مسيرة أدبية طويلة عاشتها الكاتبة والروائية هالة البدري، خلال حياتها، فهي تنتمي إلى جيل السبعينات، وتدور كتاباتها حول الهم الإنساني والعربي.
عملت مراسلة لمجلتي "روز اليوسف" ومجلة “ الإذاعة و التليفزيون” حتى وصلت إلى رئيس تحرير و رئيس مجلس إدارة المجلة و"صباح الخير" في بغداد في الفترة من 1975 إلي 1980 وهو الزمن الذي شهد تحولات كبرى داخل المنطقة العربية.
كان هذا الحوار الذي تحدثت فيه هالة البدري، عن رؤيتها لدور وزارة الثقافة خلال الفترة المقبلة، وكذلك قدمت رؤيتها حول واقع الثقافة خلال الوقت الحالي والدور الثقافي الذي ربما خفت قليلًا أمام التغيرات التي أصابت المجتمع ككل.
في البداية أود أن أعرف.. ما الذي يحتاجه الواقع الثقافي خلال الفترة المقبلة، وما هي أبرز الملفات التي يجب أن تتابعها وزيرة الثقافة الجديدة الدكتورة نيفين الكيلاني؟
أرى أنه يجب إنفاق الأموال على المجال الثقافي، في المقام الأول، وأنا أعتبر أهم هيئة في الثقافة هي هيئة قصور الثقافة، إذ يجب ترجمة الميزانية الموضوعة لتلك الهيئة إلى نشاط ثقافي، وليس لمرتبات يتلقاها موظفون، لأن هذه المرتبات ليست هي الهدف، من وجود هيئة مثل قصور الثقافة، فمن المفترض أن تذهب الأموال لأنشطة الهيئة، وأن توصل أنواع الفنون المختلفة والثقافة العامة للمواطنيين، والقرى، والنجوع؛ وبذلك يكون الطفل اثناء نموه من البداية وحتى تخرجه من الجامعة قد تم توعيته ورعايته على المستوى الإنساني والثقافي والفكري عم طريق امداده و تثقيفه بالأنشطة الثقافية المختلفة و الفنون من ادب و موسيقى و مسرح و غيره من الانشطة الثقافية التي تنمي الوعي عن طريق الرواد والخبراء في الثقافة والموجودين داخل وزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة، فنحن لا نريد ثقافة المهرجانات لأننا بلد نامية، ونحتاج ثقافة لتنمية هذا المجتمع.
كيف رأيت هالة البدري أغلفة نجيب محفوظ الأخيرة.. هل أعجبتك؟
الحقيقة كان ينبغي أن تتواجد تجارب سابقة على غلافين مثلًا، فنحن ينقصنا دائمًا الإحصاء؛ بمعنى أن كل عمل يتم تصميمه يجب أن تسبقه استطلاعات رأي، تكون مبنية على معرفة معلوماتية، فنحن لا نعرف ما إذا كانت الأغلفة قد أعجبت العديد من الشباب فعلًا أم لا. ونحن أيضًا بدون استطلاع لرأيهم لا نعرف ما إذا كانت دار النشر قد عرضت تلك الأغلفة على شباب متعلم أم لا، ونحن لا نملك أية بيانات إلا لدور نشر قليلة فالقليل من دور النشر هي التي تقوم بعمل استطلاعات رأي، ونحن لانملك أي ربط بين الثقافة والإعلام، وهذه من الأشياء الهامة التي نحتاجها بشكل قوي خلال الفترة المقبلة.
ماذا تقصدين بفكرة الربط بين الثقافة والإعلام؟
ما أقصده أنه لا يوجد اتصال واضح بين الثقافة والإعلام، اي ان الاعلام لا ينشر النشاط الثقافي على الناس و الاعلام منوط به نشر الافكار على الناس في الاساس ولا يمكن ان نقصر الثقافة على من يحضر العروض الثقافية و الفنيه وحدها فالاعلام دوره تحويل هذه العروض إلى عروض عامة إلى كل الناس تصل الى النجوع و القرى و جميع التجمعات المختلفة في المجتمع فإذا قمنا بتقديم نشاط ثقافي فالإعلام هنا لا يتحدث عن الموضوع، وأنا اتساءل هناك الكثيرون يتحدثون دائمًا عن الإسفاف في الأغاني.. لكن السؤال هو "هل قمت أنا كإعلام بتقديم شيء آخر؟" الإجابة هي "لا" فمنذ زمن كان بالإذاعة من يكتشفون الأصوات الجديدة وإذا لم يتم اعتماد المطرب في الإذاعة كان يضطر للعمل في الموالد والأفراح، لكن ما يحدث حاليًا أننا لا نعتمد أحد من الموهوبين، ولا نقدم مستوى جيد سواء ألحان أو كلمات أو أغاني تليق بمصر؛ فكيف سنرقتي بذوق الشباب بدون التعاون بين الإعلام والثقافة وهذا ما قصدته.
لننتقل لسؤال آخر.. كيف شاهدتي حادثة طعن الكاتب سلمان رشدي؟
أنا دائمًا مع حرية الكاتب تمامًا، وحريته في العقيدة والتفكير، والتعبير فإذا اختلفت معه أختلف من خلال محاورته، وتفنيد رأيي المختلف عنه، ولكن لا أقتله، فما حدث مثلًا مع نجيب محفوظ هو أن شخص لم يقرأ الرواية وأخبروه أن نجيب "كافر" وكتب رواية وقد أعطوه خمسون جنيهًا فطعن نجيب محفوظ، ولكن الله قد كتب له عمرًا جديدًا، وسلمان رشدي حدث له ذلك أيضًا فرواية أيات شيطانية، ما جاء فيها هو كلام موجود داخل مؤلفات العديد من الكتاب منذ زمن بعيد، ولكن تم مهاجمة رواية سلمان لأنه قد تم توصيل الرسالة بشكل استفزازي لمجموعة من الجهلة، وقد أدى الأمر إلى استباحة دماءه؛ لذلك يجب أن يكون هناك وعي كاف للتفكير والرد بمعلومات. وسلمان رشدي هو كاتب كبير جدًا على عكس ماروج له البعض في السنوات الماضية، بأنه كاتب ضعيف وأنه امتلك الشهرة بسبب كتاباته فهو حر في رأيه، ونحن لم نصل إلي أي شيء في تطور البشرية بدون التفكير والعقل فجميع المفكرين المختلفين على مدار العصور الطويلة، قد تعرضوا للاعدام او الحرق من متطرفين افراد او هيئات مثل محاكم التفتيش او احيانا بامر من الكنيسة يتم اعدام المفكر لانه كفر مثل جالليو او غيره الذين تعرضوا للقتل و النفي بسبب أنه وصل إلى نتيجة علمية لا يقبلها عقل الناس في هذه الفترة مثل أن الأرض كروية او أن الأرض تدور حول الشمس مثل هذه الافكار كانت افكارا مرفوضة لأنها ضد العقيدة أو تفسير الدين الذي يؤمن به هولاء الأشخاص في فترة زمنية معينة وفي التاريخ قبل الإسلام كان العالم كله عندما يفسر أي مفكر العلاقة بين الجسد و الروح عند السيد المسيح كان يتم قتله و المسائل أن شخص قد فكر بشكل مختلف عن السائد لأن كل خروج عن النص يقابل بالرفض؛ وفي نهاية الأمر أرى أن ما حدث مع سلمان رشدي جريمة.
أخيرًا.. ماذا عن أعمالك الأدبية؟
صدرت لي ثلاثة أعمال أدبية مؤخرًا بسبب فترة كورونا التي عطلت النشر ومنهم "مدارات البراءة "؛ وهي مجموعة قصصية سيرية تتحدث عن مراحل العمر، وكذلك "طي الألم" و"وادي الكوم"، والتي تتحدث عن مراحل تطور الإنسان في التفكير وخلق الكون.