قضت المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا ، ببراءة ٦ قيادات بالأوقاف من تهمة تمكين نائبين بمجلس الشعب من إلقاء كلمة في مسجدين عقب صلاة الجمعة ، وبرائتهما المحكمة لأن الكلمة كانت مجرد شكر لوزير الأوقاف علي فرش المسجدين.
صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم داود نائب رئيس مجلس الدولة ، وحملت الدعوى رقم 57 لسنة 64 ق.
ورأت المحكمة ، إن الكلمة التي ألقاها النائبين بالمسجدين المذكورين ، فحواهما لا يخرجهما عن كونهما توجيه الشكر لوزير الأوقاف وقيادات الوزارة لاستجابتهم للطلب المقدم منهما لفرش المسجدين سالفي الذكر، فلا تعد مادة الحوار بحال من الأحوال توظيفا للمساجد سياسيا أو حزبيا أو طائفيا أو انتخابيا أو فئويا أو شخصيا، كما أنها لا تحمل في طياتها إسقاطات للواقع السياسي أو غيرها من المحظورات المدونة بميثاق الشرف الدعوي، فالعبرة بمضمون الكلمة لا بشخص قائلها .
وإذ أن ميثاق الشرف الدعوي المشار إليه قد بين على سبيل الحصر ماهية المحظورات التي لا يجوز تناولها عند اعتلاء منابر المساجد ، من أجل بلوغ الغاية المرجوة منه ، وهي عمارة المساجد بالذكر والتسبيح لله وإقامة الشعائر الدينية فيه، وإذ قطعت الأوراق والتحقيقات بأن النائبين المذكورين لم يتخذا من كلمتهما داخل المسجدين المذكورين وسيلة لتناول الشأن السياسي أو الانتخابي أو التحريض على الطائفية أو الفئوية .
وقالت المحكمة ، أن المحالين قد أجمعوا على أن النائبين قاما بإلقاء الكلمة أثناء أدائهم لركعتي السنة اللتين يعقبا صلاة الجمعة، أي أنهم لم يكن بمقدورهم منعهما من إلقاء الكلمة، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ولا يجوز تحميلهم بما يخرج عن حدود قدرتهم وطاقاتهم في ضوء تلك الظروف واعتباراتها، لاسيما وأن القول بأنه كان يتعين على المحالين التدخل لمنع النائبين من التحدث داخل المسجد قد يؤدي إلى إشاعة البلبلة وإثارة الفوضى بين المصلين، فيصبح الضرر الناشئ عن هذا التدخل أشد جسامة من الضرر المدفوع، فدرء المفاسد يٌقدم على جلب المنافع وأولى بالاعتبار .
واستعرضت المحكمة ، ميثاق الشرف الدعوي الملزم وضوابط تصاريح الخطابة ، من أنه " يلتزم كل من يصرح له بالخطابة بعدم توظيف المساجد في الخطب أو الدروس أو الاجتماعات توظيفا سياسيا حزبيا أو انتخابيا أو طائفيا أو فئويا أو شخصيا، وألا يشارك في أي مؤتمر أو منتدى حزبي سياسي أو انتخابي، وألا يوظف دعوته لمناصرة حزب أو جماعة أو شخص سواء في الانتخابات أو غيرها، وألا يستخدم نفوذه الديني للحشد في هذا الاتجاه، بل يؤثر المصلحة الوطنية على جميع المصالح الخاصة .
وأوضحت المحكمة ، أن المنوط بهم عدم تمكين أي شخص من اعتلاء منابر المساجد هو أئمة وخطباء المساجد العاملين بها وليس المحالين بصفاتهم الوظيفية سالفة الذكر ، و " التأكد على السادة الأئمة والخطباء بعدم تمكين أي شخص مهما كان موقعه أو مكانته من المنبر إلا بتصريح كتابي مسبق من وزارة الأوقاف وتعليمات واضحة من الرئيس المباشر، واعتبار المنبر أمانة ومسئولية خاصة لإمام المسجد أو خطيبه، وهو غير مفوض بإنابة أحد عنه أو السماح بصعوده المنبر مهما كان وضع ومكانة هذا الشخص .
وفي حالة أي ظرف طارئ وجب على الإمام أو الخطيب الرجوع إلى رئيسه المباشر للتنسيق والترتيب."، بالإضافة إلى ذلك كله فإن تلك التعليمات تنطق في إفصاح جهير بأن الحظر الوارد بها لا يسري إلا على الصعود لمنبر المسجد فقط دون باقي أرجاءه .