أثارت تصريحات المحامية نهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جدلا واسعا، بعدما نشرت عبر صفحتها على “فيسبوك”، مقطع فيديو تتحدث فيه عن الرضاعة، حيث قالت إن القرآن الكريم لم يجبر السيدات على إرضاع أولادهن، قائلة: "في شاب سألني: إنتى يا أستاذة قلتى الأم مش ملزمة ترضع أولادها ولو رضعت تاخد أجر؟ قلت يا ابنى دا مش كلامى، دا كلام ربنا عز وجل في القرآن في سورة البقرة وفي سورة الطلاق"، واختتمت: “محدش قال الأم ما ترضعش ولادها، وأنا شخصيا رضعت ولادى الثلاثة الحمد لله، بس اللى يقول لمراته مثنى وثلاث”.
ويتساءل الكثيرون عن حكم الدين فى “هل المرأة ملزمة بإرضاع أولادها وهل على الرجل إعطاء أجرة رضاعة لزوجته؟”، ليجيب عن هذا السؤال الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء، قائلاً: “قال المولى عز وجل فى كتابه الكريم وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، فالمرأة مطالبة بإرضاع أولادها سنتين كاملة، ويسن الرضاع الكامل”.
وأوضح “مهنا”، فى تصريح خاص لـ “صدى البلد”، أنه على الزوج أن يرزق الزوجة ما يعينها من أكل وشرب ونفقة وكسوة لإرضاعها لابنه، فهذا الأمر مكلف به الزوج ولا يتوانى عنه القرآن الكريم والسنة، لأن المرأة حملت ابنها 9 أشهر وتحملت من الألم والأوجاع ما لم يتحمله أحد، ومن هنا أراد الله أن يكرمها فجعل لها أجرا على هذا الإرضاع، فهذا أمر إلهى لا يجوز لنا أن نتحدث فيه ولكن بالإقبال لأنه طالما أمر الله عز وجل بأن هناك أجرا فالزوج مطالب بهذا الأجر.
وأشار إلى أن الأب مطالب أن يعطي أجره لزوجته التى ترضع أولادهم، فهذا أمر إلهى.
حكم خدمة الزوجة لزوجها وإرضاع الأولاد
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الحكم الشرعي في خدمة الزوجة لزوجها وإرضاع الأولاد قال عنها الإمام النووي إنها سنة حسنة سارت عليها نساء المسلمين، هن يقمن تفضلا منهن بخدمة الزوج ورعاية الأطفال فهذا من الفضل، وننصح النساء أن تزيد منه.
وأضاف جمعة، خلال أحد الدروس الدينية بمسجد فاضل: “إن هذا الفضل هو سبب دخول المرأة الجنة بغض النظر عن كونه فريضة أو غير فريضة أو له أجر أو ليس له أجر”.
وتابع: “الفقهاء الأربعة أجمعوا أن خدمة المرأة في بيتها ليس واجبا عليها، ولكن هي سنة حسنة صارت عليه نساء المسلمين منذ بدء الخليقة، لذا يجب على الزوج أو الرجال عموما أن تقدم الشكر والامتنان للمرأة على ما تقدمه له ولأولاده عمليا ولفظيا وبحسن الخلق وتوفير متطلباتها كلما تيسر ذلك”.
هل تسقط قوامة الرجل عند مساعدة الزوجة في الإنفاق؟
سؤال أجاب عنه الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بفتوى مسجلة له، عبر صفحة الإفتاء المصرية على موقع "يوتيوب".
وأكد الشيخ أحمد وسام أنه لا تسقط القوامة عن الزوج، ولكن الحياة الزوجية لا تكون قائمة على حقي وحقك، فالحياة الزوجية هى مودة ورحمة، حيث يقول المولى تعالى {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
وقال إنه يجب على الرجل أن يراعى تعب زوجته ومشقتها فى خدمتها وألا يتسلط عليها بالكره، فى المقابل يجب على الزوجة أن لا تبحث بهذا الشكل عن الحقوق، فعليها أن تراعى تعب زوجها وأنه يبحث ويكد ويجتهد لكي يوفر سبل الراحة وليس النفقة الأساسية.
حقوق الزوجة على زوجها
قال الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، إن الأصل في العلاقة بين الزوجية أنها مبنية على المودة والرحمة، مشيرًا إلى قوله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)»الروم.
وأضاف الشيخ أحمد وسام، في فتوى له، ردًا على سؤال: "ما هي حقوق الزوج على زوجته؟"، أن الله تعالى قال: « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» (النساء)، مشيرًا إلى أن الله تعالى فضل الرجال على النساء في أمور، وفضل النساء على الرجال في أمور أخرى، وأن الله تعالى عقب بـ "وبما أنفقوا" ليدل على أن النفقة حق من حقوق المرأة على زوجها.
وكانت دار الإفتاء ذكرت أن النصوص الشرعية تقضي بأن لكل من الزوجين قِبل الآخر حقوقًا تجب مراعاتها والقيام بها؛ لتدوم رابطة الزوجية ولا تنفصم عراها، مؤكدة أنه من حق الزوج على زوجته: أن تطيعه فيما هو من شئون الزوجية مما ليس فيه معصية لله تعالى، أما شئونها الخاصة بها كأن يمنعها من التصرف في مالها أو يأمرها بأن تتصرف فيه على وجه خاص فلا تجب عليها طاعته فيه؛ لأنه ليس له ولاية على مالها.
وأضافت دار الإفتاء في فتوى لها، أنه من حقه عليها أن تحفظ بيته وماله وأن تحسن عشرته وأن من حقه عليها أيضًا أن يمنعها من الخروج من بيته إلا لحاجة يقضي بها العرف، ولزيارة أبويها ومحارمها.
وأوضحت أن له أيضًا أن يمنعها من إدخال أحد في بيته والمكث فيه (غير أبويها وأولادها ومحارمها فليس له منعها من إدخالهم ولكن له منعهم من المكث في البيت).
وأشارت إلى أن من حق الزوجة على زوجها أن يراعي العدل والإحسان في معاملتها وأن ينفق عليها ولو كانت غنية، منوهةً إلى أن من حقها أن يسكنها في بيت خالٍ عن أهله؛ لأنها تتضرر من مشاركة غيرها فيه وتتقيد حريتها إلا أن تختار ذلك؛ لأنها بهذا الاختيار تكون قد رضيت بانتقاص حقها.
وأردفت: “كما يجب أن يكون المسكن خاليًا عن أهله؛ يجب أيضًا أن يكون خاليًا عن أهلها ولو ولدها من غيره؛ لما ذكر من التضرر وتقييد الحرية، وأن للزوج منع أهلها من السكنى معه في بيته”.
واستطردت دار الإفتاء طبقًا لهذه النصوص: "فلا يجوز شرعًا للزوجة أن تخرج عن طاعة زوجها، وأن تتصرف في المنزل بما تشاء مما لا يرضى عنه الزوج متخذة من مساعدته في المعيشة ذريعةً لذلك"، مشيرة إلى أنه لا يجوز لها شرعًا أيضًا أن تُسكِن في منزل الزوجية أحدًا من أقاربها أيًّا كانت درجة قرابتهم بغير رضا الزوج.
واسترسلت أن إنفاق الزوجة على أقاربها؛ فإن كان الإنفاق عليهم من مالها الخاص فليس للزوج منعها منه؛ لأنها حرة في التصرف في مالها، لافتةً إلى أنه إن كان الإنفاق عليهم من مال الزوج فإنه لا يجوز لها ذلك شرعًا.