بعد أيام قليلة من نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ، مع تنامي المخاوف إزاء التذبذب في قيمة العملات، حتى الدولار، والآن بعد مرور 7 أشهر على الحرب المستمرة، وبفعل سياسات كبح التضخم مضى المعدن الأصفر في الاتجاه المعاكس تمامًا، وأدى ذلك إلى انهيار أسعار الذهب.
ففي مسعاه للسيطرة على التضخم مطرد الارتفاع، شرع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) في تطبيق سياسة نقدية انكماشية بالغة التشدد، ولجأ إلى رفع أسعار الفائدة 5 مرات منذ مارس الماضي، كان آخرها إعلانه الأربعاء الماضي رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس لتبلغ 3.25%، وكان لذلك أثره على أسعار الذهب بطبيعة الحال.
ارتفاع الدولار يخفض أسعار الذهب
ولأن الدولار والذهب يُعدان الملاذين الأكثر أمانًا للحفاظ على قيمة الثروة، فهناك ارتباط وثيق بين حركات أسعارهما، وفيما أفلحت قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع سعر الدولار أمام العملات الأخرى، أدت إلى انخفاض أسعار الذهب لتبلغ اليوم الجمعة أدنى مستوى ها في عامين.
وبحسب قناة "سي إن إن" الأمريكية، فإن معظم حجم تجارة الذهب والمعادن النفيسة الأخرى تجري بالدولار، ومن شأن ارتفاع سعر الدولار أمام العملات الأخرى تقليل قدرة المستثمرين غير الأمريكيين على شراء الذهب، ولذا يؤدي تراجع الطلب على الذهب إلى تراجع أسعاره بدورها.
ومن جانب آخر، فمع رفع أسعار الفائدة يبدو الدولار استثمارًا أعلى ربحية حتى من الذهب، وهو ما يدفع عدد كبير من المستثمرين إلى التخلص مما يملكونه من ذهب والاتجاه لشراء أدوات الدين الأمريكية المقومة بالدولار طبعا، إذ ارتفعت نسبة العائد على سندات الخزانة الأمريكية من 1.5% مطلع العام الجاري إلى 3.77% حاليًا.
ولا يقتصر الأمر على منافسة الدولار وحده للذهب، فعقب إعلان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأربعاء الماضي رفع أسعار الفائدة، اضطر عدد من البنوك المركزية الكبرى حول العالم لرفع أسعار الفائدة على عملاتها الوطنية، ومن ثم ترتفع نسبة العائد على الاستثمار في أدوات الدين الحكومية بعملات قوية مثل اليورو والاسترليني والفرنك السويسري، وهو ما يساهم بدوره في العزوف عن الاستثمار في الذهب وانخفاض أسعاره بالتالي.
وما دام التضخم مرتفعًا فسيظل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية حول العالم مضطرة لإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة، بل بل والاتجاه إلى رفعها أكثر، وهو المرجح أن يحدث في المدى المنظور، ومن ثم فمن المستبعد أن تعود أسعار الذهب للارتفاع مرة أخرى في المستقبل القريب على الأقل.
انهيار أسعار الذهب
انخفضت أسعار الذهب اليوم الجمعة بنسبة أكثر من 1% ليبلغ أدنى مستوى له منذ أبريل 2020، بفعل تزايد قوة الدولار بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة، وبالتالي ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية.
وتراجع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.7% إلى 1642.79 دولار للأونصة، واقترب من تسجيل التراجع الأسبوعي الثاني على التوالي، بنسبة 1.8%. وتراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.5% إلى 1672.10 دولار.