الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مريم العذراء

نهال علام
نهال علام

مثقلة.. أنا بما يحدُث في هذا العالم من أمور لا تلقى على قاطنيه إلا الهموم، مُتعبة.. بالبحث عن بقعة نور عندها تتحطم كُل الشرور، أعانى كغيرى من ابتلاء هذا الزمن وهو اعتلاء المعرفة سُدة الحياة!
قال أجدادي أن العلم نور، ولكن أي نور! أليس ذلك النور من يجذب الفراشات في حبور ثم يحرقها بكل سرور!

ما لي على الظلام صبراً، ولكن شدة سطوع النور  تعادله في الأمر رهقاً، تجعلك ترى ما يتجاوز قدراتك المحدودة فتتطلع على تفاصيل تظل لعقلك صعبة وتفسيراتها صلدة، زخم المعلومات الذى تعج به أيامنا ألقى ظلالاً سخيفة على حياتنا، فطقوس المعرفة قديماً لم تتجاوز الجريدة ونشرة التلفاز الوحيدة وإن كنت رجلاً فأنت تتمتع بميزة جديدة وحصرية وهى مجالس القهوة بعد العصرية، ولكن سيبدأ اللقاء (بشفت اللى جرى) وفى آخره لن تتذكر أي مما جرى.

 

الحرب الروسية الأوكرانية، مشارف المناوشات الصينية التايوانية، بواقى الوباء الذى يأبى أن يصبح نسياً منسياً، تضخم اقتصادى غير مسبوق في العالم أجمع، حرائق الغابات وسيول وفيضانات كلها بداية لحكايات التغيير المُناخي الذي بدأ بهذا القدر الفج من التداعيات.

وفيما لا يزيد عن الحروف المعدودة علمت أن الصين بها موجة جفاف غير معهودة، مما كان له أثر في أن يعاني قرابة الستة ملايين العطش، وماتت المزروعات ما ينذر بأزمة في تجارة المحصولات لتعانى سلة غذاء العالم من نقص حاد في حصيلة المنتجات، أما القارة الأوروبية فهى تنتظر شتاء شديد الأهمية حيث أن المسؤولين في العاصمة البريطانية حذروا المواطنين من قسوة الأيام الشتوية حتى أنهم يخشوا أن يضطر المواطن الاختيار بين الغذاء والتدفئة، ياله من قرار!

 

يا الله.. ألا يوجد في هذا العالم سلام أشتاق لخبر يحملني لعوالم المحبة باستسلام، فالنفس تهفو لما تشبهها والروح ترنو لما يضاهيها، وقد جثم الاقتصاد والسياسة والصراع والمناخ على أنفاس العالم حتى كاد أن يخنقني فأين المفر!

وبينما تملكني اليأس إذا بالقدر يمنحنى بعض البأس، لمحت بعض النور الخاطف بين سطور الواقع الزائف، أنها ذكرى البتول التى رسمت في جنبات الكون الطُهر والسكون، مريم التى اصطفاها الله دون نساء الأرض، "إذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ".

 

السلام عليكى سيدتى يا أم المسيح، السلام والرحمة علي ولدك يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً، أبعث السلام لأرواحكم الطاهرة من أرض فقدت كل معانى السلام ولم يبقى عليها غير ترانيم السلوى التى تصعب النسيان.


يا سيدتى هل تذكريني لقد زرتيني يوماً في أحلامى، ولكنى كنت صغيرة فلم استوعب تلك الرمزية الكبيرة، سألتينى أمراً ولكن ياويلتى لم أستجب، فهل أنتِ منى غاضبة! وإن كان قلبك لا يعرف تلك المشاعر الصاخبة، فأنتِ الصبورة الصامدة، فلقد جبلتى على المحبة يا سيدة نساء العالمين، أيتها المختارة من رب الأجمعين، أنا على ثقة أنك تعلمين أنني لم أمتثل لأمرك من باب تهاون المحبين وليس تغافل المغرضين، فهل تسامحيني!

فكل ليلة منذ تلك الليلة وأنا انتظرك بجوار النخلة التى رأيتك عندها ولكن لم تعد تساقط رطباً جنياً، يا من كانت ولادتك ملهمة وحياتك معجزة ورحيلك فجيعة للمحبين،  احترت في أمرك سيدتى فكيف جمعت محبتك قلوب باعد الله بينها كبعد المشرق والمغرب، فيكون سؤالى كسؤال زكريا  أنى لكى هذا؟ فتتخلخل كلماتك قلبى" هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب"، ياالله الأمر كله لك، المنح بيدك والمنع بأمرك وأنا أمتك  بين جناحى رحمتك وكلتك أمرى.

سيدتى أستحلفك بالخالق العظيم أن تحدثيني هل تبرأ الآلام، وتذهب الندوب التى تحملناها بفضل الأحلام! الدموع والفقد والحنين وتداعى ذكريات خيانة الجميل هل  يوماً سننساها، أعلم جوابك إنها كما قال ربك "هو على هين"، ولكن المرء بحاجة لقلب لين. 
يا ابنة عمران لقد انتصرتى لنساء العالم أجمع، عندما نذرت والدتك القديسة حنة التى تلمست فيك رائحة الجنة مافي بطنها لله ولم تكن تعلم أنكِ فتاة، "إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم" وعندما وضعت حملها ناجت ربها "رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى " ، ولكن بإيمانك وقدسيتك اثبتى أن الذكر كالأنثى وكلنا في رحاب رضا الله قلوب ليس لها جنس ولا لون ولا يميزنا الله إلا بالتقوى، هى تلك النطفة التى تربطنا بالله وتلك هى النقطة التى تقربنا منه، القلب صالح أم طالح ليقبله الله في رحابه الواسع.  

اتعلمين كم مرة تمنيت أمنيتك "ليتنى مت قبل هذا"، إنها الحياة يا سيدتى تلك العصية صاحبة البطش القوية، فأين أنا من إيمانك ولكن ها أنتِ يا من اصطفاك الله زهدتيها وتمنيت لو تركتيها فما أمر باقى العباد وهم زمرة من الضعفاء! ادعى من أجلنا، أن يثبت الله أقدامنا ونتقبل تلك الدار الفانية بكل أوجاعها البالية!

يا صديقة.. طال شوقي إليك، سامحينى وأعفى عنى وفي أحلامى لاتنسيني انتظر أن تزورينى، لقد كنت دون مسؤولية رؤياك، ولكنك تعلمين أن حبى لك يقين، واليوم أنا على مفارق الطريق وكلما مر العمر إذا به يضيق، أرجو أن تصلك شموعي التى أوقدتها في كل كنيسة زرتها لألقى عليكِ فيها ترانيم السلام وأرتل طقوس المحبة.

يا أيقونة الإنسانية كل التحية لروحك الطاهرة النقية، صلى رجاء من أجل الإنسانية "الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَفي النَّاسِ الْمَسَرَّةُ"، فإذا دقت أجراس المحبة ستنشغل الأيادى عن قرع طبول الحرب.

يا إلهى اربط على قلوبنا بمدد من الصبر والحكمة وأجعل لنا من كل ضيق مخرجا، وإذ لم يكن بين صحائف أعمالنا ما يشفع لنا فأنت تعلم ما بأنفسنا فلم نجنح إلا للمحبة ولن نجمح إلا في دروب السلام، ولتكن آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين واجعلنا يا الله في مراتب الشهداء والصديقين بعفوك وقدرتك فلا تكلنا إلى أنفسنا ولنكن من المبشرين الذين ذكرتهم في كتابك الحكيم ، "دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "، سلام لكل من تاقت نفسه للسلام.