قالت الدكتورة زينب محمد إبراهيم الرشيدى، الباحثه بقسم الحراريات والسيراميك ومواد البناء بمعهد بحوث تكنولوجيا المواد المتقدمة والثروات المعدنية، أن المواد الحيوية بشكل عام والمواد المستخدمة فى علاج أمراض العظام (الشرائح والمسامير المستخدمة فى تثبت العظام فى حالات الكسور) بشكل خاص لها أهمية كبيرة فى التطبيقات الطبية.
واوضحت الدكتورة زينبالرشيدى، أن تلك المواد شهدت تطورات كثيرة على مدى نصف قرن مضى، خاصة المواد المستخدمة فى علاج أمراض العظام مثل الكسور الناتجة من الحوادث وخلايا العظام التالفة نتيجة كبر السن، منوهة بأن هذه المواد يجب أن تتميز بأن تكون متلائمة مع الجسم لكى تبقى لفترات طويلة داخله و حتى لا يتم مراجعتها جراحياً.
واضافت أن السبائك الفلزية مثل سبائك التيتانيوم والحديد المقاوم للصدأ والكوبالت تعتبر من أكثر المواد المستخدمة فى جراحات العظام والمفاصل، حيث تتميز هذه السبائك بقدرتها العالية على مقاومة التآكل وكذلك خواصها الميكانيكية العالية.
وأشارت إلى أن هذه المواد تصنف من مفهوم المواد الحيوية على أنها مواد خاملة حيوياً، حيث أنها لا تتفاعل كميائيا مع الأنسجة الحية داخل الجسم، وعليه، فهى لا تلتصق بالعظام وتُكوّن كبسولات ليفية حولها ويؤدى ذلك إلى انفصال السبيكة المنزرعة فى الجسم بعد فترة من زرعها فلا تؤدى الغرض المطلوب منها، وعلاوة على ذلك فهى قد تتفاعل كميائياً فتؤدى إلى خروج بعض الأيونات منها، والتى بدورها قد تسبب مشاكل كبيرة داخل الجسم.
وأكملت الدكتورة زينب، قائلة: "الحل الأمثل لهذه المشكلة هو طلاء هذه السبائك بمواد حيوية لها القدرة على تكوين راوبط كيميائية مع أنسجة العظم المحيطة بها، وقد أُجريت العديد من الأبحاث لتحسين أسطح السبائك الفلزية بواسطة طلائها بمواد نشطة حيوياً مثل الزجاج الحيوى المبنى على السيليكا، ومتوالفات كلٍ من الزجاج الحيوى مع الهيدروكسى أباتيت مع الكيتوزان وأيضاً الزجاج الحيوى مع الهيدروكسى أباتيت مع الألجينيت، والزجاج الحيوى مع أنابيب الكربون النانومترية، والزجاج الحيوى مع الكيتوزان والزجاج السيراميكى الحيوى، الزجاج الحيوى مع الهيدروكسى أباتيت فى الصورة النانومترية، وأخيراً، متوالفات الزجاج الحيوى المحتوى على البورون مع الكيتوزان.
وأضافت أنه تم التوجه حديثاً إلى دراسة الزجاج المبنى على البورات فى التطبيقات الطبية حيث يتميزهذا النوع من الزجاج بتحوله السريع إلى الهيدروكسى أباتيت عند وضعه فى السائل المشابه لبلازما الدم مقارنةً بالزجاج المبنى على السيليكا.
واشارت إلى أن هذا النوع من الزجاج له القدرة على نمو وتطور الخلايا الجذعية وتكوين خلايا العظم أسرع من الزجاج المبنى على السيليكا، وهناك العديد من الطرق لطلاء أسطح الفلزات مثل الرش بطريقة البلازما (plasma spraying) وعمل طبقة من المينا بالسول جيل (enameling sol-gel) وطريقة الترسيب بالهجرة الكهربية للحبيبات المشحونة (electrophoretic deposition) وعملية المحاكاة الحيوية (biomimetic process) .
وتابعت أنه حديثاً يتم طلاء هذه السبائك بطلاءات متعددة الوظائف، لأنه من المعروف أن عملية تركيب الشرائح المعدنية لعلاج كسور العظام قد يصحبها عدوى بيكتيرية أثناء عملية الزرع، ويتطلب هذا إعطاء المريض كميات كبيرة من المضادات الحيوية بشكل دورى ولفترات طويلة، وقد تفشل هذه الطريقة فى القضاء على البكتيريا بشكل كامل داخل الجسم، لذلك يتم تحميل الطلاء بأدوية مضادة للبكتيريا مثل المضادات الحيوية.
ويخرج هذا الدواء بشكل تدريجى على فترات زمنية طويلة، مما يمنع حدوث العدوى البكتيرية وبالتالى تجنب أخذ المضادات الحيوية بكميات كبيرة قد تضر باقى أجهزة الجسم، ومن ناحية أخرى، قد يُصاب العظم بالسرطان ويتطلب هذا إزالة هذه الأنسجة السرطانية من العظم، مما يُضعف الخواص الميكانيكية للعظم والذى يؤدى إلى كسر العظم، ويحتاج هذه النوع من تجبير العظام إلى سبائك فلزية مطلية بطلاءات تحتوى على أدوية مضادة للسرطان لمنع انتشاء الورم فى أنسجة العظام.
وأكدت الدكتورة زينب محمد إبراهيم الرشيدى، أن مجال طلاء السبائك الفلزية بمواد حيوية مهم جداً فى مجال طب العظام، ومازال هناك جهود كبيرة من العلماء لتطوير هذه السبائك من ناحية وتطوير المواد الحيوية نفسها وطرق طلائها من ناحية أخرى.