قال الشيخ صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، إنّ القلب محل الرحمة والرأفة، والقسوة مرض يعتري العبد بتكبر صاحبه وعدم تقبله للموعظة وعدم اكتراثه بفعل المعصية؛ فمرض قسوة القلب من أخطر الأمراض العصرية التي أصابت المجتمع، والسبب في ذلك استسهال بعضنا المعاصى والتجرؤ على اللَّه وظلم العباد.
وتابع: الكثير من الناس يعتقد بأن القلب مجرد عضو يضخ الدم إلى مختلف أعضاء الجسم، ولكن بالتأكيد للقلب وظائف أخرى أهم من ذلك بكثير؛ فهو محل الرّحمة والرأفة والرِّقة واللين والمحبة، أو القسوة والفظاظة والغلظة والكراهية والحقد.
وأضاف «صفوت عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّ القسوة تُعرف بأنها الشدة والصلابة في كل شيء، ومن المعلوم أنَّ العلاقة بين القلب والعقل وطيدة ومباشرة، فإذا صح القلب صح العقل، ويؤكد ذلك ما ورد في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول: «..ألا وإنَّ في الجسد مضغةً، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» [البخاري ومسلم]، ففي هذا الحديث ذكر النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كلمةً جامعةً، وهي أنَّ أساس صلاح الجسد وفساده مبني على صلاح القلب وفساده؛ فإذا صلح القلب صلحت إرادته، وصلحت جميع الجوارح، وانبعثت إلى طاعة اللَّه، وإذا فسد القلب فسدت إرادته، ففسدت جميع الجوارح، وانبعثت في معاصي اللَّه عزَّ وجلَّ، والصفة الأصيلة في النّفس البشرية هى الرّحمة؛ ومع ذلك قد يعترى القلب مرض القسوة فيتكبر صاحبه ولا يتقبل موعظة ولا يكترث لفعل معصية.
وأشار «صفوت عمارة» إلى أنَّ الرحمة عاطفة طبيعيةٌ لا تحتاج لمبرّر لوجودها، ويكفيها أنها صفة من صفات اللَّه سبحانه وتعالى، وخلق الأنبياء والمرسلين، وسمة الأولياء والصالحين، ولقد سمّى اللَّه تعالى نفسه بصفتين تدلّان على صفة الرّحمة، وهما الرحمن والرحيم، قال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام :54]؛ فهو رحمن الدنيا، ورحيم الآخرة، وقد تنمو الرحمة وتقوى لأسباب خارجية، وفي المقابل قد تضعف وقد تنعدم وقد تنقلب إلى قسوةٍ فتكون شعور طارئٌ وظاهرةٌ مرضية تدلّ على وجود خللٍ في حياة الإنسان.