الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر الدولية 2022.. ننشر فصلا من رواية إيلينا تعرف

صدى البلد

خلال العام الحالي صدر عن دار العربي للنشر رواية "إيلينا تعرف"، للكاتبة كلاوديا بينيرو، والتي وصلت روايتها للقائمة القصيرة لجوائز البوكر الدولية عام 2022.


واستمرارًا للدور الذي يلعبه "صدى البلد" لنشر الوعي والثقافة، ننشر فصلًا من هذه الرواية وذلك بالاتفاق مع دار العربي للنشر والتوزيع.
 

 

فصل الرواية

 

"يفهمها الآن، تلك التي عاشت بجواره لعدة سنوات. كانت محبوبة، ولكن لم يفهمها أحد.لا تشعر بأنك قريب من شخص حقًا حتى يموت ذلك الشخص ويصبح بداخلك بالفعل".

                           "توماس برنهارت"، "جارجويل"

 

"حتى المبنى الخرساني ليس سوى بيت من ورق، ينتظر فقط هبة الريح المناسبة".

 

"توماس برنهارت"، "الغابة كبيرة، وكذلك الظلام"

 

 

الصباح

(الحبة الثانية)

 

1

 

 

تكمن الحيلة في أن ترفع القدم اليمنى بضعة سنتيمترات فقط فوق الأرض، ثم تحركها إلى الأمام في الهواء بما يكفي لتتجاوز القدم اليسرى. عندما تصل إلى أقصى ارتفاع ممكن، تنزلها.تفكر "إيلينا" أن هذا هو كل ما في الأمر. ورغم أن مخها يأمرها بالحركة، فإن قدمها اليمنى لا تتحرك.لا ترتفع لأعلى،ولا تتحرك إلى الأمام في الهواء، ولا تعود لأسفل مرة أخرى. الأمر في غاية البساطة. لكنه لا يحدث. 

لذلك، "إيلينا" تجلس وتنتظرفي مطبخها. عليها أن تستقل القطار إلى المدينة في الساعة العاشرة. القطار الذي يليه سيأتي في الساعة الحادية عشرة، لكن هذا غير مناسب، فقد تناولت الحبة في الساعة التاسعة، لذلك تظن - بل متأكدة - أن عليها أن تأخذ قطار الساعة العاشرة فور أن يتمكن الدواء من إقناع جسدها باتباع أوامر مخها. لن يصلح قطار الساعة الحادية عشرة، لأنه بحلول ذلك الوقت سيكون تأثير الدواء قد تلاشى واختفى تقريبًا. عندها ستعود إلى ما هي عليه الآن، ولكن دون أي أمل في أن يكون لدواء "ليفودوبا" أي مفعول.

 "ليفودوبا" هو اسم المادة الكيميائية التي ستبدأ الانتشار في جسدها بمجرد أن تذوب الحبة. أصبح الاسم مألوفًا لها منذ فترة.. "ليفودوبا"، هذا ما قاله الطبيب وكتبته على ورقة لأنها تعلم أنها لن تفهم خط الطبيب.إنها تعرف أن "ليفودوبا" يتحرك في جسدها.كل ما يمكنها فعله الآن هو الانتظار.

من الذاكرة، تبدأ في عد الشوارع وتذكُّر أسمائها، من الأول إلى الأخير ومن الأخير إلى الأول:

"لوبو"، "مورينو"، "25 مايو"، "ميتري"، "روكا".

"روكا"، "ميتري"، "25 مايو"، "مورينو"، "لوبو".. "ليفودوبا". 

إنها على بعد خمسة شوارع فقط من محطة القطار، وتفكر في أنها ليست بعيدة إلى هذا الحد. تستمر في تلاوة أسماء الشوارع وكأنها في صلاة، وتستمر في الانتظار. 

خمسة. 

لا تستطيع إعادة ترتيب هذه الشوارع الخمسة ولكن يمكنها تكرار أسمائها في صمت.

تتمنى ألا تقابل أي شخص تعرفه اليوم. لا تريد أن يسألها أحد عن صحتها أو يعزيها تعزية متأخرة في وفاة ابنتها.كل يوم يظهر شخص جديد لم يستطع حضور الصلاة أو الدفن. أو لم يجرؤ على الحضور، أو لم يُرِد الحضور. عندما يموت شخص مثل "ريتا"، يشعر الجميع بأنهم مدعوون إلى الجنازة. هذا هو السبب في أن موعد الساعة العاشرة صباحًا أسوأ وقت، كما تعتقد، لأنها حتى تصل إلى المحطة، عليها أن تمر بجوار البنك، واليوم هو يوم قبض المعاشات، لذلك من المحتمل جدًا أن تقابل جارًا، أو أي شخص آخر، أو عدة أشخاص. 

رغم أن البنك لا يفتح إلا الساعة العاشرة، وهو الوقت نفسه بالضبط الذي سيصل فيه قطارها إلى المحطة وستكون هى هناك، جاهزة للصعود، والتذكرة في يدها. لكن، قبل ذلك، "إيلينا" تعرف أنه سيتعين عليها اجتياز صف أصحاب المعاشات خارج البنك. يقفون وكأنهم يخافون أن ينفد المال، لذلك يفضلون الوصول إلى هناك مبكرًا. يمكنها تجنب المرور من أمام البنك إذا سارت حول المبنى، لكنه شيء لا يسمح به مرض "باركنسون".. هذا هو اسمه.

"إيلينا" تعرف أنها لم تعد تتحكم في بعض أجزاء جسدها منذ فترة. قدمها على سبيل المثال هي المسؤولة عنها، أم هل عليها أن تشير إليه بـ"هي"؟ تتساءل عما إذا كان مرض "باركنسون" مذكرًا أم مؤنثًا، مع أن الاسم يبدو ذكوريًا، فإنه لا يزال علة، والعلة مؤنثة، تمامًا مثل المصيبة أو النقمة. لهذا السبب تعتقد أنها يجب أن تتعامل معها على أنها مؤنثة، لأنها عندما تفكر في الأمر، تفكر في "تلك العلة اللعينة، العاهرة". والعاهرة مؤنثة، وليست مذكرًا. إذا سامحتني "هي" على لغتي البذيئة.

شرح لها الدكتور "بينجاس" عدة مرات، لكنها ما زالت لا تفهم. إنها تفهم ما لديها لأنه داخل جسدها، لكنها لا تفهم بعض الكلمات التي يستخدمها الطبيب. كانت "ريتا" معها عندما شرح لها المرض لأول مرة. "ريتا"، التي ماتت الآن. أخبرهما أن مرض "باركنسون" هو تدهور في خلايا الجهاز العصبي. وقد كرهت هي وابنتها تلك الكلمة، تدهور.

لا بد أن الدكتور "بينجاس" قد لاحظ ذلك لأنه حاول بسرعة أن يشرح قائلًا:

- مرض بالجهاز العصبي المركزي يؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية، أو تحورها، أو تغييرها، أو تعديلها، بحيث تتوقف عن إنتاج "الدوبامين".

 ثم عرفت "إيلينا" أنه عندما يأمر مخها قدمها بالتحرك، على سبيل المثال، فإن الأمر سيصل إلى قدمها، لكن فقط إذا أخذه "الدوبامين" إلى هناك، مثل المرسال، كما فكرت في ذلك اليوم. أي أنها ممثلة لمرض "باركنسون"، و"الدوبامين" هو المرسال.

فكرت أن مخها يُعتبر لا شيء، لأن قدمها لا تستمع إليه الآن، مثل الملك المخلوع الذي لا يدرك أنه لم يعد مسؤولًا بعد الآن. أو قصة الإمبراطور الذي خرج أمام شعبه دون ملابس. تلك القصة التي اعتادت أن تحكيها لـ"ريتا" عندما كانت صغيرة. الملك المخلوع، والإمبراطور الأحمق. والآن أصبح هناك: هي.. "العلة". ليست "إيلينا".. ولكن مرضها، والمرسال، والملك المخلوع. 

تكرر "إيلينا" الأسماء مثلما تكرر أسماء الشوارع التي يجب أن تمر بها للوصول إلى المحطة. الأسماء ترافقها في أثناء انتظارها. من الأول إلى الأخير ومن الأخير إلى الأول. إنها لا تحب عبارة "إمبراطور دون ملابس" لأن ذلك يعني أنه عارٍ. تفضل الملك المخلوع. تنتظر، وتكرر، تقسمهم إلى أزواج: العلة والمرسال، المرسال والملك، الملك والعلة. حاولت تحريك قدمها مرة أخرى، لكنها لا تزال غريبة عنها، ليست عاصية فحسب، بل صماء. قدم صماء. كم تحب "إيلينا" أن تصيح فيها: "تحركي يا قدمي، أسرعي، اللعنة!". أن تصرخ: "تحركي وأسرعي، اللعنة!". لكنها تعلم أن ذلك بلا فائدة، لأن قدمها لن تستمع إلى صوتها أيضًا.

لذلك هي لا تصرخ، إنها تنتظر. تتلو أسماء الشوارع والملوك، ثم الشوارع مرة أخرى. تضيف كلمات جديدة إلى صلاتها: "الدوبامين"، "ليفودوبا". تفترض أن الرابط بين كلمتي "دوبامين "و"ليفودوبا" هو مقطع "دوبا"، يجب أن تكونا مرتبطتين، لكنها تخمن فقط، هي لا تعرف على وجه اليقين. تتلو الكلمات وتلعب بها وتترك لسانها يلتوي وتنتظر ولا تهتم. لا تهتم إلا بمرور الوقت وأن تذوب الحبة وتتحرك عبر جسدها إلى قدميها اللتين ستحصلان أخيرًا على رسالة تفيد بأنه يتعين عليهما البدء في التحرك.

إنها متوترة، وهذا ليس جيدًا، لأنها عندما تُصاب بالتوتر فإن الدواء يستغرق وقتًا أطول في الإتيان بمفعوله. لكنها لا تستطيع أن تفعل أي شيء حيال ذلك. اليوم ستلعب الورقة الأخيرة، ستحاول معرفة من قتل ابنتها. ستتحدث إلى الشخص الوحيد في العالم الذي تعتقد أنها يمكن أن تقنعه بمساعدتها. هناك ديْن قديم، شيء يكاد أن يُنسى. سوف تستدعي هذا الديْن، رغم أنه إذا كانت "ريتا" بقيد الحياة، فإنها لن توافق. 

- الحياة ليست سوق مقايضة يا أمي، بعض الأشياء تتم لأنها مشيئة الله. 

لن يكون الأمر سهلًا، لكنها ستحاول.

"إيزابيل" هو اسم المرأة التي تبحث عنها. إنها غير متأكدة من أن "إيزابيل" ستتذكرها. في الأغلب لا، سوف تتذكر "ريتا"، لأنها ظلت ترسل لها بطاقة عيد الميلاد كل عام.

ربما لم تعلم بوفاة "ريتا". ربما لم يخبرها أحد، أو لم تقرأ النعي الذي نشرته إدارة المدرسة الكاثوليكية، التي عملت فيها "ريتا"، بعد يومين من الدفن، يعبرون فيه عن حزن الإدارة والموظفين والطلاب جميعًا على رحيلها المفاجئ. إذا لم تجد "إيزابيل" اليوم، فمن شبه المؤكد أنها سترسل بطاقة أخرى في ديسمبر المقبل، موجهة إلى امرأة ميتة، تتمنى لها عيد ميلاد مجيدًا وسنة جديدة سعيدة.

إنها ستتذكر "ريتا" بالتأكيد، لكن هي، "إيلينا"، ربما لن تتذكرها. وحتى لو تذكرتها فلن تتعرف عليها بعد أن أصبحت محاصرة، منحنية، داخل جسد متدهور لا يتناسب مع عمرها. 

عندما تواجه "إيزابيل"، ستكون مهمة "إيلينا" هي شرح من هي، ولماذا هي هنا. ستخبرها عن "ريتا"، وعن وفاتها. أو بالأحرى ستخبرها بالقليل الذي تفهمه من كل ما قالوه لها. تعرف "إيلينا" أين تجد "إيزابيل"، لكنها لا تعرف كيف تصل إلى هناك، رغم أنها ذهبت إلى هناك منذ عشرين عامًا مع "ريتا". إذا وافاها الحظ، أو إذا لم تنتقل "إيزابيل" للسكن في مكان آخر، أو إذا لم تمت مثل ابنتها، فستجدها هناك، في ذلك المنزل القديم في منطقة "بلجرانو". المنزل الذي له باب خشبي ثقيل بإطار برونزي، بجانب بعض عيادات الأطباء.

إنها لا تتذكر اسم الشارع، لو استطاعت فقط أن تتذكر السؤال الذي طرحته عليها ابنتها في ذلك اليوم: "هل سمعتِ يومًا بشارع اسمه "جندي الاستقلال" يا أمي؟"، لتذكرته، لكنهاستعرفه قريبًا، لأنها تتذكر أنه يقع على بعد شارع أو اثنين من ذلك الشارع الذي يمتد بطول حافة بوينس آيرس من محطة "ريتيرو" إلى طريق "جنرال باز" السريع، بالقرب من ميدان صغير بجانب خط القطار. لم تشاهدا القطار، لكنهما سمعتا أنه يمر، وسألت "ريتا" عن هذا الخط. لكن "إيزابيل" لم تجب، لأنها كانت تبكي بشدة.

لتعرف كيف تصل إلى هناك، للمرة الثانية بعد ما يقرب من عشرين عامًا، ذهبت "إيلينا" إلى موقف سيارات الأجرة الذي افتُتح منذ عدة سنوات على ناصية شارعها، ليحل محل المخبز الذي كانت "إيلينا" تشتري منه الخبز كل يوم منذ انتقالها إلى هذا الحي بوصفها عروسًا جديدة، حتى اختفى المخبز ذات يوم وظهر موقف السيارات. لم يعرف السائق، وقال:

- إنني جديد هنا.

اعتذر وسأل مديره، كرر كلمات "إيلينا": 

- ما اسم الشارع الكبير الذي يمتد بطول حافة بوينس آيرس، من "ريتيرو" إلى "جنرال باز"، بالقرب من خط القطار؟ 

أجاب مديره: 

- "ليبرتادور".

قالت "إيلينا":

- نعم، هذا هو، "ليبرتادور".

بمجرد أن قال ذلك، تذكرت، وأخبرتهما أنه يتعين عليها الذهاب إلى "بلجرانو"، إلى ميدان صغير. رد سائق آخر عاد لتوه من رحلة:

- ميدان "أوييروس".

قالت "إيلينا" إنها لا تعرف الاسم. كرر الرجل بثقة:

- "أوييروس".

لكنها لم تتذكر اسم الشارع، فقط الباب الخشبي والإطار البرونزي، و"إيزابيل" وزوجها.. قليلًا جدًا عن زوجها.

- هل نأخذك إلى هناك؟

سألها المدير، وقالت "إيلينا":

- لا.

إنها رحلة طويلة، ونفقات باهظة، ستذهب بالقطار، وإذا لزم الأمر، ولم تستطع القيام بذلك بمفردها وشَعَر جسدها بالتعب خلال رحلة القطار، ستستقل سيارة أجرة بالقرب من "كونستيتثيون". عرض عليها المدير: 

- سنقدم لك سعرًا خاصًا. 

ولكنها أصرت:

- لا، شكرًا لك. 

- يمكنك الدفع لاحقًا. 

قالت "إيلينا":

- سآخذ القطار، أنا لا أحب الديون.

لم ينجحوا في أن يغيروا رأيها. 

- لا توجد محطة قطار بالقرب من هناك يا سيدتي.

قال أحد السائقين مضيفًا أن أقرب محطة هي "كارانزا":

- ولكن من هناك سيتعين عليك المشي ما يقرب من عشرة شوارع.

أضاف:

- إذا ذهبتِ بسيارة أجرة، فاحرصي على عدم السماح لهم بأخذك في جولة أطول من اللازم. أخبري السائق أن يتجه مباشرة إلى شارع "9 يوليو"، ثم إلى "ليبرتادور"، ومن هناك مباشرة إلى ميدان "أوييروس".

صحح له السائق الذي يعرف الطريق: 

- حسنًا، لا، لأن "ليبرتادور" يؤدي إلى شارع "فيجيروا ألكورتا"، قبل القبة السماوية. سيتعين عليه توخي الحذر والانعطاف إلى اليسار، نحو النصب التذكاري الإسباني، ثم يعود مجددًا إلى "ليبرتادور" من هناك.

أضاف المدير:

- أو إلى ميدان "باليرمو إيبودروم". لكن لا تدعيهم يأخذونك في جولة أطول من اللازم. هل أنت متأكدة من أنك لا تريدين منا أن نوصلك؟

غادرت "إيلينا" دون أن تجيب، لأنها أجابت بالفعل على هذا السؤال، وكان الأمر مجهدًا لها بالفعل أن تضطر الإجابة على كل شيء مرتين.

شارع "كونستيتثيون"، "9 يوليو"، "ليبرتادور"، "فيجيروا ألكورتا"، القبة السماوية، النصب التذكاري الإسباني، "ليبرتادور"، "أوييروس"، باب خشبي، إطارات برونزية، باب، " أوييروس"، "ليبرتادور"، "9 يوليو"، "كونستيتثيون".

 من الأخير إلى الأول، ومن الأول إلى الأخير.

 إنها لا تعرف في أي نقطة من الصلاة يجب أن تضيف اسم ميدان "باليرمو إيبودروم". 

إنها تنتظر، تعد الشوارع مرة أخرى. خمسة شوارع إلى المحطة، وبعد ذلك لا تعرف الكثير، أو لا تتذكره، لأنه ليس أمامها خيار آخر.

 

ملك بلا تاج.هي. من مكانها وهي جالسة، تحاول رفع قدمها اليمنى في الهواء، تستجيب القدم الآن للرسالة وترتفع. إنها جاهزة، تعلم ذلك. تضع راحتيها على فخذيها وهي جالسة، وتضم قدميها معًا بحيث تصبح ركبتاها مستقرتين على زاوية تسعين درجة، ثم تضع يدها اليمنى على كتفها اليسرى ويدها اليسرى على كتفها اليمنى، وتبدأ في التأرجح إلى الخلف والأمام ثم تقف بقوة الاندفاع. هذه هي الطريقة التي علمها لها الدكتور "بينيجاس" للوقوف، وهي تعلم أن الأمر أصعب بهذه الطريقة، لكنها تحاول قدر المستطاع. تتدرب، لأنها تريد أن تكون قادرة على القيام بذلك في الفحص الطبي القادم.

تريد أن تترك انطباعًا جيدًا لدى الدكتور "بينيجاس"، وتريه أنها تستطيع القيام بذلك، رغم الأشياء التي قالها لها خلال موعدها الأخير، قبل أسبوعين من العثور على "ريتا" ميتة. تقف أمام الكرسي، ترفع قدمها اليمنى في الهواء، بضعة سنتيمترات فقط، وتحركها إلى الأمام حتى تتخطى القدم اليسرى بدرجة كافية بحيث يمكن أن نسمي هذه الحركة خطوة، ثم تنزلها على الأرض، والآن حان دور القدم اليسرى لتفعل الشيء نفسه، الشيء نفسه تمامًا. ترفعها صعودًا في الهواء، ثم لأسفل. فوق، إلى الأمام، لأسفل. هذا كل ما في الأمر. لا شيء أكثر من ذلك. مجرد المشي للوصول إلى قطار الساعة العاشرة.