الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاتورة العام الدراسي الجديد.. الأزمة الاقتصادية ومصروفات الأولاد| ملف تفاعلي

طلاب المدارس - صورة
طلاب المدارس - صورة أرشيفية

التعليم كالماء والهواء وحقٌّ لكل إنسان.. مقولة شهيرة قالها عميد الأدب العربي طه حسين من حوالي ٧٠ عاما، وذلك خلال فترة توليه منصب وزير المعارف، لمدة عامين - وزير التربية والتعليم حاليا - وذلك عام ١٩٥٢.

والتعليم حق من حقوق الإنسان، ومحركاً قوياً للتنمية وإحدى أقوى أدوات الحد من الفقر وتحسين الصحة والمساواة بين الجنسين والسلام والاستقرار، وهو الهدف  الرابع من أهداف التنمية المستدامة.. 

ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية للضعف

مع اقتراب العام الدراسي الجديد، تزداد معاناة وأعباء الأسر المصرية، والتي تتمثل في توفير متطلبات المدرسة من زي مدرسي وأدوات مدرسية وكتب خارجية، فضلاً عن الدروس الخصوصية، والتي ارتفعت بمقدار الضعف، حيث انتشرت منشورات في شهر مارس الماضي من هذا العام ٢٠٢٢، وقام المدرسين بتبرير ذلك الارتفاع بأنه بسبب الأزمات الاقتصادية الراهنة في العالم، ولكن هذا الارتفاع  زاد من العبء على أولياء الأمور.

الدروس الخصوصية ظاهر مرضية

"سميرة" ولي أمر الطالبين يونس وأدهم - الذين يدرسون بإحدى المدارس الخاصة - قالت: "إن الدروس الخصوصية هي ظاهرة مرضية، وجميع الأهالي يعانون منها، والطلاب لا يذهبون إلى مدارسهم بانتظام، ولا يوجد أي وسيلة غير الذهاب للسناتر الدراسية التي يمكن القول إنها تحت سمع وبصر الوزارة والمسؤولين بالرغم من قولهم إن الدروس الخصوصية غير قانونية ".

مصروفات الباص والزي المدرسي

أما فيما يخص مصروفات المدرسة، أوضحت سميرة، أنها: "تترواح ما بين 15 و20 ألف، وتدفع بنظام التقسيط بالفعل وهذا أمر إيجابي، ولكن مصروفات الباص باهظة بالنسبة للوضع الحالي حيث أنني مجبرة على دفع ٨ آلاف جنيه، وهذا يصعب علي الأمر، فكل ما يهمني أمان أبنائي وتوفير وسيلة مواصلات آمنة ومريحة لهم، ولكن مع ازدياد أسعار المدارس وأيضاً ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية والتي تم رفعها بشكل مبالغ في شهر مارس ٢٠٢٢ جراء الأزمات الاقتصادية التي لحقت بالعالم وأصابت جميع القطاعات.. فضلاً عن ارتفاع سعر الزي المدرسي، حيث أني مطالبة بالالتزام بالزي المدرسي الموحد الذي يبلغ قيمته حوالي ٨٠٠ جنيه، وأنا لدي ولدين، كل منهما له زي مدرسي وكل زي يختلف سعره عن الأخر".

مصروفات باص المدرسة

مصروفات الكتب الدراسية والخارجية

وأضافت: "ذلك فضلا عن أني ملتزمة بشراء الكتب المدرسية، بالرغم من تأخر موعد نزولها على بداية الدراسة، ولكني مطالبة بدفعهم، فضلاً عن الكتب الدراسية الخارجية، حيث أن سعر الكتاب الواحد يتراوح ما بين ١٨٠ إلى ٢٠٠ جنيه، وهذا يعني أنني أدفع 20 ألف جنيه في الفصل الدراسي الواحد لابن واحد، وابني الآخر في الصف الرابع أعاني معه بسبب نفس الأزمة.. فضلاً عن أسعار الدروس الخصوصية بين السناتر والمنزل حوالى 3000 ج شهرياً لمتابعة واستيعاب مناهج الثانوية العامة.

أما عن ابني الأخر ففي الصف الرابع الابتدائي يأخذ دروس خصوصية هو الأخر بما يقارب من ١٥٠٠ جنيه شهريا، ولابد أن يأخذ دروس خصوصية حيث أن الصف الرابع يعاني من صعوبة شديدة في المناهج، والمادة العلمية تفوق قدرة الطالب في هذه الفئة العمرية، ولكن الأمر الإيجابي هنا هو القرار الذي اتخذه الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم الحالي، وهو تعديل مناهج الصف الرابع الابتدائي، فنحن على أمل أن يصب هذا القرار على مصلحة طلاب الصف الرابع الابتدائي.. ونحن جميعاً على أمل أن يتم الارتقاء بمنظومة التعليم أكثر وأكثر في ظل وجود الدكتور رضا حجازي وزيرا للتربية والتعليم".

الأعباء المالية تتزايد على ولي الأمر

من جانبه، قال أحد أولياء الأمور بالمدارس الخاصة، إنه: "لا يوجد طالب في ثانوية عامة أو في المرحلة الإعدادية أو حتى المرحلة الابتدائية لا يلجأ للدروس الخصوصية، والأعباء المالية أصبحت تتزايد على ولي الأمر حيث أنه مطالب بدفع تكاليف الالتحاق بالمدرسة، فضلاً عن مصاريف الدروس الخصوصية يومياً، لأن أغلب المعلمين لا يحضرون بشكل يومي للمدرسة، ويتجهون للدروس الخصوصية في السناتر، ولكن لكي أكون منصف فهناك من يذهب لممارسة عمله بالمدرسة كمعلم بشكل شبه منتظم".

ولي أمور بأحد المدارس التجريبية، أكد: "أن الوزارة لديها اهتمام كبير بالمدارس التجريبية في الفترة الأخيرة، من حيث المعامل والكتب وهناك تطور في اختيار المدرسين أيضا، ولكني اتجه للدروس الخصوصية لأني في مرحلة فارقة، حيث أن مصير ابنتي متوقف على مجموع معين سوف يحدد مصيرها فيما بعد، من حيث دخول الجامعة، لتلقي فرصة عمل مناسبة حيث أن متطلبات سوق العمل أصبحت مختلفة عن السابق"، موضحا: أن "ابنته لم تتلقى أي دروس خصوصية في المرحلة الإعدادية، ولكن تغيير المناهج وصعوبته تُحتم عليه أن ينفق كل ما لديه على هذه الدروس على أمل نتيجة ومجموع يسمح لأبنائه بدخول جامعة وكلية مناسبة"، مشيرا إلى أنه ينفق شهرياً على الدروس الخصوصية ما يقرب من ٨٠٠ جنيه، في ظل ضعف راتبه الشهري.

أكثر من كتاب خارجي في المادة الواحدة

كما علقت إحدى أولياء الأمور وتدعى هالة، قائلة: "لديها ٣ أبناء في مدرسة حكومية بالقناطر، وأنها ذهبت إلى المؤسسة الرسمية للكتب الخارجية لكي تقوم بشراء الكتب الدراسية الخارجية بسعر مخفض، غير السعر الذي يباع في الأسواق، وتختلف حسب كل مرحلة دراسية، حيث أن الكتاب الواحد للصفوف الإعدادية تقدر بقيمة ٦٠ أو ٧٠ جنيه، على عكس الصفوف الثانوية فإن الكتاب الواحد يقدر بقيمة ٩٠ جنيه فيما فوق ذلك".

غير أن هالة، أشارت إلى نقطة في غاية الأهمية فيما يخص الكتب الخارجية، حيث أن طالب الثانوية العامة أو الاعدادية يُطلب منه أكثر من كتاب خارجي في المادة الواحدة، وليس كتاب واحد على مدار الفصل الدراسي، حيث أن تكلفة الكتب الخارجية تستنزف الكثير، وهذا الأمر يُطبق على ابنائي الثلاثة، والطالب مُلزم بشراء أكثر من كتاب خارجي للمادة الواحدة لكي يستمر في تلقي دروسه مع المعلم الذي اختاره، وهذا الأمر يتم شهريا.

وفيما يخص الأدوات المدرسية، أضافت أن الكشكول الواحد وصل سعره إلى ٦ جنيهات، بعدما كان يقدر بقيمة ٣ جنيهات ونصف، مشيرة إلى أنه من المفترض أن تقوم بشراء عدد كبير من الكشاكيل حيث أنها لديها ثلاثة أبناء في مراحل دراسية مختلفة، الأصغر في الصف الأول الإعدادي، ولديها ابنة في الصف الثاني الثانوي، وابن في الصف الثالث الثانوي.

كما علقت على أزمة الدروس الخصوصية، وأوضحت: "أنها تعاني من ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية خاصة في الفترة الأخيرة، وتلجأ إلى السناتر حيث انها تكون بأسعار منخفضة بعض الشيء عن الدروس الخصوصية التي تكون بالمنزل، حيث أن سعر الحصة الواحدة بالسنتر تقدر بقيمة ٢٠ جنيها، أما إذا كانت بالمنزل تكون بقيمة ٢٠٠ جنيه للحصة الواحدة وهذا أمر مرهق ومكلف"، مشيرة إلى أن هناك ايضاً بعض المدرسين يقومون بإعطاء الدروس في شقة سكنية، ويمكن أن تكون الحصة بـ ٢٦ جنيها"، مبينة أن المدرسة بها مجموعات تقوية ولكن الطلاب لا يذهبون إليها ويكتفون بالدروس الخصوصية .

أما فيما يخص أسعار مصروفات المدارس الحكومية، قالت هالة إنها: "تترواح ما بين ٣٠٠ و ٥٠٠ للصفوف الاعدادية والثانوية، وأن ابنها الذي يدرس بالصف الأول الإعدادي، مصروفاته خلال العام تقدر بحوالي ٣٠٠ جنيه، أما أبنائها في الصفوف الثانوية تقدر قيمة مصروفاتهم بحوالي ٥٠٠ جنيه شاملة الكتب الدراسية، وإذا لم يتم دفع المصروفات لا يتم استلام الكتب الدراسية.. كما أن الحضور إلزامي في المدرسة، حيث أن هناك نسبة حضور، والمدرسين ايضاً إلزامي لهم الحضور".

أسوأ قرار لأولياء الأمور

بدورها، قالت إحدى أولياء الأمور والتي تدعي أية ولديها ابن في الصف الأول الإعدادي وابن في الصف الثالث الإعدادي بمحافظة أسيوط - مركز ديروط، إن "ابنائها كانوا يدرسون بمدرسة خاصة في قسم اللغات حتى وصلوا للصف السادس الابتدائي، ثم قاموا بنقلهم الى مدرسة حكومية ، وهذا يعتبر اسوء قرار قمنا باتخاذه، حيث أن هناك فروق كثيرة بين الخاص والحكومي، ليس على مستوى التعليم، لأن ما يتم تلقيه في المدارس الخاصة من مواد دراسية هو نفس ما يتلقونه في المدارس الحكومية.. ولكن يمكن القول إن حدث لهم نوع من الصعوبة في تلقي واستقبال الأمر، لأنهم من صغرهم درسوا المناهج باللغة الانجليزية، وكانوا يكتبون باللغة الانجليزية، الآن أصبحوا يعانون من كتابة الأرقام، حيث أنهم لا يقدرون على كتابتها بالعربي".

أما بالنسبة للسبب الذي جعلها أن يقوم بتحويلهم إلى مدرسة حكومية، أوضحت: "أن ذلك لأنهم كانوا في مدرسة لغات، ولكن في مركز ديروط، أو أي مراكز أو قرى عامة تختلف درجة كفاءة المعلمين بها عن المدن، فكلما كبروا لا يجدون مدرسين لغات جيدين، ولا يمتلكون المهارة، فنقوم باللجوء إلى الدروس الخصوصية ولكن بالمحافظة نفسها، وهذه تعتبر مسافة كبيرة يومياً، غير أن قيمة الحصة تكون باهظة للغاية لأنهم لغات، فتتراوح سعر الحصة الواحدة بمقدار ١٥٠ جنيها، وأحياناً إذا كانت بنظام المجموعات تكون بحوالي ٧٠ جنيها".

المدارس الخاصة

حق الرد.. لا يوجد تساهل

في هذا الأمر تواصل موقع صدى البلد، مع المستشار بدوى علام رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، وقال إنه لا يوجد أي معلم في مدرسة خاصة يعمل إلا وإذا كان معه عقد معتمد من الادارة التعليمية، وهذا بنسبة ٧٥٪ من المدرسين، وطالما المدرس متخصص ومؤهل فإنه لابد أن يكون هناك تدريب مستمر له حتى يعمل بكفاءة، مضيفا أن هناك اختبارات تقام للمعلمين المتقدمين لقسم اللغات بالتحديد، وهناك اختبار العلوم science، واختبار رياضيات math، واختبار اللغات أيضا ولا يوجد تساهل في هذا الأمر أو في اختيار المعلمين. 

وأضاف رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، أن هناك لجان وموجهين من الادارة المدرسية يتابعون باستمرار أداء المعلمين داخل الفصل، وكل مدرسة لها مدير وبها متابع لكل مادة، كما أن أولياء الأمور لا يكون مقتنعين بالمعلمين وأدائهم إلى حد كبير، والأمر أيضاً يعتمد على أداء ومتابعة الأهالي للأبناء داخل المنزل، ويمكن القول إن المدرسة تتحمل ٦٠٪؜ و الأهل يتحملوا ٤٠٪؜ للوصول بأبنائهم إلى مستوى علمي جيد، لذلك يجب أن يكون هناك متابعة مستمرة من قبل ولي الأمر.

المدارس الحكومية تسبب سوء سلوك

وبالرجوع إلى تصريحات السابقة للسيدة أية، كانت قد أشارت إلى نقطة هامة وهي أن ابنائهم تأثروا سلوكياً للأسوء ايضاً بعد انتقالهم للمدرسة الحكومية، لأن البيئة المحيطة تؤثر على الطفل مهما كانت مقدار الرقابة المنزلية، وهذا أمر يسبب لنا ضغط نفسي لأننا كما نريد أن نرتقي بمستقبل أبنائنا دراسيا، نريد أيضاً أن يرتقوا في سلوكياتهم.

ورداً على هذه النقطة تواصل موقع صدى البلد مع الدكتورة سهام حسن أخصائي نفسي وتعديل سلوك الأطفال والمراهقين، وقالت إنه مع فرق الإعداد والسلوكيات في المدارس الحكومية، ونقلهم من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية في هذا السن الصغير، يخلق نوع من الغربة، حيث أنهم دخلوا بيئة مختلفة تماما، و قاموا برؤية أشخاص مختلفين، مشيرة إلى أن هناك فرق في الأسلوب والتعامل وكثافة العدد مما يخلق في الطفل نوع من عدم الأمان في البداية، وهذه من التجارب القاسية التي يمكن أن يشعر بها أي طفل .

وأكدت الدكتورة سهام حسن، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن أي مُربي يجب عليه أن يقوم بالتهيئة النفسية للطفل في البداية وأنه سوف ينتقل من مكان لمكان، وإعطائه الثقة والأمان بأنه سوف يقدر على عمل أصدقاء جدد، والقول له إنه سوف يرى أن الجميع يحبوه، مشيرة إلى أنه يجب البعد عن الاعتراف له أنه انتقل بسبب الظروف الاقتصادية، لأن هذا سيجعل مستواه التعليمي يتدنى بشكل كبير.

واختتمت الدكتور سهام حسن، بأن الحديث مع الطفل باستمرار عن أن كل من حوله لديه أسلوب مختلف في التربية أمر مهم للغاية، ويجب على الأسرة أن تأكد على الطفل باستمرار أن عليه الحفاظ على أسلوبه وتربيته وسط أي اختلاف، وهذه رسالة له أن يحافظ على قيمه في ظل وجود سلوكيات وألفاظ سلبية ودعمه باستمرار لإظهار قوة شخصيته.

كما أشارت السيدة أية، إلى أنه لا يوجد تهاون في الغياب عن المدرسة ، ويجب أن يحضروا بانتظام، كما أنهم أحياناً يجدون أنفسهم ، خاسرين ما يقل عن ٢٠ أو ٢١ درجة في أعمال العام بسبب الغياب، غير المدرسة الخاصة كان هناك عدم اهتمام بشكل كبير على نسب الحضور .

أما عن مصاريف المدارس الخاصة، قالت السيدة أية، إنها كانت تترواح ما بين ١١ ألف جنيه في العام وهذا بمحافظة أسيوط، ثم انتقلوا إلى مدرسة أخرى خاصة بمركز ديروط وكانت أسعار المصروفات بها تقدر بحوالي ١٠٠٠ و ١٥٠٠ جنيه للطالب الواحد في العام، وكان هناك نظام تقسيط، وهناك ايضاً إخطارات من المدرسة بضرورة دفع المصاريف، ولكن مع انتقالهم للمدرسة الحكومية أصبحت المصاريف لا تزيد عن ٢٠٠ أو ٣٠٠ جنيه.

المدارس مجرد تحصيل حاصل

من جانبه، قال أستاذ محمود أحد أولياء الأمور - ولديه ٣ أبناء بمدرسة خاصة بمحافظة الجيزة - إن المدرسة تقوم بنوع من التجاوز فيما يخص نظام مجموعات التقوية، فتقوم المدرسة بإعطائها للطلاب المستجدين في المدرسة، وتقوم بعمل مقابلة لهم، وُتلزمهم بدخولها لمدة شهر كشرط أساسي لقبولهم في المدرسة، وتكون بمقابل مادي، مشيرا إلى أنهم ملزمين بشراء الزي المدرسي لأن المدرسة تلزم بوجود شعار المدرسة، ويكون سعر الزي المدرسي في حدود ٣٠٠ أو ٤٠٠ وفيما فوق.

وفيما يخص الدروس الخصوصية، قال محمود إن الجميع يعاني منها، ويمكن القول إنها عادة وغير مرتبطة بجودة الخدمة التعليمية المقدمة داخل المدرسة، فهناك مدارس دولية طلابها يلجئون للدروس الخصوصية أيضا، مضيفا أن الطلاب يقومون بحجز الدروس بداية من شهر ٧ أو ٨ قبل دخول العام الدراسي، وبالتالي يكون الطالب تلقى نصف المنهج، وتصبح المدرسة مجرد تحصيل حاصل.

الطبقة المتوسطة مهددة 

بدورها، قالت السيدة آيات، ولي أمر طالبين في الصف الرابع الابتدائي والصف الثاني الإعدادي بمدرسة خاصة بالتجمع الخامس، إنه بالنسبة لمصاريف المدرسة فنحن لم ندفع أي قسط من المصاريف حتى الآن، فالمصاريف تختلف، فالمرحلة الابتدائية تقدر بحوالي ١١ ألف جنيه في العام، والمرحلة الاعدادية تختلف أيضا في سعر المصروفات تكون فوق ١١ ألف جنيه، مشيرا إلى أن أسعار المصروفات اختلفت عن السنوات السابقة، وأصبح هناك زيادة كبيرة، مضيفة أن نظام التسديد يتم بالتقسيط، والآن دخل به بعض التعديلات، فمن قبل كان نظام التقسيط يتم على مرحلتين، الآن أصبح يتم على ٣ مراحل نظرا للوضع الاقتصادي المتأزم الراهن.

مصروفات الزي المدرسي

اقتطاع مصروفات المنزل من أجل التعليم

وتابعت أن هناك محاولات لاقتصاد المصاريف في المنزل، وذلك لتوفير سعر الباص للأبناء، وذلك عن طريق الاتفاق بيني وبين صديقاتي البنات لتولي أمر توصيل الأبناء للمدرسة ووضع جدول بيننا، مع العلم أن أسعار البنزين ارتفعت كثيرا أيضا، ولكن ذلك أوفر من اللجوء لباص المدرسة الخاص، وذلك لأن اللجوء للباص الخاص بالمدرسة أمر صعب حيث أن مصاريف الباص في المدرسة تصل إلى حوالي ٥٠٠٠ جنيه للفرد الواحد وأنا لدي اثنين نفس المدرسة، فكنت ألجأ للباصات الصغيرة الخاصة بعيدا عن باصات المدرسة، وكانت مكلفة أيضا حيث كانت سعر الفرد الواحد ٧٠٠ أو ٨٠٠ جنيه ولا يتم التفرقة حتى وإن كانوا من نفس المنزل، فكل فرد مطالب بدفع ٧٠٠ أو ٨٠٠ جنيه.

وأشارت إلى أن غلاء الأسعار أثر على وضعنا في المنزل، حيث أن ما كان يتطلب علينا توفيره أصبح علينا من الصعب توفيره، ويمكن أن يتم الاستغناء عن اقتناء بعض الأشياء، ويتم الاستغناء عن شراء بعض المنتجات لتوفير مصاريف المدرسة، وذلك رغم أننا في مستوى مادي جيد جداً ولكن غلاء الأسعار أصبح يضر بالجميع، والطبقة المتوسطة مهددة .

أما فيما يخص الدروس الخصوصية وأسعارها، قالت السيدة آيات، إنها تبحث الآن عن مدرسين لابنها الذي يدرس بالصف الرابع الابتدائي، حيث أن مادة العلوم صعبة وغير متناسبة مع هذه الفئة العمرية، والإنجليزي ايضاً صعب ويتطلب لمدرسين، وأيضاً مادة الرياضيات تفوق قدرة الطالب في هذه الفئة العمرية، أما بالنسبة لابني الذي يدرس في الصف الثاني الاعدادي، ايضاً يأخذ دروس خصوصية، ولكن في مادة اللغة الألمانية يمكنه أن يأخذ حصتين فقط لأنني قمت بتأسيسه في اللغة الألمانية، ولكن فيما يخص مادة العلوم والانجليزي والعربي ، يأخذ فيهم بانتظام ، ولا يأخذهم في السناتر بل يأخذ دروسه في المنزل، على الرغم من رخص أسعار السناتر ولكن في المنزل افضل في استقبال المعلومة.

مصروفات المدارس الخاصة

وأشارت السيدة آيات، إلى أن الدروس الخصوصية في المنزل تتم بنظام المجموعات وليس فردي ، حيث أنه إذا أخذ درس بمفرده سوف تكون تكلفة الحصة الواحدة ٢٥٠ جنيه ، على حسب المدرس ايضاً ، فهناك من يأخذ ٣٠٠ ، أما إذا كانت بنظام المجموعات فستكون المجموعة تتكون من حوالي ٦ أو ٧ أفراد فتصبح التكلفة أقل نوعاً ما ، فكل طالب يقوم بدفع ١٠٠ جنيه.

أما عن الكتب الخارجية، قالت السيدة آيات إنه من قبل كانت تدفع للكتاب الواحد ٩٠ جنيه ، الآن أصبح السعر الضعف، وأصبحت تدفع ما يقدر بقيمة ١٣٨ جنيه للكتاب الواحد والمادة الواحدة ، وأنا مطالبة بتوفير كتب جميع المواد الدراسية لابنائي الاثنين، والتي تتطلب مني مبالغ مالية كبيرة، فضلاً عن الأدوات المدرسية مثل الكشاكيل والاقلام وغيرها، فضلا عن أقساط المدرسة، لافتة إلى أنها تفكر بالعمل لتوفير حياة كريمة .

ائتلاف أولياء الأمور يكشف مافيا المدارس

داليا الحزاوي مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، ردت على كل ذلك، وأوضحت أن هناك أزمة اقتصادية عامة تجعل تلك الزيادة في غير محلها، فهناك أولياء أمور بالكاد يستطيعون تدبير مصاريف الدراسة لأبنائهم وتلك الزيادة ستؤدي إلى انهيار ولي الأمر الذي لديه أكثر من طالب في مراحل دراسية مختلفة.

المدارس الخاصة

أزمة الـ supplies  list 

وقالت الحزاوي،  في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، إن هموم أولياء الأمور تتجدد مع اقتراب بداية العام الدراسي، مضيفة: "فلم يعد الأمر يقتصر على توفير الأموال لشراء الزي المدرسي والكتب الخارجية ومصاريف المدرسة والباص، بل ظهر شيء جديد منذ سنوات يطلق عليه supplies  list  يتضمن الأدوات ومستلزمات المدارس التي يستخدمها الطلاب أثناء العام الدراسي".

وتابعت: "ويتفاجأ أولياء الأمور بارتفاع تكلفتها وأيضا غرابة الأشياء المطلوبة فيها، فهي تحتوي على أشياء من المفترض أن تتكفل بها المدرسة وليس أولياء الأمور مثل أدوات النظافة والديتول وغيرها".

وأشارت الحزاوي، إلى أن بعض المدارس تفرض على أولياء الأمور ماركات معينة تباع في مكاتب بعينها لشراء مستلزمات المدارس، ويعتبر ذلك مافيا من نوع جديد "وسبوبة" إضافية للمدارس الخاصة واتفاق ضمني بين المدرسة وهذه المكاتب، موضحة: "بالفعل تعلن بعض المكاتب عن توافر قائمة السبلايز الخاصة بكل مدرسة".

التعليم الخاص يقدم خدمة.. والخدمة لها مقابل

ومن جانبه، قال ناصر عودة صاحب إحدى المدارس الخاصة،  في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، إن النظام الجديد وشاشات العرض الحديثة والمتطورة، تتطلب وجود إعادة دراسة جدوى لتوفير حق الطالب، ولضمان حقول والتعليم الخاص ومواكبة التحديثات في العملية التعليمية، مبينا أنه في حالة عدم قدرة ولي الأمر على دفع المصروفات فهناك نظام للتسديد يتم على أكثر من مرة، ونلتزم بتطبيق أكبر قدر من الأقساط. 

اختتم ناصر عودة حديثه، بأنه كان هناك اقتراح قبل ذلك إن ولي الأمر غير المقتدر على المصاريف الدراسية يمكنه أن يأخذ قرض من البنك ويسدد، حيث أن الحالة الاقتصادية الراهنة تأثر بها الجميع وليس على مستوى مصر فقط .

سناتر الدروس الخصوصية

أسباب زيادة مصروفات المدارس الخاصة

الدكتور مندوه الحسينى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لأصحاب المدارس الخاصة، قال إن التعليم الخاص يقدم خدمة والخدمة لها مقابل، فبالتالي المصروفات تزداد، وأجور المعلمين والعمالة تزداد بهذه الزيادة، ولكن نظام التسديد يتم عن طريق الأقساط، التي يمكن أن تتم على ٣ أو ٤ أقساط ، وذلك نظراً للظروف الاقتصادية الراهنة .

كما علق على الدروس الخصوصية، وأكد الحسيني، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"،  أن الدروس الخصوصية فيروس في المجتمع كما أن ولي الأمر يتباهى بذلك، ومن الضروري أن تقنن وتخضع للضرائب، مشيرا إلى أن هناك بالمدرسة الخاصة مجموعات التقوية، وهي دائماً متوفرة خاصة بعد انتهاء الدراسة، وضروري أن تكون هناك مراقبة ومتابعة مستمرة للأهل لكي يلتزم الطالب بحضورها.

الدروس الخصوصية وتدني أجور المعلمين

تواصلت صدى البلد مع عدد من المدرسين بالمدارس الخاصة والحكومية، حول ظاهرة الدروس الخصوصية، وقال أحمد محمود، وهو مدرس بإحدى المدارس الخاصة في محافظة الجيزة، إن الأزمة الحالية هو تدنى أجور المعلمين، حيث أنه من أقل الأجور على مستوى الجمهورية، وتكون في حدود ٢٠٠٠ جنيه أي بما يعادل ١٠٠ دولار شهريا، ويمكن أن يكون المرتب اعلى من ذلك وصولا إلى ٥٠٠٠ و ٦٠٠٠ جنيه ولكن ذلك إذا كان يمتلك خبرة عالية.

وذكر محمود، أنهم يقومون بإعطاء الدروس الخصوصية وهم مجبرين لذلك، حيث أنه يمثل ضغط نفسي ويتطلب وقت إضافي بعد ساعات العمل المعتادة في المدرسة، وذلك لتوفير حياة كريمة لأسرته، ويمكن أن يكون الحل هو أن تتم زيادة أجر المعلم، أو يتيح للمعلم أن يكون له مركز خاص مثل الدكتور الذي يملك عيادة .

وبدوره، قال حسن كمال، مدرس بإحدى المدارس الحكومية، إن نسبة مرتبات المعلم ٢٥٠٠ جنبه، وهذا رقم لا يوفر حياة مناسبة لأي أسرة، وإذا زادت نسبة في المرتب تكون بنسبة مقدارها ١٠٠ جنيه.

إشكالية الحلال والحرام بالدروس الخصوصية

وأوضح كمال، إنه لا يقوم بالتدريس في السناتر لأنه يرى أن دخلها حرام شرعا، وإذا قمت بإعطاء دروس فإنه يكون بناء على طلب الطالب نفسه أو الأهل لإعطاء ابنه أو ابنته درس خاص في المنزل وذلك لتوصيل المعلومة له بشكل أكثر فقط .

فيما يخص نقطة أن دخل السناتر حرام شرعا، قال الدكتور عبد العزيز النجار أحد علماء الأزهر الشريف، إن الدروس الخصوصية هي اشكالية كبيرة تحتاج لحل جذري من المسئولين عن التعليم، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق أيضاً بأولياء الأمور وبالطالب نفسه، مبينا أن الدروس الخصوصية تحولت من دروس لرفع مستوى الطالب إلى ثقافة، وإذا لاحظنا فإن من يذهبون إلى السنتر تكون نسبة المتفوقين منهم قليلة.

وأكد النجار،  في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أنه بالنسبة للمعلم الذي يعطي الحصة حقها في المدرسة ويشرح بضمير ولا يجبر أحد على أخذ دروس في السنتر، فإنه يبحث بذلك عن عمل وهذا أمر مهم، ولكن إذا قام بالتدريس بدون إذن من الدولة، وعدم الحصول على تصريح، فهذا حرام، لأنه مخالفة لولي الأمر وضرر للأمن العام بالدولة.

سناتر الدروس الخصوصية

الدروس الخصوصية عَرض لمرض 

على الجانب الآخر، ذكر الدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج بجامعة عين شمس،  في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن الدروس الخصوصية هي عرض لمرض، والمرض هو عدم قدرة المدرسة على تقديم وجبة تعليمية مناسبة، وإذا قامت المدرسة بواجباتها التعليمية وقامت بتعليم الطلاب جميع المواد بكفاءة فلن تكون هناك دروس خصوصية وهذا يتطلب سد العجز في المعلمين، ومتابعة المدارس من خلال الآباء والمعلمين ومن خلال وزارة التربية والتعليم بحيث أن يكون هناك متابعة ميدانية مستمرة لحضور الطلاب للمدارس. 

واقترح الدكتور حسن شحاتة بأن رجال الأعمال يجب أن يتابعوا المدارس وعمل ما يقوم بتشجيع الطلاب والمعلمين، ومكافأة الطلاب والمعلمين المتميزين، وأن يكون مدير المدرسة على كفاءة عالية وذلك يعلي من قدر المدرسة.

وأضاف أنه يجب أن يتم تطبيق قانون يحرم الطلاب من حضور الامتحان إذا زادت نسبة الغياب، ويلزم الانتظام في المدارس، ويجب محاسبة أصحاب السناتر الذين يفتحون في الفترة الصباحية لأن هذا يشجع الطلاب على عدم الحضور في المدرسة وهذا يضر بالعملية التعليمية، ويجب أن يتم تطبيق قانون يجعل هناك رسوم على السناتر ويتم دفع ضريبة على ذلك.

واختتم شحاتة، بأنه يجب ألا يأتي الامتحان من الكتاب المدرسي، ويجب أن يكون الامتحان معتمد على قياس قدرات ومهارات الطالب، وإلغاء الكتب الخارجية، ولابد أن يكون هناك امتحانات مستمرة طوال العام، ويمكن ان تكون القنوات التعليمية بديل للدروس الخصوصية .

ثقافة مجتمع وتقصير ببعض المدارس

بدوره، قال الدكتور عبد الوهاب الغندور رئيس صندوق تطوير التعليم بمجلس الوزراء سابقا، إن الدروس الخصوصية لها شقين، شق له علاقة بثقافة المجتمع والتي تأخذ وقت طويل للمعالجة، وشق أخر يتعلق بالتقصير في بعض المدارس وعدم توفير المتطلبات التي يحتاجها الطالب ويجب ان يتم معالجة هذا الأمر سريعا، ووضع قوانين ومعالجة مستمرة ، وإذا تم ذلك سوف تقل نسبة الدروس الخصوصية.

وذكر الدكتور عبد الوهاب الغندور،  في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن في المدارس الدولية، يوجد ايضاً طلاب يلجأون للدروس الخصوصية ولكنها بنسبة اقل من المدارس الخاصة والحكومية، مشيرا إلى أن ذلك يتعلق بكونه ثقافة مجتمع وأن الطالب يضع مجهوده الكامل على الدرس ولا يبذل مجهود كبير في الفصل ، ويجب أن يقوم الأهل بإعطاء الأبناء مسئولية الدراسة وأنه يجب أن ينتظم في المدرسة، وأن الدرس الخصوصي خيار غير  متاح.

وأوضح الغندور، أن معاملة الدروس الخصوصية كمراكز حتى إذا كانت معتمدة لا فائدة لها، لافتا إلى أن هذا يمكن أن يساعد الدولة في أن الأموال التي تدار خارج المنظومة الرسمية تدخل داخل المنظومة الرسمية ويمكن أن يكون مفيد من الناحية الاقتصادية فقط، ولكن من الناحية التعليمية غير مفيد و يجب ان يتم التركيز على وضع كل هذه الطاقة والمجهود الذي يبذل في مراكز الدروس الخصوصية في المدرسة، وإذا تطرقنا لبدائل فالمنصات التعليمية مفيدة ولكن يجب أن يكون هناك تفاعل بين المدرس والطلاب .

سناتر الدروس الخصوصية

الدروس الخصوصية ثروات مخفية عن الدولة

وعلى الجانب الاقتصادي، قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، إن الدروس الخصوصية  تعد اقتصاد غير رسمي، ويحققون ثروات مخفية عن الدولة، فضلاً عن أنها تسبب أثر سلبي على العملية التعليمية، كما ان التعليم الموازي أصبح هو السائد، من الناحية الاقتصادية،لافتا إلى أن الدروس الخصوصية تذكرني بالإكراميات التي كانت تدفع قديماً في المرور والمصالح الحكومية لتسهيل الأمور، ولكن الدولة الآن استحدثت أنظمة جديدة وأساليب موازية مثل شركة "أمان " وخلافه ومثل هذه الأساليب، والتي تعتبر أساليب رسمية ومنظورة ويمكن تحصيل ضرائب منها ويمكن للمواطن أن يدفع مقابل للخدمة بشكل أو بآخر.

وأكد الدكتور مدحت نافع،  في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أنه من الأنسب أن يلغي قطاع التعليم فكرة المجانية تماما، وتكون قاصرة فقط على المتفوقين والتعليم الابتدائي، وتخصصت مصاريف تعليم فوق المتوسط، لتطوير التعليم الأساسي وتطوير المعلم، حيث أن إصلاح المعلم هو إصلاح المنظومة التعليمية كاملة، موضحا أن التعليم بجب أن يكون مواكب للتطور السريع حول العالم ولا يعتمد على الشهادة فقط.