قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه علينا أن نبدأ غدًا في بناء الْعَالِم الواعي بأمر عصره، المحب لبلده وَمِصْرِهِ، الذي ينفع البلاد والعباد.
يضيع العلم بين الأعداء والأدعياء
وتابع علي جمعة خلال خطبة الجمعة بعنوان"يضيع العلم بين الأعداء والأدعياء": عباد الله، يروي ابن حبان في «صحيحه»، عن سيدنا رسول الله ﷺ، وهو يحدثنا عن الْحِكَمِ الواردة عن الأنبياء السابقين، في حديث طويل، يُبَيِّن لنا تلك الحكم؛ حتى نعرف سنة الله في كونه، ونسير عليها، ونعلم أن أمتنا إنما هي أمة واحدة، من لدن آدم، وإلى خاتم المرسلين، وإلى يوم الدين، تحب ربها، وتؤمن بنبيها، ونؤمن نحن بالأنبياء من قبل نبينا ﷺ {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].
وأوضح علي جمعة أنه علينا أن نقتدي بهداهم، يروي عن حكمة آل داود، فيقول: «أن يكون المؤمن مدركًا لشانه، عالمًا بزمانه»، لافتا إلى أن من صفات المؤمن عبر العصور، ومراد الله منه في هذه الأكوان، أن يدرك شأنه، يثق في نفسه، بعد أن يثق بالله سبحانه وتعالى، يحترم الآخرين، يعي ما الذي حوله، من تلك العوالم، ما عصرنا، وما الذي يجري فيه؟ وكيف نتعامل معه؟
وأكمل: كلمات قليلات، لكنها تُبَيِّنُ برنامجًا عمليًّا للبناء، أن يكون المؤمن مدركًا لشانه، يعني لشأنه، عالمًا بزمانه، وكأن العزلة عن العصر، ليست هي من تمام الإيمان، وكأن الغفلة عن عناصر هذا الكون، ليست هي مما أراده الرحمن، بل أراد الله منا أن ندرك أنفسنا على حقيقتها، وبإمكاناتنا، وأن ندرك عصرنا، الذي نعيش فيه، بخصائصه، وما حدث فيه؛ حتى نستطيع العمل، وحتى نستطيع السير في طريق الله سبحانه وتعالى.
وأشار علي جمعة إلى أن هذا العصر له سمات، علامات، وهذه العلامات، والسمات، منها: أن النخبة قد ذابت في عصرنا، في مصرنا، وهكذا يخبر سيدنا ﷺ، من أن الله لا ينزع العلم انتزاعًا، وإنما ينزعه بقبض العلماء، فإذا مات العلماء، تَصَدَّر رؤساء جهال، يقولون ما لا يعرفون، ويهرفون بما لا يدركون، ويضلون من غير ما يعلمون، يظن بعض الناس أن هذه حالة قدرية، والأمر ليس كذلك؛ لأننا أهل تكليف، «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم مَنْ خالفهم إلى يوم القيامة»؛ لأننا كُلفنا بالعلم، وكُلفنا بإزالة الجهالة؛ ولذلك يجب علينا أن ندرك أن العلماء في مصرنا في تناقص، وأنه يجب علينا، أن ننشئ هؤلاء العلماء إنشاءً، وأن نحافظ على العلم حفاظنا على حياتنا، وأن نعود مرة أخرى من أجل أن ندخل العصر متوكلين على الله سبحانه وتعالى، ونستدرك ما فاتنا من زمان.