يستعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) للاجتماع يوم الأربعاء المقبل لاتخاذ قرار بشأن سعر الفائدة، الذي يبلغ حاليًا 2.25%، ومن المنتظر بطبيعة الحال أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي زيادته، ليحدث هزة جديدة في سعر الدولار حول العالم.
ارتفاع سعر الدولار يجبر البنوك المركزية على رفع الفائدة
ومن المعروف أنه كلما ارتفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة يميل المستثمرون في أنحاء العالم إلى شراء سندات الخزانة الأمريكية المقومة بالدولار، انتظارًا لعوائدها المرتفعة، الأمر الذي يرفع سعر الدولار أمام العملات الأخرى.
وبينما يواصل الاحتياطي الفيدرالي تشديد السياسة النقدية، ستستمر البنوك المركزية الأخرى من أوروبا إلى آسيا والمحيط الهادئ وإفريقيا وأمريكا الجنوبية في رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم، وفي نفس الوقت لمنع رؤوس الأموال من الهرب إلى الولايات المتحدة للاستثمار في أدوات الدين الأمريكية المقومة بـ الدولار وذات العائد المرتفع.
وعلى مدار الأشهر الاثنى عشر الماضية، شهد سعر الدولار الأمريكي بعض التذبذب، وإن اتجه بثبات نحو الصعود أمام العملات الأخرى، ومؤخرًا قفز مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمته مقابل العملات الأخرى، بنسبة 18%.
الاحتياطي الفيدرالي يستعد لرفع سعر الفائدة بمعدل غير مسبوق
وقالت قناة "سي إن إن" الأميركية إن الاجتماع المرتقب لمجلس الاحتياطي الفيدرالي سيكون تاريخيًا، فعلى أقل تقدير سيتجه إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس ليبلغ 3%، أو يقدم على خطوة غير مسبوقة برفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس أو نقطة مئوية واحدة ليبلغ 3.25%.
وأضافت القناة أن ما سيحدث بعد الاجتماع المرتقب لمجلس الاحتياطي الفيدرالي مثار تكهنات متضاربة، فمن الصعب حتى الآن معرفة ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيمضي في رفع سعر الفائدة مجددًا في نوفمبر المقبل، أم أن ضغوط التضخم ستهدأ بما يكفي للسماح بإبطاء وتيرة السياسات الانكماشية قليلًا.
والمشكلة التي تواجه الاحتياطي الفيدرالي الآن هي أن معدل التضخم لا يبدو وكأنه يتأثر بالقرارات المتعاقبة لرفع سعر الفائدة، فسوق العمل لا يزال نشطًا والمستهلكون ينفقون بمعدلات عالية تحافظ على غزارة المعروض النقدي في الأسواق والذي يعد احد أسباب ارتفاع أسعار السلع، كما أن أسعار المساكن لا تزال مرتفعة بالرغم من فرض معدلات فائدة عالية على الرهن العقاري.
ورفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة أربع مرات بالفعل منذ بداية عام 2022، لكن التضخم في الولايات المتحدة لا يزال عند معدل يبلغ 8.3٪ لشهر أغسطس على أساس سنوي، والذي لا يزال يقترب من أعلى مستوياته في أربعة عقود.
وينتاب القلق المستثمرين دائمًا حيال رفع سعر الفائدة، لأن سعر الفائدة المرتفع يعني ارتفاع تكلفة الاقتراض للشركات، وبالتالي انخفاض أرباح الشركات وأسعار الأسهم، وعندما صدرت أرقام التضخم في الولايات المتحدة لشهر أغسطس، الثلاثاء الماضي، شهدت بورصة وول ستريت هزة عنيفة، إذ انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 1.276 نقطة أو بنسبة 3.9%، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 4.3%، فيما هبط مؤشر ناسداك بنسبة 5.2%.
ويشعر المستثمرون في الأسهم بالقلق من أن معدل التضخم المستمر في الارتفاع يعني أن السياسات النقدية الانكماشية الصارمة التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي لا تقترب من الانتهاء، بحيث تُخفف القيود على الاقتراض وتعود الأسواق للانتعاش وترتفع احتمالات مكاسب الأسهم.
وفي خطاب ألقاه في تجمع جاكسون هول السنوي بولاية وايومنج أواخر أغسطس الماضي، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن صانعي السياسة النقدية في الولايات المتحدة يركزون بشدة على ترويض ارتفاع الأسعار. وأوضح أنه "من المرجح أن يتطلب خفض التضخم فترة طويلة من النمو بالسالب"، وإن حذر من أنه "في حين أن أسعار الفائدة المرتفعة والنمو البطيء وظروف سوق العمل الضعيفة ستؤدي إلى انخفاض التضخم، فإنها ستؤدي أيضًا إلى بعض الألم للأسر والشركات" .