الجنيه الإسترليني .. يبدو أن أوروبا ستشهد أصعب وأسوأ فترة في تاريخهاـ والتي بدأت بالفعل منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، حيث لم تسلم أوروبا من تبعات دعمها لأوكرانيا، رغم اعتمادها على الغاز الروسي، والذي اتخذته موسكو كوسيلة ضغط ضد دول القارة العجوز، وعليه ارتفعت النظرات التشاؤمية تجاه مصير الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالدول الأوروبية.
الجنيه الاسترليني يهوي أمام الدولار
شهدت أوروبا العديد من الأزمات منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية كان آخرها ما لحق بالجنيه الإسترليني الذي وصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1985، وشهد أسوأ موجة هبوط له منذ أكثر من 200 سنة، ولم تتوقف النظرات التشاؤمية عند هذا الحد بل امتدت لإحتمالية أن ينخفض الجنيه إلى ما دون مستوى الدولار الأمريكي، وهو أمر لم يحدث في تاريخ تداول العملتين الذي يزيد على 200 عام.
أزمات متتالية قد تعصف بالقارة العجوز، ففى بريطانيا أصبحت الأزمات الاقتصادية متلاحقة وفي مقدمتها أزمة طاقة التي تهدد بترك العديد من الأسر غير قادرة على دفع فواتيرها هذا الشتاء، ليس ذلك وحسب، بل من المتوقع أن يصل معدل التضخم في بريطانيا لـ 22% العام المقبل وسط ارتفاع تكاليف الطاقة.
وقف إمداد الغاز الروسي
أشعلت روسيا فتيل أزمة جديدة بدول أوروبا، بوقف إمدادات الغاز الطبيعي عبر خط "نورد ستريم 1"، لأجل غير مسمى، وأعلنت الشركة الروسية أنها لن تعيد ضخ الغاز في خط الأنابيب الذي يمر تحت مياه بحر البلطيق إلى ألمانيا، نتيجة حدوث تسرب فيه.
إعلان روسيا بوقف هذا الشريان عن أوروبا يشكل تهديدا واضحا وصريحا للطاقة فى أوروبا، خاصة أن دول القارة العجوز لا تستطيع تحمل فقدان ما يزيد على 7 ملايين برميل يومياً، الأمر الذي يؤدى إلى أزمة طاقة عالمية حادة قد تؤدي إلى دخول الاقتصاد العالمي في كساد.
ولأن روسيا استخدمت الغاز كورقة ضغط على أوروبا فإن بعض دول القارة العجوز وضعت خطة لخفض الاعتماد على الغاز الطبيعي الروسي بنسبة تصل إلى 75 %، خاصة أن أوروبا استوردت خلال العام الماضي ما يقرب من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا وبمعدلات تزيد على 132 مليار متر مكعب من الغاز.
الشتاء القارص يضرب أوروبا
أوروبا على موعد مع أزمة جديدة وشتاء قارص، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا وبريطانيا بما يتراوح بين أربعة وستة أضعاف في الأشهر الأخيرة، ومع دخول فصل الشتاء سيزيد الطلب على الغاز لسد الاحتياجات، الأمر الذى يمثل عبئا أكبر على أوروبا.
أوروبا التى تأثرت بقرارات روسيا بوقف امدادت الغاز، تحتاج إلى ملء مخزوناتها من الغاز الطبيعي التي استنفدت أكثر من نصفها في الأشهر الماضية، وبالتالي ستواجه صعوبة في توفير احتياجات فصل الشتاء، و تعيش أزمة حادة اقتصاديا وسياسيا.
أوروبا تدفع فاتورة دعم أوكرانيا
قدمت أوروبا الدعم إلى أوكرانيا فى حربها مع روسيا، ولكن هذا الدعم قوبل بفاتورة كبيرة ستدفعها أوروبا جراء وقوفها بجانب كييف، خاصة بعد تقديم التسليح لأوكرانيا وهو ما يتسبب بمضاعفة تداعيات الحرب على الأوروبيين، ففى ألمانيا خرجت احتجاجات تدين تورط برلين في تسليح كييف.
وانتقد المشاركون في مظاهرات براغ، التي فاق عدد المشاركين فيها 70 ألف، موقف الحكومة من الحرب بأوكرانيا، مشيرين إلى أنها اهتمت بالحرب أكثر من معالجة الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة.
الحرب الروسية الأوكرانية
وبدأت الحرب الروسية الأوكرانية فى 24 فبراير الماضي وعلل الرئيس الروسي دخول قواته لكييف بأن هدفه هو "نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية منها"، لحماية الذين تعرضوا لـ 8 سنوات من التنمر والإبادة الجماعية من قبل الحكومة الأوكرانية.
ومنذ بداية الحرب قام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا بتجميد أصول البنك المركزي الروسي وإبعاد البنوك الروسية الكبرى عن شبكة تحويل مدفوعات سويفت الدولية، كما حظرت الولايات المتحدة استيراد النفط والغاز الروسي، وأوقفت ألمانيا العمل بخط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الروسي، و مُنعت شركات الطيران الروسية من المجال الجوي فوق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا.