مما لا شك فيه أن الأزمتين السورية والأوكرانية الروسية جعلت روسيا تشهد عودة قوية على الساحة الدولية، وخاصة عقب اندلاع أزمة أوكرانيا وإسقاط النظام المؤيد لموسكو فيها أدى إلى توتر العلاقات الروسية مع الغرب لدرجة تذكّر بأجواء الحرب الباردة ختمت بقرار روسيا بقطع إمدادات الغاز لدول أوروبا ، " على طريقة كرسى فى الكلوب " مما ينذر بكارثة اقتصادية سوف تشهدها دول أوروبا ويدفع ثمنها دول العالم الثالث.
ومن خلال مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي وإمكانياتها الاقتصادية والعسكرية الهائلة تضطلع روسيا بدور مهم في السياسة الدولية. وخلال حكم الرئيس فلاديمير بوتين عادت روسيا لتصبح قطباً مضاداً للولايات المتحدة الأمريكية التى تلعب دور الفتوة وحلفائها في الكثير من النزاعات الدولية ، لكن الكثير من المنظمات الحقوقية اتخذتها ذريعة لتوجه الانتقادات لسجل روسيا في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث اتخذت موسكو موقفاً عنيداً ضد دول الاتحاد الأوروبي الداعمة لأوكرانيا في النزاع الدائر بينهما منذ 6 أشهر ووجهت لها صفعة قوية رداً على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، مستخدمة في ذلك سلاح الغاز.
وأعلنت روسيا من خلال عملاق الطاقة الروسى جازبروم توقف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب نورستريم 1 منذ الجمعة الماضية رداً على قرار مجموعة السبع (G7) بضرورة وضع سقف لسعر الغاز الروسي، وهو ما زاد من حدة المعركة الاقتصادية بين موسكو وبروكسل، مع احتمالات الركود وتقنين الطاقة في بعض من أغنى دول أوروبا، إلى أجل غير مسمى.
وكشفت شركة (جازبروم) الروسية أنها أرسلت بيانًا إلى شركة (سيمنس) الألمانية توضح فيه أن "التوربين الأخير في خط نورد ستريم 1 قد تعطل"، وطالبت الشركة الروسية، (سيمنس) بإصلاح العطل في التوربين الأخير للخط، والذي يمد دول الاتحاد الأوروبي بالغاز عن طريق ألمانيا و كانت موسكو قد أعلنت منذ عدة أيام، أن وقف إمدادات الغاز الذي يأتي من (خط نورد ستريم 1) من أجل الصيانة، ونتج عنه عدم تدفق الغاز إلى ألمانيا بين الساعة 0100 يوم 31 أغسطس المنصرم وحتى 0100 يوم الثالث من سبتمبر الجاري، وفقا لشركة الطاقة الروسية العملاقة جازبروم.
ولقرار موسكو توقف إمداد الغاز لدول الاتحاد الأوروبي سيكون له عواقب وخيمة ينتج عنها كوارث اقتصادية لبعض هذه الدول لاعتماد صناعتها على الوقود الروسى، حيث تمثل دول الاتحاد الأوروبي خاصة ألمانيا وفرنسا رقماً مهماً في الاقتصاد العالمي ومصدر إمداد لكثير من الدول التي بها صناعات متعددة تسهم بشكل كبير بحركة السوق العالمي، وتعتمد عليها دولاً عدة خاصة العالم الثالث ومن هذه الصناعات الأدوات الكهربائية والمستحضرات الطبية وصناعات الورق والمعادن، والأجهزة الإلكترونية والسيارات، وتساهم دول الاتحاد الأوروبي بـ (حوالي 16 تريليون دولار من إجمالي الناتج المحلي) حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا، حيث يعد الاتحاد الأوروبي مجتمعا ثاني أغنى وأكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة بنحو 5 تريليون دولار ، و تمثل صادرات ألمانيا 134.3 مليار يورو من صناعات السيارات والمركبات والأجهزة الإلكترونية والكهربائية، خلاف المعادن، فهي تعد أكبر اقتصاد أوروبي.