الزيادة السكانية.. بالرغم من جهود الدولة نحو التنمية ومحاولات إعادة بناء الدولة المصرية على كافة الأصعدة، إلا أنه مازالت هناك عقبة كبرى تقف حائلاً بين استكمال عجلة التنمية وشعور المواطن بنتائجها ، تلك العقبة هى الزيادة السكانية.
وتمثل الزيادة السكانية قنبلة موقوتة لأنها قابلة للانفجار وإلتهام كل مساعي الدولة نحو التنمية وتحقيق الرخاء ليعيش المواطن حياة كريمة يشعر من خلالها بنواتج مساعي الدولة وجهودها.
فـ الصين مثالا عظيما، حيث تعد أسرع اقتصاد نمى خلال الثلاثين عاما الماضية بمعدل سنوى أكثر من 10%؛ لتحقق طفرة اقتصادية رهيبة، وتحولت بفضل ذلك إلى ثاني دولة حول العالم تمتلك اقتصاداً قويا.
تطببق التجربة الصينية في الإنجاب
وقامت الصين بإجراء أول تعداد سكاني لها عام 1953، وصدمت بأن تعدادها السكاني يلتهم كل مساعي التقدم بالاقتصاد، فقررت التوسع بحملات تنظيم الأسرة واستخدام وسائل منع الحمل وألزمت كل أسرة بإنجاب طفلاً واحداً.
وأصدرت الصين قراراً يفيد بأن الحكومة تتبنى الإنفاق على الطفل الأول، أما في حالة إنجاب طفلا أخر تتحمله الاسرة ، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في التزام الصينين بإنجاب طفلاً واحداً.
وتخلصت الصين من قنبلة الزيادة السكانية واستطاعت التقدم والازدهار وأصبحت أقوى ثاني دولة إقتصاديا.
الدولة المصرية قررت استلهام التجربة الصينية لعلاج أزمة الزيادة السكانية بإطلاق مبادرة طفلين لكل أسرة لتحقيق طفرات إقتصادية وتحقيق التنمية الكاملة، وذلك بحسب ما أعلن عنه الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بأن الحكومة رأت زيادة كبيرة في أعداد السكان الآن.
وأضاف مدبولي أن كل الجهود التي تقوم بها الحكومة لن نشعر بها بسبب الزيادة السكانية، ومن أجل ذلك يجب إن نتوقف كمصريين ونقول أننا محتاجين ولفترة ما أننا نقلل الزيادة دي، ولو قمنا ببرنامج بعدم تجاوز أي أسرة مصرية جديدة أو مقبلة على الزواج، إنجاب أكثر من اثنين فقط نستطيع رؤية أن الزيادة تقل، من أجل تعويض الفجوة المتراكمة.
وتابع : "تناقشنا كحكومة أطلاق موضوع تنمية الأسرة وتنفيذ تلك الفعالية اعتبارا من العام المالي الجديد الذي تم بدؤه، وهناك العديد من الخطوات نحو عمل حوافز إيجابية للمواطنين والمرأة المصرية على الأخص من أجل تشجيعها على الأخص بهذا الموضوع".
8 دول تسيطر على الزيادة السكانية
ومن جانبه، قال الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي السابق للسكان، إن مصر سجلت الربع مليون نسمة الأول بعد الـ 103 ملايين بالداخل في يوم 24 أبريل الماضي، أي خلال 61 يومًا، ليصبح عدد سكان مصر 103 ملايين و250 ألف نسمة، ثم ربع مليون نسمة ثاني يوم 22 يونيو 2022 أي خلال 59 يوم، ثم ربع مليون ثالث اليوم أي خلال 50 يومًا.
وأضاف حسن - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه وفقاً لتقرير التوقعات السكانية في العالم لعام 2022 الصادر عن الأمم المتحدة يوم 11 يوليو 2022 سيكون أكثر من نصف الزيادة المتوقعة في عدد سكان العالم حتى عام 2050 في ثمانية بلدان وهم مصر، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، الهند، نيجيريا، باكستان، الفلبين، تنزانيا.
وأشار إلى أن الدولة المصرية قد دخلت في مواجهة المشكلة السكانية منذ عام 1965 ، أي أن عمر هذه التجربة قد اقترب من 60 عاماً خضعت خلالها للمراجعة والتقييم الذى يمكننا من الإجابة على السؤال الذي يطرح نفسه وهو ماذا حققنا وإلى أي مدى قد وصلنا وماذا نحتاج حتى نحقق، وبطبيعة الحال فإن ما تحقق لا يتكافأ مع ماكنا نطمح إليه.
ولفت حسن، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد الحكم في عام 2014، وهو يضع قضية الزيادة السكانية في مصر نصب عينيه، وقد ألقى الضوء مرارا وتكرارا على ضرورة حلها، وعنده طموح كبير وهدف واضح وهو خفض معدل الزيادة السنوية إلى 400 ألف سنويا، وهو حلم كبير لو تحقق، سيساهم في حل الكثير من مشاكل مصر.
وتابع: "نحن في حاجة إلى نقطة تحول تكون فاصلة في إنقاذ مصر من خطر الزيادة السكانية وتسخير كل الإمكانيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للخروج من الدائرة المغلقة والسير نحو مستقبل أفضل والارتقاء بالحياة في شتى المجالات و اتمني أن يكون الحوار الوطني نقطة التحول المنتظرة ".
زيادة السكان وانخفاض في الموارد
من جانبه قال الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية المحلية، إن معدلات الزيادة السكانية في مصر عالية ولا تتناسب مع موارد الدولة المتاحة، خاصة في محافظات الصعيد والقرى التي تعتبر من أكثر المحافظات الإنجابية في الجمهورية، لافتا إلى أن المرأة الريفية إن لم تجد عملا تكون معدلات الإنجاب أعلى بشكل كبير، على عكس المرأة العاملة التي تكون في المدن وعواصم المحافظات.
وأضاف حسان - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن إحدى روشتات العلاج في مصر لوقف الزيادة السكانية هو محاولة توقف معدلات الزحف العمراني والتوسع أو توفير وسائل خاصة بتوفير السكن في البلاد.
وأشار إلى أن مصر قامت بحل جزء من هذه المشكلة وهي مشكلة توفير السكن، لأنه كان لدينا أزمة سكن في وقت من الأوقات وكانت لا تتناسب مع الزيادة السكانية، ولكن اليوم قامت الدولة بتوفير السكن بشكل كبير من خلال الزيادة في عدد مدن المجتمعات العمرانية بزيادة 30 مدينة جديدة وأكثر من مليون و200 ألف وحدة سكنية.
ولفت حسان، أن مصر لديها مشكلة في إدارة الموارد الخاصة بالتنمية داخل المحافظات، بمعني أن الإدارات الخاصة بالمحافظات لا تتجاوز 13 مليار جنيه في حين أن الدعم الموجه للمحافظات حوالي 150 مليار جنيه، بالتالي عوائد المحافظات لا تكفي لإعطائها موازنة كبيرة.
وتابع: "لذلك نحن نحتاج لعمل تعظيم لموارد المحافظات بمعنى أن كل محافظة تستطيع عمل مشاريعها التي تأتي بالعائد الخاص بها حتى لا تتكلف الدولة دعما كبيرا للمحافظات من ميزانيتها، وبالتالي نستطيع توفير فرص عمل بشكل كبير، ومبادرة حياة كريمة تحل جزءا كبيرا من هذه المشكلة".
وأوضح خبير التنمية المحلية، أنه لا بد أن يكون هناك توعية بشكل كبير وتشجيع للمرأة الريفية بشكل كبير للعمل وعمل مشاريع خاصة للمرأة داخل الريف حتى نستطيع تقليل نسب الزيادة السكانية.
750 نسمة في 170 يوما فقط
وكانت قد رصدت الساعة السكانية في مصر مؤخرا وصول عدد السكان لأكثر من 103 مليون و750 ألف نسمة، لتكون الزيادة السكانية في آخر 170 يوما هي 750 ألف نسمة.
وتعد القضية السكانية مهمة للغاية في مصر، فبعد قرابة 80 عاما أي في عام 2100 إذا استمرت الزيادة السكانية بهذا المعدل، فمن المتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى حوالي 200 مليون نسمة.
ومن المتوقع أيضا، في تلك الفترة أن تصل حصة الفرد من المياه إلى أقل من 300 متر مكعب تقريبا في السنة وهو الحد الذي يعرف بالندرة المائية.