ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم، الخميس، أنه في السنوات الطويلة التي كان فيها بنيامين نتنياهو في السلطة في البلاد، وفي السلطة في حزبه، فإن الليكود كان مستعداً دون تردد للتدخل في الشئون الداخلية للأحزاب الأخرى وبقسوة من أجل ثلاثة أهداف مقدسة، وهي "الوصول إلى السلطة - والبقاء على عرش السلطة - وتحصين حكمه"، ولا يمكن أن نجد مثالاً لرئيس وزراء إسرائيلي آخر – باستثناء نتنياهو – تصرف على هذا النحو.
وقالت "هآرتس" إن هناك عددا غير قليل من الأمثلة على تدخله في أحزاب ليست ملكه، في عام 2011 في ولايته الأولى كرئيس للوزراء تسبب نتنياهو في انقسام في حزب العمل عندما قام خمسة أعضاء من كتلة العمل البرلمانية في الكنيست بقيادة وزير الجيش إيهود باراك، الذي كان على اتصال وثيق مع نتنياهو، بالانسحاب من حزبهم وأسسوا حزباً جديداً يسمى “الاستقلال”.
في الواقع أسس هذا الحزب باراك ونتنياهو في محادثات في حوض السباحة في قلعة الأخير في قيسارية، وانضم حزب الاستقلال إلى حكومة نتنياهو، وفي المقابل حصل منه على مكافأة ضخمة، أربعة من أعضاء كتلة الحزب البرلمانية الخمس كانوا وزراء في حكومته، هذا ما سمح لنتنياهو بالبقاء كرئيس للوزراء حتى نهاية فترة الكنيست الثامنة عشرة في أوائل عام 2018.
بعد أقل من عامين من تأسيس الحزب الجديد، قام إيهود باراك بحله، بعد أن تبين له أنه لا توجد فرصة لتجاوز نسبة الحسم في انتخابات الكنيست الـ19، التي أجريت في ديسمبر 2018.
أنهت الحلقة القصيرة من حزب “الاستقلال” الحياة السياسية لجميع أعضائه، باستثناء ماتان فيلنائي، الذي تمكن من الفرار إلى بكين كسفير “لإسرائيل” لدى الصين، وذلك ضمن العبارة المعروفة “الزنجي فعل ما يريد، الزنجي يستطيع الرحيل”، والتي ميزت موقف نتنياهو من هذا الحزب وأشياء أخرى كثيرة، بأنه موقف استغلالي ثم رميه.
خلال تلك الفترة، فعل نتنياهو كل ما في وسعه لتفكيك حزب كاديما، والذي كان يمثل تهديداً حقيقياً له لأنه كان يتمتع بمقعد أكبر من حزبه، الليكود (في الانتخابات التي أجريت في عام 2009، حصل كديما على 28 مقعداً، وحصل الليكود على 27 مقعداً).
في مايو 2012، اقترح نتنياهو انضمام شاؤول موفاز، رئيس الحزب المعارض، إلى الحكومة وتعيينه نائباً لرئيس الوزراء، وهو منصب مشرف لكنه فارغ تماماً، دون صلاحيات ومسئوليات.
في يوليو 2012 بعد شهرين ونصف الشهر فقط، استقال موفاز من خلال إغلاق الباب غاضباً، ووعده نتنياهو بتغيير نظام الحكم وإقرار قانون طال، الذي يتعامل مع مسألة تأجيل الخدمة العسكرية لأعضاء المدرسة الدينية والعبء المتساوي، الذي كان على وشك الانتهاء في أغسطس 2012.
كعادته لم يكن لدى نتنياهو أي نية في الوفاء بوعوده لأن الشيء الرئيسي بالنسبة له هو بقاؤه السياسي، فالقرارات التي قد تغير الواقع وسن قوانين أساسية تعتبر هامشية وغير مهمة بالنسبة له.
كتب موفاز المخدوع في كتابه “رحلتي الإسرائيلية”: “استغرق لقاؤنا في تحالف نتنياهو 70 يوماً فقط، حتى فهمت أخيراً أننا لا ننتمي إلى هناك” (ص 384).
وأضاف: “منذ إقامة موفاز القصيرة في الحكومة إلى حل حزب كديما، كان الطريق هو الأقصر، في غضون سنوات قليلة تحول كديما من حزب حاكم إلى حزب مختفي”.
وتابع: “هكذا تمكن نتنياهو من تفكيك حزبين في أقل من عامين، في هذا الصدد فهو يستحق أن يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية”.
واستطرد: “قبل حوالي عامين في عام 2020، أغرى نتنياهو بيني جانتس لتفكيك شراكته السياسية مع يائير لابيد، والانضمام إليه في حكومة خيالية وقابلة للتناوب. فور تشكيل هذه الحكومة، اتضح لجانتس أنه وقع ضحية لأعمال الخداع التي قام بها نتنياهو، مثل شاؤول موفاز، فقد اتضح أن رؤساء الأركان يمكن أن يقعوا في فخ المحتالين بسهولة، والآن يواصل نتنياهو كعادته التدخل في سلوك الأحزاب السياسية من أجل العودة إلى السلطة، وهي خطوة قد تسمح له بالهروب من تهديد المحاكم”.
وأوضح أن نتنياهو نجح في توحيد حزبين عنصريين عندما دعا رئيسيهما بنفسه – إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – إلى حصنه في قيسارية، وهو نوع بديل عن قلعة بلفور وبهذا يمنحهم نتنياهو بعداً آخر للشرعية.
وقال: “لكن هناك فرقا جوهريا بين سلوكه في الماضي وسلوكه اليوم، نتنياهو يلعب بالنار وهو منخرط في حياة حزب متطرف يقف وقادته على هامش الساحة السياسية”.
وذكر أنه قبل انتخاب بن غفير للكنيست أي قبل نحو عام تقريباً في عام 2021، كان انضمامه إلى الكنيست يُنظر إليه على أنه فكرة وهمية، وهو شخصية يمكن أن يدنس “المجتمع الإسرائيلي”، نتنياهو هو الذي نقل بن غفير من الهوامش إلى (طريق الملك) لاعتبارات غريبة وتافهة.
ولفت إلى أنه في عام واحد تحول بن غفير من متطرف بائس إلى شخصية سياسية شرعية، والآن يمكنه تعليق صورة نتنياهو على جدار غرفة جلوسه، ربما بدلاً من صورة الدكتور باروخ غولدشتاين، صورة روى عنها بن غفير نفسه بفخر غير مقنع.
وأضاف: “يعرف أعضاء حزب الليكود جيداً أنه في حال عودة نتنياهو إلى السلطة، فإنه سيجعل من بن غفير شخصية مركزية في حكومته، لكن لا أحد في هذا الحزب الذي تحول إلى دير للأصوات المكتومة يمكنه أن يقف ويصرخ”.
وأشار إلى أنه “لم يعترض أي منهم على التحالف غير المقدس بين ورثة مناحيم بيجن، يتسحاق شامير وموشيه أرنتس، وورثة مئير كهانا”.
وتابع: “لقد كنت أدرس الحركة التصحيحية (الصهيونية التصحيحية لزئيف جابوتنسكي) منذ سنوات عديدة، وتعلمت احترام هذه الحركة وقادتها وقيمها”.