احتفلتالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الاثنين، بتذكار إصعاد جسد السيدة العذراء مريم، وهو العيد الذى يسبقه فترة من الصوم تبلغ 15 يوما، حيث أقيمت القداسات في مختلف الكنائس بمصر وبلاد المهجر.
وتشهد الليلة الأخيرة من صوم السيدة العذراء والتى تسبق عيدها اقامة الاحتفالات في كل الكنائس حتى الصباح، مع ترديد التسابيح والتماجيد الخاصة بهذه المناسبة، مع عمل دورة لأيقونةالسيدة العذراءبحضور المحتفلين والأباء الأساقفة والكهنة والشمامسة، وسط أجواء من الفرحة ومشاركة مختلف الأعمار.
واعتادت الكنائس خلال مدة الصوم تنظيم نهضات روحية يتم خلالها تقديم الترانيم والألحان إلى جانب إقامة القداسات اليومية خلال فترة الصوم، بمشاركة فرق الكورال والترانيم وتنظيم العديد من الأنشطة الروحية.
ويتميز صوم السيدة العذراء بانقطاع الأقباط خلاله عن تناول اللحوم أو أي منتجات حيوانية وداجنية مع الاكتفاء بتناول الأسماك والمنتجات النباتية، وخلال الليلة الأخيرة من الصوم تشهد الكنائس إقامة ما يسمى بالدورة أو "الزفة" والتي تشهد خروج الشمامسة حاملين أيقونة كبيرة للسيدة العذراء وأمامهم أطفال يلبسون ملابس الشمامسة البيضاء ابتهاجا بهذه المناسبة وكعادة سنوية تدخل الفرحة والبهجة في قلوب الجميع.
وتبدأ قصة «عيد السيدة العذراء» حسب ما يروى نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، عند الآباء الرسل تلاميذ السيد المسيح، بعد نياحتها في الحادي والعشرين من طوبة، إذ لم يكُن «توما الرسول» يومئذ حاضرًا بينهم، لٰكنه في عودته من «الهند» شاهد الملائكة حاملين جسد «السيدة العذراء» إلى السماء؛ فبعد رجوعه سأل بقية الرسل عنها فأخبروه بنياحتها، فطلب أن يُروه قبرها؛ فلما ذهبوا لم يجدوا جسدها المبارك! فقص عليهم ما رآه .
ويتابع نيافة الأنبا إرميا قائلا، فما كان من الرسل إلا أن قدموا صومًا لله، بدأ «الأول من مسرى» السابع من أغسطس، من أجل أن يسمح لهم برؤية ذٰلك المشهد المهيب ويتباركوا من جسدها، وظلوا صائمين إلى أن حقق الله رغبتهم في السادس عشَر من مسرى الموافق 22 أغسطس؛ فبات عيدًا للسيدة العذراء.
وحياة "السيدة العذراء" لم تكُن سهلة، بل امتلأت بصعاب وضيقات: ففي سن الثالثة تركت أسرتها لتخدم في الهيكل، وحين أكملت الثانية عشرة تركته لتذهب مع الشيخ الوقور "يوسف النجار" الذي اختارته السماء ليعتنى بها، ثم ولدت طفلها في مذود للبقر! ثم بدأت حرب «هـيرودُس الملك» على ابنها خوفا على ملكه؛ فهربت إلى «مِصر» في رحلة شاقة ممتلئة بالأخطار والأتعاب.
أما أشد الضيقات التي كانت سيفًا يجوز في أعماقها، فكانت رؤيتها ابنهـا الوحيد وهو يتعرض لأشد الإهانات والآلامات على «الصليب» ويموت. بل لم تتوقف قساوة «اليهود» حتى بعد نياحتها، فقد حاول أحدهم التعدى على نعشها!! فانفصلت ذراعاه عن جسده، وبصلوات الآباء الرسل عادتا سليمتين بعد أن ندِم الرجل بدُموع.
وتتبوأ السيدة العذراء مريم مكانة عظيمة في قلوب المسلمين ونفوسهم، ولها شرف عظيم ودرجة عالية في دينهم ، ولم يتحدث عنها القرآن الكريم والسنة النبوية إلا بكل احترام وتكريم فهي المرأة العظيمة التي اصطفاها الله قبل أن يخلقها لتخدم بيت الله وتلد بمعجزة إلهية يقول تعالى متحدثا عن مريم البتول: (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اْصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاْصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينْ )آل عمران 42.
ومن مكانة السيدة العذراء مريم لدى المسلمين أن الله ذكرها كثيرًا في القرآن الكريم إذ ذكرها باسمها الصريح أربعا وثلاثين مرة، دون أن يذكر غيرها من النساء باسمها الصريح، بل سمى القرآن الكريم سورة من سوره باسمها وهي المرأة الوحيدة التي سميت باسمها سورة في القرآن الكريم، وهذا دال على عظم مكانتها.