غداة اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينج على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون، تشير تقارير إعلامية إلى أن صادرات الغاز الروسي تجد طريقها إلى أوروبا عبر الصين.
ونقلت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية عن رئيس قسم أبحاث الطاقة بشركة "جرينمانتل" نيكولاس كومليبين أن "سوق الغاز الطبيعي المسال العالمية مترابطة على نحو متزايد، والتحولات في الطلب الإقليمي يمكن أن تساعد على تحقيق التوازن بين الأسواق وليس تضييقها. إن إعادة توجيه التدفقات تخدم مصالح جميع الأطراف المعنية".
أوروبا تستعد للشتاء بشراء الغاز من الصين
مع اقتراب فصل الشتاء، تمتلئ مخزونات الغاز الطبيعي في أوروبا حاليًا بنسبة 80%، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى وارادات الغاز القادمة من الصين، لتعويض الكميات الهائلة المفقودة من الغاز الروسي، إما بسبب حظر بعض الدول الأوروبية شراءه أو قرار روسيا وقف بيعه إلى البعض الآخر، في خضم تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
تسرّع شركات غاز صينية وتيرة زيادة المعروض من الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية تلبية للطلب المزايد على الطاقة بعد نشوب الروسية الأوكرانية.
وخلال العام الجاري، باعت شركات صينية 4ملايين طن من الغاز الطبيعي المسار في الأسواق العالمية، وتساوي هذه الكمية 7% من استهلاك الغاز في أوروبا خلال النصف الأول من العام الجاري، وقالت شركة "جوفو" الصينية العاملة بمجال السمسرة في مبيعات الغاز أنها باعت في صفقة واحدة شحنة بقيمة 100 مليون دولار لمشتر أوروبي.
وقالت مجموعة "سينوبك"، وهي أكبر شركة لتكرير النفط في الصين، إنها تضخ فائض الغاز الطبيعي المسال في السوق العالمية، وتشير وسائل إعلام صينية إلى أن سينوبك باعت خلال العام الجاري 45 شحنة من الغاز الطبيعي المسال بما مجموعه 3.15 مليون طن.
وقالت الخبيرة في مركز دراسات الطاقة بجامعة رايس الأمريكية آنا ميكولسكا "إذا كانت أوروبا تشتري الغاز من الصين فمن المحتمل أن يكون بعضه غازًا روسيًا، وخاصة إن كان مخلوطًا. لا أصدق أن هناك أي قواعد صارمة تتعلق بالمنشأ".
وأضافت "ليس أمام دول الاتحاد الأوروبي ما يمكن أن تفعله أكثر من عدم شراء الغاز من الصين، لكنها بذلك تعرض نفسها لأزمة نقص حاد في الغاز خلال فصل الشتاء".
وقد يبدو ذلك التفافًا على العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا، لكن الحقيقة أن العقوبات الأوروبية تتعلق أكثر بحظر شراء النفط الروسي لا الغاز، إلا أن روسيا هي التي تقلل بشكل ممنهج تدفق غازها إلى الأسواق العالمية.
مبيعات الغاز الروسي إلى الصين
نمت مبيعات الغاز الروسي إلى الصين عبر خطوط الأنابيب بنسبة 65% خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، ومنذ نشوب الحرب الروسية الأوكرانية قفزت مدفوعات الصين مقابل مشتريات الغاز من روسيا إلى 35 مليار دولار، مقارنة بـ 20 مليار دولار خلال نفس الفترة منذ عام واحد.
ووقعت شركة غازبروم الروسية وشركة البترول الوطنية الصينية عام 2014 اتفاقًا بقيمة 400 مليار دولار لمدة 30 عامًا لمد خط أنابيب "قوة سيبيريا 1" بطول 8 آلاف كيلومتر، منها 3 آلاف كيلومتر داخل الأراضي الروسية و5 آلاف كيلومتر داخل الأراضي الصينية، وبدأ تشغيل الخط جزئيًا في أواخر 2019، ومن المتوقع أن يمد الصين بنحو 38 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا بعد تشغيله بكامل طاقته عام 2025.
وقالت ميكولسكا "روسيا تبيع الغاز إلى الصين بأسعار متفق عليها في العقود بينهما، وحسبما أفهم فإن الاتفاق بينهما بشأن خط قوة سيبيريا 1 هو في صالح الصين من ناحية الأسعار أكثر مما هو في صالح روسيا".
مبيعات الغاز من الصين لأوروبا
يحذر خبراء من أن واردات الغاز من الصين إلى أوروبا لا يمكن أن تغطي احتياجات الأخيرة بالكامل، لأن إجمالي كمية الغاز التي يمكن للصين تصديرها إلى أوروبا تظل في النهاية محدودة مقارنة بما كان يمكن لأوروبا استيراده من روسيا في الأحوال الطبيعية.
ومن ناحية أخرى، فمع تعافي النشاط الاقتصادي الصيني بعد انحسار جائحة كورونا، من الطبيعي أن تحتاج الصين كميات ضخمة من الغاز لتلبية الطلب المحلي، الأمر الذي يترك أوروبا تحت رحمة الصين لإمدادها بالغاز بأسعار مرتفعة.
وربما كانت بعض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا لا تزال تتدفق عبر خط أنابيب "يامال"، إلا أنها تظل أقل بكثير مما تحتاج إليه أوروبا.