سافرت إلى مملكة الحيوان، قدمت أوراق اعتمادي إلي الأسد ملك الغابة، أوفدني أناس سئموا القنص والاستعباد، علموا أن لا حرية وسلام بينهم لا يمتد إلى الحيوان، فالكل روح حتي وإن تباينت الأجساد، والكل واحد ولا انسجام مع استثناء .اجابني الملك بأنه مثلي قد يقتل حتي يقتات ، و قد يهلك بشرا خوفا من كائن لا يفهم لغته.
قلت إن بعض الكلمات ضلال و حواجز يتقاتل و يتخادع بها الإنسان، فعلمني تواصلا شفافا دون لغة باستخدام الاحساس. أذن لي الملك بالتجوال في مملكته، فرأيت شجرا و نباتا اجمل من مدن ابدعها خيال الانسان,و لكل منها معني و ارادة يدركها الاحساس,فهو صديق الكل بلا تمييز او اغفال , و هو ملك في مملكة كل مواطنيها ملوك ,و لكنه تلميذ في مدرسة الحياة,جاب بقاع الارض,فعلم بعضا من شئون البشر,و قبل ان يغادر الارض ليسبح في الفضاء فكر في صديقه الحيوان,في خبراته و دروس حياته,في سلوك و غرائز تجمعهما,مهما اختلف الاسلوب و تباينت البيئة و القدرة علي الإدراك.فها هو نوع من صغار الغزلان يصوم عن الحب ما بقي اذا قضي نحب رفيقه في وفاء قد لا يملكه انسان.
وذاك غزال رشيق و جميل فتان يقفز عشرة امتار و يعلو ثلاثة أمتار,دون سباق ,دون جوائز,دون مران,و يراعي بلطف حقوق و رغبة انثاه.و فهد يعدو اسرع من سيارة بقوة برشاقة بمرونة بعزيمة تنسينا فظاعة الافتراس.
وطائر يغرد بصوت خاص,يحذر مواطنيه في مملكة الحيوان في تضامن نادر من وحش يقترب,و يهدد كل كيان.
وجموع زرافات ترنو في اتجاه واحد ببصر شامخ ,يرصد نمرا علي بعد ميلين.و فيل ذكر هائج تشغله الذات يعترض كل طريق ويشاكس كل فريق, إذا لم يجد أنثاه. وضبع هجر الافتراس وصادق بشرا يطعمونه.
وتلك طيور اغراها هدوء سطح مياه, فباغتها تمساح, و ضفدع التهم حشرة,و ابتلعه ثعبان.و ذكور حيوان تتنافس علي اناث,و اناث تتنازع علي ذكور ,فتنهار صداقات.و اذنان فائقتان لثعلب تسترقان السمع,فيقتنص ما في بطن الارض من حشرات.و ارض لا يدوم فيها الا رتابة تبدل الفصول,فيدفع جفاف قطعان حيوانات لهجرة دون جواز او تاشيرة او عنوان.
و تلك جماعات من انثي الافيال تتشارك في حماية صغار.و جموع السنجاب تمشي سويا, تتصايح من خطر وتحمل صغارا,تدرك سريعا,تتحرك سريعا,تقفز و تعلو و تهبط كل مكان.ووعول تتناطح لعبا و تتحرك جمعا, كل في نظام.حيوانات مثلنا تبحث عن ظل و غذاء.تمرح تتعاون تتنافس تتقاتل تتعايش مثلنا في نفس الفضاء.تملأ الكون انسجاما بين خير و شر يتدافعان,جعلهما خالق واحد,و بينهما تتذبذب النفس ,و تتحارك الكائنات ,فتملأ الأرض حياة و شعورا و فكرا,هدما و بناء.كلنا جزء من واحد و دور و دورة في حياة.