حذّر تقرير أممي علمي، من أن فرص العالم في تجنب أسوأ الأضرار الناجمة عن الانهيار المناخي تتضاءل بسرعة، مع دخولنا "منطقة مجهولة من الدمار" من خلال فشلنا في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري واتخاذ الإجراءات اللازمة لدرء الكارثة.
ورغم التحذيرات المكثفة في السنوات الأخيرة، لم تغير الحكومات والشركات من نهجها بالسرعة الكافية، وفقا لتقرير "الاتحاد من خلال العلم" السنوي، الذي صدر الثلاثاء عن عدد من الوكالات.
وركز التقرير على زيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وزيادة غازات الاحتباس الحراري، التي وصلت الآن إلى مستوى قياسي، "ما قد يؤدي إلى إحباط المخططات المرسومة لخفض درجات الحرارة العالمية وتجنب الكوارث المناخية".
ويظهر التقرير العواقب بالفعل بشأن الطقس القاسي المتزايد في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أننا "في خطر إثارة "نقاط التحول" في النظام المناخي التي ستعني تحولات أسرع، لا رجعة فيها في بعض الحالات".
ويضيف التقرير أنه "لا يمكن استبعاد ذلك، فقد كانت السنوات السبع الماضية هي الأكثر دفئاً على الإطلاق، وهناك فرصة تقارب الـ50 في المئة، أن يكون متوسط درجة الحرارة السنوية في السنوات الخمس المقبلة أعلى مؤقتاً بمقدار 1.5 درجة مئوية عن متوسط المعدل بين عامي 1850 و1900".
يشير التقرير إلى أن الفيضانات الأخيرة في باكستان، التي غطت نحو ثلث البلاد بالمياه، هي أحدث مثال على الطقس القاسي الذي يدمر مساحات شاسعة من العالم.
ويوضح أن موجة الحر في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك المملكة المتحدة هذا الصيف، والجفاف المطول في الصين، والجفاف الضخم في الولايات المتحدة، وحرائق الغابات والعواصف الكبرى، والظروف القريبة من المجاعة في أجزاء من أفريقيا، أمثلة أخرى تعكس تقلبات الطقس السائدة بشكل متزايد.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش: "لا يوجد شيء طبيعي في الحجم الجديد لهذه الكوارث. إنها ثمن إدمان البشرية للوقود الأحفوري. يُظهر تقرير هذا العام أن تأثيرات المناخ تتجه نحو منطقة دمار مجهولة".
وتستمر تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع إلى مستويات قياسية، ومعدلات انبعاثات الوقود الأحفوري أعلى الآن من مستويات ما قبل الجائحة، بعد انخفاض مؤقت بسبب الإغلاق، مما يشير إلى فجوة كبيرة بين الطموح والواقع، بحسب التقرير.
وأكد التقرير أن المدن المكتظة مسؤولة عما يصل إلى 70 في المائة من الانبعاثات التي يسببها الإنسان، وستواجه آثاراً اجتماعية واقتصادية متزايدة يتكبد وطأتها السكان الأكثر ضعفاً.
وكانت إحدى الاستنتاجات الرئيسية للتقرير، الحاجة الملحة إلى مزيد من العمل الطموح، "إذا أردنا تجنب التأثيرات المادية والاجتماعية والاقتصادية لتغير المناخ، الذي سيكون لها عواقب وخيمة على الكوكب".
وأشار التقرير إلى أن التعهدات بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري يجب أن تكون أعلى بسبعة أضعاف، من أجل تحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل بالحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند حدود 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.
وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس: "علم المناخ قادر على إظهار أن العديد من الظواهر المناخية الشديدة التي نشهدها أصبحت أكثر احتمالا وأكثر كثافة بفعل تغير المناخ الذي يسببه الإنسان."
وأضاف: "رأينا هذا مراراً وتكراراً هذا العام، وكان له تأثير مأساوي. من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نوسع نطاق العمل بشأن أنظمة الإنذار المبكر لبناء المرونة في مواجهة مخاطر المناخ الحالية والمستقبلية في المجتمعات المعرضة للخطر."
وتعليقا على تقرير "الاتحاد من خلال العلم"، قال جوتيريش إن أحدث الأبحاث العلمية أظهرت "أننا لا نزال بعيدين عن المسار الصحيح"، مضيفا أنه من المعيب مدى إهمال بناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية.
وأضاف: "إنها لفضيحة أن الدول فشلت في التعامل مع التكيف بجدية، وتجاهلت التزاماتها لمساعدة العالم النامي. من المقرر أن تنمو احتياجات تمويل التكيف إلى 300 مليار دولار أميركي سنوياً على الأقل بحلول عام 2030."
وكان الأمين العام قد زار باكستان مؤخرا ليرى بنفسه حجم الدمار الهائل الذي سببته الفيضانات.