد الفكري والديني والمذهبي في ظل سيادة قيم العدالة والمساواة ومبادئها، وضمان حرية التعبير والتظاهر السلمي وحقوق الإنسان، وتقوية أجهزة إنفاذ القانون، والعمل على تعزيز إجراءات المساءلة ووقف الانتهاكات الفردية ومحاسبة مرتكبيها، والعمل على حصـر السلاح بيد الدولة، ومنع حيازته واستخدامه خارج إطار القانون ومؤسسات الدولة، والتحقيق باستخدامه ضدّ المواطنين، وأفراد القوات الأمنية، ومحاسبة المستخدمين وفق القانون، وتطبيق العدالة على الجميع".
استقرار المنطقة
وعلى الصعيد الإقليمي والعربي، شدد رئيس الوزراء العراق أن بلاده "حريصة على أن يكون العراق مصدر استقرار في محيطه الإقليمي والدولي، ويسعى إلى تقريب وجهات النظر، والعمل على إيجاد الحلول السلمية المستدامة للأزمات الإقليمية والخلافات بين دول المنطقة عبر طرحه العديد من المبادرات التي تهدف إلى ضمان حماية السلم والأمن في منطقتنا التي عانت الحروب والأزمات لوقت طويل، وامتداداً لهذه السياسية المتوازنة فقد استضافت بغداد العديد من الاجتماعات بين هذه الدول؛ مما يعد نتيجة للسياسة المتوازنة التي تعمل بها هذه الحكومة، وتعمل بها الدبلوماسية العراقية مع دول الجوار والعمل من أجل مصلحة جميع الأطراف بما يصب في مصلحة شعوب المنطقة التي تربطها علاقات تأريخية، وكذلك تشجيع التعاون الإقليمي، ونزع فتيل الأزمات في المنطقة".
وتابع: "نؤكد موقف العراق الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقوقه المشـروعة، واحترام الوضع التاريخي لمدينة القدس ومقدساتها. وفي الوقت الذي نؤكد فيه على حرصنا على وحدة الأراضي السورية وسلامتها، ندعم إجراء المحادثات السياسية بين الأطراف السورية كافة، ودعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وقال الكاظمي: "يشاطر العراق دول العالم، بأن الأزمات والحروب الإقليمية تنعكس نتائجها على جميع دول العالم، وأن الشعوب دائماً تدفع الثـمن لهذه الحروب، حيث تؤثر على جميع نواحي الحياة ولاسيما إمدادات الطاقة، والغذاء، وانعدام الأمن؛ وعليه نؤكد على ضرورة إيجاد الحلول السلمية المستدامة للأزمات الإقليمية والدولية عن طريق الحوار، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة حفاظاً على السلم والأمن الدوليين، وإنقاذ الاقتصاد العالمي والبشـرية من تداعيات هذه الحروب".
الجفاف
وقال الكاظمي إن "العراق يمر بظروف مناخية صعبة بسبب شح الموارد المائية، وتغيير مجاري الأنهار التي يشترك بها مع دول الجوار، وإقامة المشاريع دون الأخذ بالحسبان تأثيراتها على الحصص المائية، والاستخدام المنصف للدول المتشاطئة، كل هذه الظروف مجتمعةً أدت بالعراق ليصبح خامس أكثر البلدان هشاشةً تجاه التغيّرات المناخية؛ مما أدى مؤخراً إلى جفاف معظم مناطق أهوار العراق، وتضـرّر سبل العيش لمئات الأسر الريفية في الأهوار العراقية، التي تعدّ محميات طبيعيةً ضمن قائمة التراث العالمي، والتي أدت إلى زيادة نسبة التصحر، والنزوح الداخلي؛ بسبب عوامل الطبيعة، وإلى فقدان مصادر العيش للعديد من العوائل، وأدت أيضاً إلى تقليل نسبة الأراضي الزراعية. ندعو جميع دول المنطقة للحوار لحل القضايا المائية وفق القوانين والاتفاقيات الدولية".