الظروف لم تتيح له حرية الاختيار بين الحرف والمهن المختلفة، فقد وجد نفسه منذ 6 عقود محاطاً بكميات كبيرة من نبات الحلف المستخدم فى صناعة الحصير اليدوى، ومع الوقت وجد نفسه يحترف صناعة الحصير اليدوى مثل والده و مئات العاملين فى هذه الحرفة بقرية كوم الضبع التابعة لمركز نقادة جنوب قنا ، قبل أن تتراجع و يهجرها صناعها لحرف وصناعات أخرى.
الحصير تراجع لأدنى مستوياته مع بداية القرن الحالى
"محمد خلف الله"، أقدم صناع الحصير اليدوى بقنا ، مازال متمسكاً بالحرفة العتيقة، رغم تغير أوضاعها وتراجع الطلب عليها، عما كان قبل ذلك، معلقاً آمال كبيرة على انتعاش قطاع السياحة، الذى ساهم فى إحياء حرفة الحصير، بعدما تراجعت لأدنى مستوياتها مع بداية القرن الحالى، مع ظهور منتجات منافسة من أبرزها الحصير البلاستيك وبعدها السجاد بمختلف أنواعه.
صعوبة التعامل مع نبات الحلف " المادة الخام لصناعة الحصير"، مع ندرة المادة الخام فى الفترة الأخيرة، كانا من ضمن العوامل التى أدت لعزوف الصناع، عن الاستمرار فيها، فالعمل مع نبات الحلف أمر غاية فى الصعوبة، و المادة الخام لم تعد متاحة على المصارف والترع كما كانت من قبل.
ورثت حرفة الحصير اليدوى عن والدى من 50 عاماً
قال محمد أحمد محمد خلف الله " صانع حصير يدوى- عضو مجلس إدارة جمعية المهن الحرفية"، عملت فى صناعة الحصير اليدوى منذ أن كنت طفلاً صغيراً قبل 50 عاماً من الآن، حيث تعلمتها وورثتها عن والدى رحمة الله عليه، ومن وقتها و أنا أجوب البلاد، بحثاً عن نبات الحلف الذى نعتمد عليه فى صناعة الحصر، لكن الحلف الذى كان منتشراً أكثر من اللازم على الترع والمصارف وبين الزراعات، لم يعد كما كان من قبل، وأصبح البحث عنه مهمة صعبة.
وتابع خلف الله، أن الحصير اليدوى كان مطلباً أساسياً فى معظم المساجد و الدواوين العائلية خلال الفترة الماضية، وتحديداً قبل عام 2000، و مع التطور ورغبة الناس فى الاستعانة بمنتجات مريحة، بدأت صناعة الحصر تعانى بشدة، لكن السياحة وانتعاشها قبل 2010 ساهم فى عودة صناعة الحصير اليدوى بقوة، حيث كان مطلباً للكثير من الكافتريات والقرى السياحية، التى مازالت تستخدم الحصير اليدوية فى تجميل الشواطىء أو الجلوس عليه فى جلسات خاصة تشبه ما يسمى بـ " القعدة العربى".
السياحة أعطت قبلة الحياة من جديد للحصير اليدوى
وأضاف خلف الله، دخول الحصير لمجال السياحة، كان لابد أن يخضع لعملية تطوير حتى يتناسب مع طبيعة الحياة المختلفة التى تتميز بها السياحة، فصناعة الحصير تخضع لخطوات مختلفة عن الحصير اليدوى العادى، حيث نهتم بالشكل الجمالى بشكل كبير، فضلاً عن بذل مزيد من الجهد لتنعيم الحصير، والاستخدام على الوجهين، وتعتبر السياحة هى التى أعطت قبلة الحياة من جديد للحصير اليدوى، بعدما كان فى طريقه للاندثار والنسيان مثل حرف أخرى كثيرة.
وأوضح خلف الله، أن الحصير اليدوى يتميز بمزايا لا توجد فى المنتجات الحديثة، ما كان يجعل آبائنا و أجدادنا يتمسكون به، ويحرصون على ضرورة وجوده فى المنزل، ففى فصل الشتاء يكون دافىء، وفى الصيف يكون بارد، فضلاً عن كونه صحى ولا يسبب أمراض عظام، كالذى تسببه المراتب الحديثة.
كلية التربية النوعية لها دور كبير فى التسويق
وأشار خلف الله، إلى أن كلية التربية النوعية بـ قنا كان لها دور كبير فى دعم حرفة الحصير اليدوى والبحث عن وسائل للتسويق، بعدما تعثر التسويق المحلى، الذى لا يتخطى 10% من جملة مبيعات الحصير فى الفترة الأخيرة، مطالباً الدولة بدور أكبر فى دعم الحرفة تسويقياً بفتح مجال للتصدير والترويج للحصير بشكله الجديد، لضمان بقاء هذه الحرفة.