شهد العالم مؤخرا العديد من الأوضاع المضطربة بسبب التداعيات السلبية التي تخلفها التغيرات المناخية ، كان من بين هذه الإضرابات ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة خاصة في فصل الصيف، وجود فيضانات في العديد من دول العالم، انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء الى درجة الشتاء القارس، فضلا عن حرائق الغابات.
ولكن ما اثار حفيظة الكثير هو ظاهرة يمكنها ان تؤدي الى هلاك البشرية وهي جفاف الأنهار حيث انها العمود الفقري لأي دولة في العالم وعلى ضفافه تكونت حضارات ونهضت أمم، وهو ما عكس حجم المأساة بدرجة كبيرة وهذا ينذر بكارثة إنسانية خلال السنوات المقبلة، خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن استمرار أزمة الجفاف العالمية.
التغير المناخي يضرب أنهار أوروبا واسيا
ظاهرة جفاف الأنهار غير مرتبطة بدولة معينة بل اصبح العديد من الدول مهددين بذلك ، حيث ضرب الجفاف قلب أوروبا، متسببا في انخفاض مستويات أنهار كبرى مثل نهر الراين اكبر الأنهار الواقعة في المانيا إلى مستويات قياسية. فضلا عن توقف بشكل شبه تام في جريان نهر لوار الذي يمر في الأراضي الفرنسية . كما جف المصدر والمنبع لمجرى نهر التايمز و الذي يعتبر من أشهر الأنهار في العالم والموجود في إنجلترا، فضلا عن انحسار مياه نهر الفرات وانخفاض منسوب المياه 7 أمتار، وأعلنت السلطات العراقية، أن البلاد تعاني من أزمة مياه تتفاقم يومًا بعد يوم.
والتهديدات والتحديات التي تواجه قارة افريقيا فقد القت ظاهرة التغير المناخي بظلالها سلبا على جميع دول العالم ، ولكن فيما يخص ظاهرة جفاف الأنهار وخاصة في القارة السمراء , فقد كشفت دراسة أجرتها كلية دارتموث الأميركية، أنه على الرغم من التوقعات بزيادة الأمطار في منابع النيل، إلا إن الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة قد تزيد السنوات الحارة والجافة، ما قد يؤثر في إمدادات المياه والغذاء لمئات الملايين من الناس في منطقة أعالي النيل خلال العقود المقبلة.
فما مصير الأنهار في قارة افريقيا من الاثار السلبية للتغيرات المناخية ؟ وما التحديات التي تواجه القارة الافريقية ؟ وماهي سيناريوهات الأكثر تشاؤماً ؟ وما هي الجهود المبذولة لمواجهة تلك الازمة؟
في هذا الصدد قال الدكتور مجدي علام ، مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين اتحاد خبراء البيئة العرب، إن كل الكرة الأرضية معرضة الان لان يحدث بها كوارث مناخية مشيراً الى انه لأول مرة نظم الإنذار المبكر لا تستطيع ان تلحق بـ الكوارث المناخية التي تحدث في مناطق عكس ما نتصور ، على سبيل المثال كان من المتوقع ان يحدث في شبه الجزيرة العربية جفاف وتصحر وما حدث كان عكس ذلك تماماً هو سيول وفيضانات وهو ما فاق التوقعات ، وبالتالي ما نشاهده هو تغير مناخي ونامل ان لا يحدث انقلاب مناخي .
ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط
كما اكد علام في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن مستوى مياه البحر المتوسط بدا ان يرتفع وبذات المياه تغزو شمال الدلتا وهذا ما يثير المخاوف .
واكد علام إنه يجب ان تتعاون جميع الدول الافريقية من اثيوبيا جنوبا الى مصر شمالا ، في تبادل المنافع وتجنب الكوارث.
وبدوره اكد الدكتور علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء التابع للأمم المتحدة، إنه يجب عمل مفارقة بين كمية ميله التي تجري في المياه الأوروبية والمياه الافريقية،
حيث ان المياه الأوروبية تأتي دائما من تساقط وذوبان الثلوج مثل نهر الراين ، وفي ظل التغيرات المناخية التي تحدث الان تصبح كمية الثلوج اقل ، مشيراً الى ان ذلك يقلل من تراكم الثلوج وبالتالي يقل منسوب مياه الأنهار، حتى في نهر التايمز في إنجلترا جف منبعه بسبب الثلوج أيضاً .
افريقيا غير مهددة بالجفاف
واكد الدكتور علاء النهري ان في قارة افريقيا وارد مياه الأنهار يزيد على عكس أوروبا ، نظراً لان المورد المائي في أوروبا هو الثلوج والتي تتأثر بالتغيرات المناخي، اما في افريقيا فإن ارتفاع درجات الحرارة بها درجة او اثنين لن يؤثر على مورد المياه به بل ستزيد الكمية أيضا.
واختتم قائلاً ان نهر النيل لم يتأثر بارتفاع درجات الحرارة باي شكل بل من المتوقع ان يزداد الإيراد المائي في الفترات المقبلة.
ومن جانبه قال عباس شرافي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن هناك بالفعل بعض الأنهار في أوروبا تعرضت للجفاف وقلة في الامطار وفي بعض الأماكن أيضا في أمريكا، ولكن هناك بعض المناطق الأخرى بها امطار شديدة وسيول فبالتالي هذا ليس تغير مناخ لان تغير المناخ هو تغير دائم
وأوضح شراقي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه اذا وجدنا الأنهار تجف كل عام ، اذن هذا ما يسمى بالتغير المناخي لكن اذا لم يحدث ذلك فهي مجرد تقلبات او موجات .
تغيرات المناخ في مصر
وأضاف ان في مصر في منطقة الصحراء وسيناء والتي ليس بها امطار معظم العام، فهذا لان التغير المناخي حدث من الالاف السنين وأصبحت جافة و هذا ما يسمى تغير مناخي.
وذكر ان ما نراه في نهر النيل انه يوجد هناك سنوات مطيرة وفيضانات ، وسنوات أخرى جافة وهو ما يطلق عليها السنوات العجاف وبالتالي هذا يسمى تغيرات وتقلبات مناخية وليس جفاف.
كما اكد عباس شراقي في تصريحات ل صدى البلد ان مصر أرسلت ٦ طائرات بها أدوات الإغاثة للسودان بسبب تأثر الناس بالفيضانات والسيول .
واختتم كلامه وقال ان استخدام السكان لمياه الأنهار بشكل خاطئ يمكن ان يزيد من تفاقم ازمة جفاف الأنهار، مشيراً الى ان الزيادة السكانية سبب من ضمن الأسباب أيضاً .